عيد التجلّي
بعد ان أنبأ يسوع اول مرة بآلامه وموته وقيامته علّم تلاميذه عما يطلب منهم: “من اراد ان يتبعني فلينكر نفسه ويتبعني” بعد هذا بستة أيام كما ورد عند متى ومرقس تجلى امامهم. اما لوقا فيقول ان هذا حدث له ”
بعد هذا الكلام بنحو ثمانية ايام”. لماذا هذا الفرق؟ هنا لا بد ان نعرف ان رقم 8 رقم رمزي لا رقم تاريخي ويدل على الحياة الأبدية, رقم لاهوتي أراد به لوقا ان يوحي ان حادثة التجلي كشف مسبق، مؤقت لقيامة السيد التي تدشّن حياتنا في الملكوت.
لوقا ينفرد عمن قبله من الإنجيليين ليقول ان السيد صعد الى الجبل ليصلي. وبينما هو يصلي “تبدل منظر وجهه”. الصلاة التي جعلت الرب يتصل بالآب كانت السبب لتبدل منظر وجه المسيح. التحول المحسوس كان في جسده وكان في ثيابه التي “تلألأت ناصعة البياض”. تلألأت كالنور يقول متى او كالبرق، يقول مرقس. الانجيليون الثلاثة يؤكدون ان ايليا وموسى ظهرا له يكلمانه. ينفرد لوقا بقوله انهما تراءيا في المجد فإنهما قد عادا الى الله بطريقة غامضة. فعن موسى قال الكتاب ان الله دفنه ” ولم يعرف احد قبره الى يومنا هذا” ( تثنية الإشتراع 34: 6 ). وفي الفكر اليهودي اللاحق انه أصعد الى السماء. وعن ايليا انه “صعد في العاصفة نحو السماء” (2 ملوك ك 2: 11 ). تراءيا ليسوع في وضع سماوي كانا قد صارا اليه.
وحده لوقا يحدثنا عن مضمون الحديث الذى جرى بين الثلاثة: “اخذا يتكلمان عن خروجه من اورشليم” اي آلامه. يسوع وحده كان المجد معه كاملا منذ الآن قبل قيامته فلما نظر اليه التلاميذ عاينوا مجده. وعند ظهوره في هذا النور للنبيين “ظهر غمام ظللهم ودخلوا في الغمام”. السحابة هذه كانت ترافق العبرانيين عند خروجهم من مصر وكانت رمزا للحضرة الالهية التي كانت تسير مع هذا الشعب في صحراء سينا حسبما ورد في سفر الخروج: “لم يستطع موسى ان يدخل خيمة الموعد ( او مضرب الشهادة ) لان الغمام كان حالا عليه ومجد الرب قد ملأ المسكن. غير ان موسى رأى المجد ظاهرا على جبل ثابور في شخص المسيح ودخل موسى في المجد حقيقة للمرة الاولى. ” ورأينا مجده مجد وحيد الآب” ( يوحنا 1: 14).
نلاحظ ان حديث موسى وايليا مع السيد عن آلامه يرافق ظهور المجد على جسد يسوع وكأن المعنى المقصود ان آلام الرب كانت طريقه الى المجد. عندنا على الجبل حادثة نور يسطع وخلال انكشاف النور يدور الحديث عن موت المعلم. هذا الموت اذاًكان طريق يسوع الى القيامة. آلام السيد تقوده الى مجده والمجد المكشوف على جبل التجلي هو اياه الذي سيصير المسيح اليه اذا مات.التجلي بطريقته ينبىء عن تلازم الصليب والقيامة. فإذا سطع النور في المسيح البازغ من القبر يذهب اليه اهل العهد القديم ويتقدسون به ويجدون فيه ملء مقاصدهم. انت لا تفهمهم الا من خلال المسيح الظافر.
هناك أمور لا بد من ملاحظتها:
أولا- لم يأت ِيوحنا على ذكر هذه الحادثة. لماذا؟ لأن كل إنجيله حديث عن لاهوت المسيح. كلّه تجليات وكأنك تلتقط أنت التجلي خلال كل الإنجيل الرابع.
ثانيا – لماذا يصطحب السيد بطرس ويوحنا ويعقوب؟ يبدو انهم كانوا المقربين. ثنائية بطرس والتلميذ الحبيب واضحة في إنجيل يوحنا. فإليهما تذهب المجدلية بعد أن رأت الحجر قد أُزيل عن القبر. ووحدهما يدخلان القبر وفي ذكرهما معا ينتهي الانجيل الرابع. انه يصطحب الثلاثة الى بستان الزيتون اذ أراد قبل ان يعاينوا آلامه المعنوية هناك ان يروا في ثابور المجد الذي كان متجلببا به. وكان الرب اصطحبهم الى دار رئيس المجمع الذي أحيا ابنته ( مرقس 5: 37). ارادهم شهودا لأعماله.
