القدّيس كيرللس
تيتّم القدّيس كيرللس في سنّ العاشرة. استقرّ عند عمّين له، أحدهما كان قد اقتبل الدين الإسلاميّ، هذا جعله لدى إسكافي تركيّ ليتتلمّذ عليه. فلكي يجتنب تأثير معلّمه السيئ، وبعدما انتصح برأي عمّه الثاني الذي بقي امينًا للإيمان الحقّ، انضمّ إلى رهبان آثوسيّين قدموا إلى تسالونيكي ولجأ إلى الجبل المقدّس. صار راهبًا في دير الخيلندار، لكن بما أنّ القواعد الرهبانيّة تمنع إقامة حدث دون الرابعة عشرة في الأديرة فقد أُرسل إلى أحد البيوت التابعة للدير، هناك عاش في طاعة كاملة. بعد ثماني سنوات زار عمّه في تسالونيكي وأخبره كيف عاش خلال السنوات المنصرمة. وفيما كان يستعدّ للإقلاع إلى الجبل، وهو يتحدّث إلى ابن عمّه، التقى عمّه الثاني، فلمّا رآه أهاج الجمع، وقبض عليه واستيق إلى أمام القاضي. حاول هذا بالحسنى أن يجعله يكفر بمسيحه، فلمّا أخفق أمر بإلقائه في السجن مؤجِّلاً الحكم عليه إلى الغد، فلمّا استجوب من جديد أُدين بالحرق حيًّا في السادس من تموز في العام 1566م. فلمّا جيء به إلى ميدان سباق الخيل بالقرب من كنيسة القدّيس قسطنطين حيث كانت المحرقة معدّة، رفع يديه نحو السماء وشكر الربّ وصلّى أن تلتهمه ألسنة اللهب بسرعة وترسله إليه. بذل والي المدينة محاولة أخيرة معه واعدًا إياه بأحصنة وثياب وهدايا أخرى إذا كفر بإيمانه. فلمّا أبدى تمسّكًا فائقًا بمسيحه اُلقي في النار المحمّاة واستشهد في الربّ.
القدّيسة الشهيدة لوسيا والشهيد ريكسوس وآخرون
كانت لوسيا مسيحية فأوقفها النائب الملكي ريكسوس وأراد إجبارها على التضحية للأوثان. قاومته بضراوة حتى تمكّنت من هدايته إلى الإيمان. أكرم ريكسوس قدّيسة الله وجعلها في بيت هادىء تنصرف إلى الصوم والصلاة. غادر ريكسوس كل ما له وخرج ولوسيا مبشرّين بالإنجيل في كامبانيا. جرى إيقافهما فاعترفا بالمسيح. ثمّ، بعد أخذ ورد، تمّ قطع رأسيهما مع أربعة وعشرين مسيحيا آخرين: أناتوليوس وأنطونينوس ولوسيا ونياس وسيرينوس وديودوروس وذيون وأبولونيوس وأباموس وبابيانوس وكوتيوس وأورويونوس وبابيكوس وساتيروس وفيكتور وإيريناوس وثيودوروس وديونيسيوس وبرونيكوس وخمسة شهداء آخرين. ولوسيا المعيّد لها اليوم هي إياها المعيّد لها في الغرب باسم لوسيا الرومية في 25 حزيران.
القدّيس البار سيسوي الكبير
يُقال لـه ساسين بالسريانيـة. هذا كان راهبا في صحراء الإسقيط حيث عاش انطونيوس في مصر، وبقي هناك 72 سنـة، ولما سألـه احد الإخوة اذا كان بلغ قامة انطونيوس أجابـه: “لو كانت لي فكرة واحدة مثل انطونيوس لصرت وكأني من نار”. ذلك ان المؤمن الكبير يطفئ نار شهواتـه ليلتهب بنار المحبة الإلهية فيه، تلك التي تجعله مستقلا عن كل شيء وكل انسان، وبهذا الاستقلال يخدم كل انسان.
وفيما كان يمشي على الجبل رأى صيادا آتيا من سيناء، فدخل الشيـخ الى صومعتـه وقرع صدره وقال في نفسه: “انـكَ ظننتَ نفسكَ قمتَ بشيء، ولكنك مع ذلك لم تبلغ مستوى هذا العلماني” ان الإغراء الذي يتعرض لـه مَن حقق فضائل كثيرة أن يرى نفسه فوق جميع الناس، الكبرياء خطيئة منتشرة في كل مكان، ولكنها تهدد الرهبان بخاصة والذين قضوا ردحا من الزمان في خدمـة المسيـح، يحسبون انهم اذا تغلّبـوا على شهوة الجسد يصيرون كاملين، لا يكونون بالضرورة قد انسلخوا عن الأنا، ألاّ يعيشَ احدُنا في أنانيتـه إطلاقا لا يحصل لأحد.
