القدّيسين يوليانوس الكاهن وقيصر الشماس
كان القدّيس قيصر شمّاسًا أفريقيًّا، جاء إلى روما في زمن الأمبراطور كلوديوس قيصر فراعت مظاهر الخلاعة والعبادة الوثنيّة. انقضّ مرّة على مذبح وثنيّ وشرع في هدمه فجاء الجند وقبضوا عليه وألقوه في السجن حيث بقي فيه سنة كاملة ثم جيء به إلى ليونيوس القنصل عريانًا لا يغطيه غير شعره، فلمّا رآه هذا الأخير مغمورًا بالنور الإلهيّ ىمن بالمسيح. وهناك اقتبل المعمودية وقام كاهن اسمه يوليانوس بتعميده ثم أسلم الروح بسلام. وقف الحاكم لوكسوريوس أمام هذه المشاهد الغريبة مدهوشًا، ثم أمر بقيصر الشمّاس ويوليانوس الكاهن فأودعا كيسًا أحكم إقفاله وألقيا في البحر. وإن أثنين من المؤمنين اكتشفا الكيس بعد أيام واستردا جثمانيّ القدّيسين، هذان عرف بهما الولاة فأمروا بهما فقتلا.
القدّيس يوحنا الناسك ورفاقه الأباء الأبرار الـ98 الذين نسكوا في جزيرة كريت
كان يوحنا وخمسة وثلاثون من رفاقه من أصل مصريّ.
قرأوا في الكتاب المقدس ما قاله الربّ لإبراهيم (أبرام): “إذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الرض التي أريك” (تك12: 1). فاعتبروا الكلام موجّهًا إليهم فقاموا وارتحلوا إلى جزيرة قبرص طلبًا للحياة الملائكيّة.
هناك وجدوا تسعة وثلاثين أبًا انضموا إليهم في الجهاد ومحبة الله. وإن هي إلا مدّة قصيرة حتّى انضم إليهم أربعة وعشرون آخرون فصار عددهم تسعة وتسعين فحسبوا السيد مكمّلهم إلى المئة.
هؤلاء جاهدوا في الحياة الرهبانيّة، وإذ أرادوا الهروب من مجد الناس انتقلوا إلى جزيرة كريت حيث ذهبوا فريقين وأقاموا في مغارتين على ضفتي نهر في بقعة معزولة موحشة من الجزيرة. عاشوا في صحو النفس والصلاة لايقتاتون إلا من الأعشاب البسيطة في الجزيرة.
وإذ تحرّك قلب يوحنا طلب من إخوانه الإذن أن ينفرد عنهم بالجسد ويحيا في عزلة إلى أن يأخذ الربّ إليه. عاش يوحنا في خلوة مارس خلالها أقسى صنوف النسك حتّى إنّه لم يعد قادرًا على الخروج من المغارة طلبًا لبعض الطعام إلا على يديه ورجليه معًا.رقد هو والرهبان رفاقه معًا في اليوم ذاته.
القدّيسين الشهيدين سرجيوس وباخوس
كان سرجيوس وباخوس من نبلاء روما، وقد شغلا مناصب عسكرية مهمة رغم ضغر سنهما في زمن الأمبراطور مكسيميانوس.
وكان أن دعا الأمبراطور ، على عادة الأباطرة، إلى تقديم الذبائح للآلهة الوثنيّة تعبيراً عن الولاء لسيّد العرش، فمثل كلّ الأعيان وقادة الجيش لديه إلاّ سرجيوس وباخوس. ولمّا عرف الأمبراطور أنّهما مسيحيّان، اغتاظ غيظاً شديداً وأمر للحال بنزع أثوابهما وخاتميهما وكلّ علائم الرفعة عنهما وإلباسهما أثواباً نسائيّة، ثم وضعوا أغلالاً حول عنقيهما وساقوهما وسط المدينة للهزء والسخرية. وأخيراً أمر الأمبراطور بترحيلهما إلى مدينة عند نهر الفرات اسمها بالس، كانت مقرّ حاكم المشرق، انطوخيوس، إذلالاً لهما، إذ أنّ انطوخيوس كان قد خدم تحت إمرة سرجيوس، وكان مشهوراً بشراسته وعدائه للمسيحيّين.
حاول انطوخيوس، أمام رئيسه السابق، أن يتذاكى فجعله كبر سرجيوس وباخوس وثباتهما يشعر بالضعف والعجز والصغر كما لو كان قزماً، فتحوّل إلى وحش مفترس وألقى بسرجيوس في السجن وسلّم باخوس للمعذبين الذين ضربوه ضرباً مبرحاً إلى أن فاضت روحه. أمّا سرجيوس فانتظر الحاكم بضعة أيام، ثم ساقه إلى قرية سوريّة على بعد حوالي مئتي كيلومتر إلى الشرق من حلب وهناك أمر بقطع هامته.
وقد أضحى المكان الذي دفن فيه سرجيوس مقاماً تتقاطر إليه الناس من كلّ صوب، حتّى إنّه أصبح مدينة وصار يعرف باسم سرجيوس: سرجيوس بوليس، أي مدينة سرجيوس. كما أنّ إكرام سرجيوس وباخوس انتشر في أمكنة كثيرة من المشرق. ويُقال إنّ أوّل كنيسة بُنيت له كانت في بُصرى حوران سنة 512م. كما بنى الأمبراطور يوستنيانوس كنيستين عظيمتين على اسم القديس سرجيوس، إحداها في القسطنطنيّة والأخرى في عكا في فلسطين. ويظنّ الدارسون أنّ إكرام هذين القدّيسين في بلدنا يعود إلى الخلفيّة الحورانيّة للكثير من الأسر المسيحيّة. يُذكر أنّ القدّيسين كانا من أيرز القدّيسين الشفعاء لدى الغساسنة.
الطروبارية
+ أيها الشهيدان اللامعان في الجهاد، قد ظهرتما مناضلَين عن الثالوث القدوس ، يا سرجيوسُ الإلهيُّ الفائز، ويا باخوسُ المجاهدُ الشجاع. لذلكَ، إذ قد تمجَّدتما علانية، فأنتما تناضلان عن الصارخين: المجد لمن قواكما، المجد لمن كلَّلَكُ ما، المجد للفاعل بكما الأشفية للجميع.