البارة ثيودورة سِيهْلا الرومانيّة
أعلنت الكنيسة الرومانية قداسة القدّيسة ثيودورة في العام 1992م.
هي من قرية فيناتوري، في ناحية نيامتز في مولدافيا.
تزوّجت ولكن لم ترزق بأولاد، فقرّرا الترهّب. لبست الثوب الرهباني في إسقيط فارست في ناحية بوزو.
غزا الأتراك المنطقة وخرّبوا الدير. هربت وأمّها الروحيّة باييسيا إلى الجبل حيث جاهدت جهادًا بطوليًّا في شروط مناخيّة قاسية.
إثر وفاة باييسيا استقرّت ثيودورة في جبل سيهلا على مدى ثلاثين عامًا. منذ مطلع حياتها الرهبانيّة منَّ الربّ عليها بموهبة صلاة القلب. كانت تقضي لياليها في الصلاة ويداها إلى السماء إلى أن تضيء الشمس وجهها.
بلغ موضعها يومًا عدد من الراهبات لذن بالجبل هربًا من مذابح الأتراك. تركت لهنّ قلايتها وأقامت في إحدى المغاور مواصلة نسكها لا يدري بأمرا أحد ولا تبالي بحاجات الجسد وهجمات الأبالسة العاجزة. استحالت ثيابها أسمالاً بمرور الزمن وتقلّب الأحوال الجوّية.
اهتدى إليها راهبين ولاحظا قداستها فأطلعتهما على نمط حياتها وطلبت أن يرسل لها كاهن يحمل إليها القدسات. في اليوم التالي حضر الكاهن ومنحها جسد الربّ ومن ثم أسلمت الروح بسلام فيما فاح من جسدها عطر سماويّ.
انتشر خبرها بسرعة، ودفق المؤمنون على مغارتها. وحوالي العام 1830م، جرى نقل ما تبقّى من رفاتها إلى لافرا الكهوف في كييف. غير أن المواضع التي شهدت جهاداتها الطيّبة بقيت مقدّسة بالنعمة.
الشهيد البار ضومط الفارسيّ وتلميذاه
كان ضومط الفارسيّ (القرن الرابع للميلاد)، من عبدة النار، لما التقى بانسان مسيحيّ يكرز بالبشارة في بلاد ما بين النهرين، اسمه “ابروس” فاهتدى على يده وحاول هداية والديه فلم يفلح.
لما بلغ سن الرشد غادر موطنه إلى نصيبين، على الحدود، بين الأمبراطوريّة الرومانيّة والأمبراطوريّة الفارسيّة، وهناك اقتبل المعموديّة.
انضمّ، إلى أحد أديرة المدينة وانكبّ على دراسة الكتاب المقدّس. صارت له كلمة الله طعاماً وشراباً حتى استهان بتناول الطعام. حسده بعضهم واحتقروه. فلئلا يكون سبب عثرة وانقسام غادر الدير ليلاً. هاجمته كوكبة من الذئاب لم ينقذه منها غير الله الذي أخرجه من هناك إلى الطريق الرومانيّة عبر الصحراء السوريّة. انضمّ إلى مجموعة من المسيحيّين كانت متّجهة إلى مدينة ثيودوسيوس لإيداع تقدمات في دير القدّيس سرجيوس. نَذر ان يمسك عن الطعام إلى أن ينضمّ إلى شركة رهبانيّة. لذا حرص على ألا يختلط بالآخرين كلّما جلسوا للطعام. ظنوّه هرطوقيّاً أو سامريّاً، فلمّا أباح لهم سبب تصرفه عرضوا أن يأخذوه إلى دير القدّيس سرجيوس. وفي طريقه طرد بصلاته شيطان كان يريد أذيتهم. استقبله رئيس الدير وارتضى أن يضمّه إلى الشركة. اقتدى ضومط بمعلّمه في الصلاة والسيرة. وبعد 18 سنة من نزوله في الدير تشمّس. وفي خلال خدمته كان يعاين حمامة بيضاء ترفرف فوق الكأس المقدّسة. وخوفاً من توقيره فرّ من الدير وانضم إلى قافلة متّجهة نحو قورش فنزل إلى دير على اسم القدّيسين قوزما وداميانوس. هناك شفى مريضاً، بصلاته. فلمّا شاع هذا الأمر فرّ إلى موقع يبعد ثمانية أميال عن الدير حيث استقرّ على هضبة قاحلة محجّرة. بقي سنتين في عزلة كاملة يقتات من الأعشاب البريّة. فلمّا اكتشف الناس المؤمنون مكانه كانت قواه قد تدنّت فأقنعوه بالإنتقال إلى مغارة حفروها له في الصخر. لازم المكان سنين في الصلاة. كان يستقبل القادمين إليه ويشفي أدواءهم النفسيّة والجسديّة ويهدي العديد من الوثنيّين بتعليمه النيّر.