سيسوي لم يعتقـد انـه وصل، نستشـف هـذا مـن هـذه الحادثـة، فقد شعر بأنـه أكمـل مسيرتـه على الأرض، فتحـلَّقَ حـولـه الآباء، فسطع وجهه امامهم كالشمس، فقال لـهم: “هـا انطونيوس يأتي”، وبـعد هـذا: “هـوذا جوق الأنبياء” ثم ازداد وجهه سطوعا فقال: “هـذا هـو جوق الرسل” ثم استنار وجهـه وبدا كأنـه يكلـم شخصا غير منظـور، ولما سألـوه عمن يخاطبه اجاب: “هـؤلاء هم الملائكـة الـذي يأتون ليأخذوني، وأُلحُّ عليهم ان يتركوني لأتـوب قليلا” فأجابه الشيوخ: “لم تبـق في حاجة الى تـوبة يا أبانا”،
اذ ذاك أجابهم وهـو يبكي: “في الحقيقة لا أعي اني وصلتُ الـى البدء” فتعـجب الآباء مـن هـذا التـواضع وفهمـوا انـه بلغ الكمال. فجأة صار وجهه اسطع مـن الشمس حتى خافوا، فأخذ سيسوي يتمتـم: “انظروا، الرب آت ويقول: اعطوني إناء الصحراء” اي هذا الذي اخترتُه وجعلتُ نفسي فيـه.
بعد هذه الكلمات استودع نفسَه يدي الرب، فكان شبه برق في الصومعــة، وامتلأ المكان رائحـة زكيـة، عندما تكون جثةٌ على هذه الرائحة نعتبر ذلك علامة قداسـة، اللـه معطيـها.
عندما يقول عملاق مـن عمالقـة الـبِرّ انـه ليس بشيء لأنـه لم يبدأ توبتـه يكون مبصرا اللـه فقط وغير مبصر شيئاً صالحاً فـي نفسه، لن اتكلم عـن الضعفاء الـذين يحسبـون ان مالـهم شيء وان مكانتـهم الاجتماعيـة شيء او جمالـهم او علمـهـم على درجـة أعلى، يظـن الـذين بلغـوا فضيـلة انـهم اقرباء مـن اللـه ولكن مـن يعرف ان ما يبدو في عينيه حسنـة هـو كذلك عند اللـه. التعلق بمزايانا على اننا اكتسبناها بجهدنا هـذا من الضلالة بمكان، مـن رأى فـي نفسه التماعا روحيا ينبغي ان يأخذ مسافة من ذلك لأنه قد يكـون في وهـم، الله وحده يعـرف إن كان لك عنـده مكانـة لأنه وحده “يفحـص القلـوب والكلى بعدل”.
انت عليك ان تفحص قلبك لئلا تتدهـور، قد لا تجد فيك سـوءا ولكن الله وحده يعـرف الأعماق، أَسْلِمْ لـه نفسَكَ لكونـه رحيما، واتكلْ على خلاص ينزل عليك من فوق وانت فقير اليه، اذكر ان الأقوياء في المسيح مخفيـّون عن انفسهم ولا يذكرون شيئـا من مزاياهم.
عن هذا علَّمَنا القديس سيسوي الشيء الكثير.
الطروباريّة للقديسة
نعجتك يا يسوع تصرخ نحوك بصوت عظيم قائلة :يا ختني إني اشتاق إليك وأجاهد طالبة إياك، وأصلب وادفن معك بمعموديتك وأتألم لأجلك حتى أملك معك وأموت معك لكي أحيا بك، لكن كذبيحة بلا عيب تقبّل الّتي بشوق قد ذبحت لك ، فبشفاعاتها بما أنك رحيم خلّص نفوسنا
للقديس سيسوي
ظهرت في البرّية مستوطناً، وبالجسم ملاكاً، وللعجائب صانعاً، وبالأصوام والأسهار والصلوات تقبّلت المواهب السماويّة، فأنت تشفي السقماءَ ونفوس المبادرين إليك بإيمان، يا أبانا المتوشّح بالله سيسوي. فالمجد لمن وهبك القوّة، ألمجد للذي توّجك، ألمجد للفاعل بك الأشفية للجميع.