ثالثا – لماذا أظهر الله موسى وايليا؟ لا يكفي ان نقول ان الأول يمثل الشريعة بامتياز وان الثاني مثل النبؤة. الإطار إطار مجد المسيح. والنبيان عاينا قديما لا المجد بل صورة عن المجد. التمسه كلاهما على جبل سيناء. فهناك كان الرب يكلّم موسى وجها لوجه ” كما نتلو في القراءة الثانية في عيد التجلي عند صلاة الغروب”. هناك قال موسى للرب:” ارني مجدك, قال انا اجتاز قدامك بوجهي….. اما وجهي فلا تستطيع ان تراه لأنه لا يرى انسان وجهي ويعيش”. ثم يقول الكتاب:” هبط الرب في الغمام”، في رمز اذ لم تكن هناك رؤية. رؤية موسى للرب حصلت في ثابور. أرجئت رؤية موسى للرب من كشف سيناء الى كشف ثابور. يسوع تاليا هو الإله الذي اشتهى موسى ان يراه.
كذلك ايليا. يقول له الرب:” قف على الجبل امام الرب” ( القراءة الثالثة في غروب العيد) فإذا الرب عبر وريح عظيمة وشديدة تصدع الجبال… ولم يكْن الرب في الريح. وبعد الريح زلزلة ولم يكن الرب في الزلزلة. وبعد الزلزلة نار ولم يكن الرب في النار. وبعد النار صوت نسيم لطيف. وهناك كان الرب”. اي ان النسيم اللطيف دلّ عليه. هذا حضور رمزي. في ثابور للمرة الاولى ايليا يشاهد الرب.
عندما شاهد هذان والتلاميذ الرب ماذا شاهدوا؟ ما هذا الذي حدث ليسوع؟ الأناجيل توضح ان هذا النور لم يكن نورا حسيا. هنا يقول آباؤنا وعلى رأسهم القديس غريغوريوس التسالونيكي (بالاماس ) ان هذا هو ضياء الطبيعة الإلهية. هذا هو النور غير المخلوق الذي كان كامنا في السيد وأخفاه في ناسوته عند التجسد لما اتخذ صورة عبد. اذ لما اراد الابن ان يعايش البشر كان لا بد له ان يظهر مثلهم انسانا متواضعا لا مجد فيه. ولكن التجسد ما ألغى المجد الكامن في يسوع. كشفه لحظات كما كان فيه. لم يصطنع السيد نورا جديدا. لم يتحول غير انه مكّن التلاميذ والنبيين ان يبصروا. كان هذا تجليا بالنسبة اليهم. في الآلام انكشفت قوة مجده وهو يقيم في المجد الساطع من بعد القيامة وان أخفاه ايضا بعد القيامة ليتمكن من الحديث الى التلاميذ.
عيد السادس من آب شبه فصح قبل الموت. في الفولكلور الديني الذي لا ينبغي ان نحتقره لأنه يدل على إحساس الشعب نرى المؤمنين يستعملون النار والنور اسهما وشموعا في عيد القديس النبي ايليا وفي التجلي وعيد ارتفاع الصليب. ذلك ان هذه الأعياد واحدة في عمقها. فايليا عظمت اهميته من ظهوره على ثابور. والصليب طريقنا الى المجد والغلبة. الشعب نقل الى الفولكلور القناعات المجسمة في الطقوس الالهية.
الشهيدين يوستوس وباستور
كان يوستوس في الثالثة عشرة وباستور في السابعة.
لمّا علما بتدابير الحاكم داسيان، زمن الأمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس، في حقّ المسيحيّين طلّقا الكتب والدراسة واندفعا إلى حيث كان المسيحيّون يُعذّبون.تصرّفا على نحو لفت الأنظار. قُبض عليهما فاعترفا بالإيمان بالمسيح. جُلدا فشجّع أحدهما الآخر.
لم يذعنا لمشيئة الحاكم وصمدا في موقف تحدّ فجرى قطع رأسيهما سرًّا.
البار ثيوكتيستوس أسقف تشرنيكوف الروسي
ترهّب في لافرا مغاور كييف زمن رئاسة القدّيس ثيودوسيوس.
اختير سنة 1103 م، رئيسا للافرا فاستبانت فضائله في سياسة النفوس بتمييز كبير.
هو الذي أدخل اسم القدّيس ثيودوسيوس في الاحتفالات الليتورجية.
شهد عارفوه لحكمته وحسّه الرعائي.
صيّر أسقفا لتشرنيكوف.
رقد بسلام في الربّ سنة 1123 م.
الطروبارية
لما تجلّيت أيّها المسيح الإله في الجبل، أظهرت مجدَكَ للتلاميذ حسبما استطاعوا، فأَطلع لنا، نحن الخطأة، نورَكَ الأزليّ. بشفاعات والدة الإله، يا مانحَ النور، المجدُ لك.