مرّ الأمبراطور يوليانوس الجاحد من هناك خلال حملته على الفرس الّتي قضى فيها سنة 363م. فوشى بالقدّيس عدد من الحساد، قالوا عنه إنّه دجّال يدّعي التكلّم باسم الله. لم يرق ليوليانوس أن يرى الناس يتدفّقون على رجل الله ويتأثرون به. فأرسل جنوده ليطلبوا من القدّيس أن يكف عن استقبال الشعب فلم يشأ أن يلبي طلب الأمبراطور ولا أن يحرم العباد البركة والعزاء. فأمر الأمبراطور عند ذلك ببناء حائط سدّ به المغارة فقضى القدّيس مع أثنين من تلاميذه.
للقدّيس ضومط على اسمه عدد من الكنائس أرثوذكسيّة وغير أرثوذكسيّة في لبنان منها في دوما، و جدّايل، وأميون.
القدّيس البار أور
عاش الأنبا أور سنين طويلة في العزلة في عمق الصحراء المصرية. أسلم نفسه لنسك صارم. كان يقتات من الأعشاب البرّية يأكلها نيئة. لا يشرب الماء إلا متى وجده. اعتاد الصلاة ليلا نهارا لخلاص كل الناس. قال كأنه عن آخر إنّ ملاك الربّ بقي يأتيه بغذاء سماوي ثلاث سنوات. لما تقدّم في السنّ ظهر له ملاك في الحلم ودعاه لاستقبال الناس واعدا إيّاه بكل ما يحتاج إليه لمعيشته.أتاه العباد بالآلاف ليتعاطوا الرهبانية في عهدته. كلّما أتاه طالب، أول أمره، كان يبني له، بيديه، قلاية من طين. فمتى وفر له ما يحتاج إليه ليسلك بلا تشتّت فكر غادره. هذا كان سعيه. ذات مرة فيما كان يبني قلاية بمعيّة الأنبا ثيودوروس قال أحدهم للآخر: “لو أتانا الله زائرا الآن فماذا كنا نفعل؟” فلما قالا ذلك بكيا وتركا الطين وذهب كل إلى قلاّيته. عاش إلى سن التسعين. كانت له لحية بيضاء طويلة. طلعته كانت كطلعة ملاك مشعّ من حضرة الله فيه.
اعتاد أن يقبل الزائرين ويغسل أقدامهم ثمّ يعلمهم العقائد القويمة. كانت له نعمة معرفة الكتاب المقدّس ولمّا يتعلم القراءة. من ثمّ، كان يدعوهم إلى رفع الصلوات إلى الإله القدير. كان يسوس تلاميذه بحكمة فائقة حاضا إياهم على جعل حياتهم صلاة متواترة وألا تدخل قلايتهم كلمة غريبة عن سعيهم المقدّس. كان الإخوة، في الكنيسة، اقتداء بأبيهم الروحي، يتصرّفون بتقوى فائقة وانتباه عميق كما لو كانوا في السماء، في حضرة الملائكة والمختارين، يتلألأون بالنور. قالوا عنه إنه لم يكذب البتّة ولم يحلف ولم يلعن أحدا. كما لم يكن يتكلم دونما حاجة أو مبرّر.
من اقواله: ” عندما يأتيك فكر التشامخ والكبرياء، افحص ضميرك إذا كنت قد حفظت كل الوصايا أو أحببت كل اعدائك. وهل تحزن لهلاكهم. وإذا كنت تعتبر نفسك عبدا باطلا وخاطئا أكثر من جميع الناس. ولا تظن أبدا أنك قد قمت بهذا كلها، عالما أنّ هذا الفكر يلاشيها كلّها”.
وقال ايضا: ” اهرب من الناس على عجل او انخرط في العالم والناس، جاعلا نفسك جاهلا في امور كثيرة”.
الطروبارية
لما تجلّيت أيّها المسيح الإله في الجبل، أظهرت مجدَكَ للتلاميذ حسبما استطاعوا، فأَطلع لنا، نحن الخطأة، نورَكَ الأزليّ. بشفاعات والدة الإله، يا مانحَ النور، المجدُ لك.