القدّيس أفتيموس الجديد
ولد في إحدى قرى غلاطية أيام الأمبراطور لاون الخامس الأرمنيّ محارب الإيقونات. خدم في العسكريّة مدّة ثم تزوّج وأنجب ابنة. رغبة قلبه كانت أن يصبح راهبًا، خرج ذات يوم للبحث عن حصان فار ولم يعد. عاش عيشة المتوحدّين في أديرة جبل الألمبوس في بيثينيا، وهو المركز الرهبانيّ الأبرز في العالم البيزنطي في ذلك الزمان. بعد ذلك انتقل إلى جبل آثوس مع القلة التي بدأت تسلك في الحياة الرهبانيّة هناك. عاش عموديًّا لبعض الوقت بالقرب من تسالونيكي حيث أسس أديرة للرهبان والراهبات. عرف بيوم رقاده سلفًا. مات في جزيرة بالقرب من جبل آثوس في أواخر القرن التاسع الميلاديّ ما تزال رفاته العجائبيّة محفوظة في تسالونيكي إلى اليوم.
القدّيسين برصا وسابين
لمع القدّيس برصا في ثلاثة أمور، في حياة الفضيلة وقوّة الكلمة والعجائب التي أعطاه الله أن تجري على يده. تنقّل بين الرها وفنيقيا ومصر مدافعًا عن الإيمان القويم ضد الآريوسيّة. ألقى الأمبراطور فالنس الآريوسي القبض عليه في العام 364م، ونفاه إلى عمق البلاد السوريّة فتبعه تلاميذه إلى هناك، فنقله إلى إحدى المدن المصريّة، فذاع صيته هناك أيضًا. أخيرًا أبعده إلى الجزائر حيث رقد بسلام في العام 378م.
كان القدّيس من مدينة الحرية في مصر، وإذ كان شابًا ممتلئًا نشاطًا وحيوية لم يشأ الإنكباب على ملذات هذا الدهر بل انبرى بعزم لمعركة الإيمان بالربّ يسوع المسيح. وقد قضى حرقًا عام 300 للميلاد، في أيام الأمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس.
جعلت الرعية في قبرص القدّيس سابين أسقفًا عليها نظرًا إلى فضائله، لكنّه أحبّ حياة الهدوء فخرج إلى البرية، ومنحه الله موهبة صنع العجائب فشفى المرضى وطرد الشياطين وتنبأ بالآتيات. جذب بمثاله عددًا كبيرًا من المؤمنين، لا سيما الشبان منهم. رقد بسلام في تاريخ لا نعرفه.
القديس البار الشهيد في الكهنة لوكيانوس كاهن مدينة أنطاكية
نشأ لوكيانوس في مدينة أنطاكية العظمى، والبعض يقول في مدينة سميصاط السورية التي منها بولس السميصاطي، أسقف أنطاكية الهرطوقي المعروف. تلقى في شبابه قسطا وافراً من العلوم الدنيوية. ولما مات والداه وهو في سن الثانية عشرة وزّع ما لديه على الفقراء وارتحل الى مدينة الرها حيث تتلمذ لمعلم ذائع الصيت مكاريوس. وقد أضحى لوكيانوس أحد أكبر المعلمين في الكنيسة في زمانه.
يقال عنه انه كان من أوائل من خرجوا الى حياة النسك في أنطاكية. والقديس أثناسيوس الاسكندري يسميه”ناسكا كبيرا”. ينقل مترجم سيرته عنه أنّه كان يمارس النسك الرهباني الشديد، فلا يتناول طعامه إلا حوالي الساعة الثالثة من بعد الظهر ويصوم أحيانا أسابيع بأكملها. طعامه كان يقتصر على الخبز اليابس والبقول. ولا يقرب النار في فصل الشتاء مهما كان البرد قارساً، وقد اعتاد أن يستغرق في الصلوات الطويلة باكياً خطاياه.
وفي أنطاكية انضم لوكيانوس الى اكليروس المدينة. وقد أسس فيها مدرسة أنطاكية الشهيرة في تاريخ الكنيسة، وهي المدرسة التي اتبعت في تعاطيها مع الكتب المقدسة أسلوب التفسير البياني للنصوص وتأكيد معانيها الحرفية، في مقابل الأسلوب التأويلي الذي جرى عليه اوريجنوس ومدرسته في الاسكندرية في الوقت عينه.والى لوكيانوس يعود فضل التدقيق في النصوص العبرية المقدسة التي كانت قد امتدت الى البعض منها أيدي الهراطقة فعبثت بها.ويقول القديس ايرونيموس ان ترجمة الكتاب المقدس من العبرية الى اليونانية بيد لوكيانوس كانت عظيمة القيمة، دقيقة، سلسة وأنّها انتشرت بين القسطنطينية وأنطاكية.
لاحق جنود الامبراطور مكسيميانوس هذا الاب القديس فيما اشتدّت وطأة الاضطهاد على المسيحيين عموما. وقد تمكن هو من التواري فترة من الزمان الى ان وشى به كاهن هرطوقي حسود.
قُبض على لوكيانوس وسيق الى مدينة نيقوميذية، العاصمة الشرقية للامبراطورية. وقد تمكن أثناء الطريق من هداية أربعين من العسكر قضى أكثرهم شهيداً في سبيل الايمان.
وفي نيقوميذية جرى استجواب لوكيانوس وعومل اسوأ معاملة. ويبدو أنّه لعب دوراً بارزاً في نيقوميذية، في تشديد المسيحيّين وحملهم على التمسك بإيمانهم بالمسيح، بعدما سلك بعضهم طريق الكفر تحت وطأة التهديد انقاذُا لحياتهم.
عاده بعض تلاميذه الانطاكيين في سجنه يوم عيد الظهور الالهي، عام 312 للميلاد. واذ اراد ان يقيم الذبيحة جعل صدره مذبحا لها. بعدما تضجّر جلادوه من ثباته خنقوه، في حبسه، سراً، بأمر من الأمبراطور مكسيميانوس ثم ألقوا بجثمانه في البحر ليمحوا أثره. ولكنّ غليكاريوس، أحد تلاميذه، تمكّن ، بعدما تراءى له القديس، من التقاط رفاته. وقد كان استشهاده في اليوم السابع من شهر كانون الثاني من العام 312 للميلاد.
يُذكر أن بعض المصادر القديمة والحديثة حاول الصاق تهمة الهرطقة بالقديس لوكيانوس باعتباره أباً للآريوسية او محازباً لبولس السمياطي المدان في مجمع أنطاكية علم 269 للميلاد. ولكن الثابت أن لوكيانوس رقد في كنف الكنيسة الارثوذكسية. وقد قال عنه القديس أثناسيوس الاسكندري أنّه قديس كبير وشهيد عظيم.
وفي عظة ألقاها القديس يوحنا الذهبي الفم عن القديس لوكيانوس وصفٌ وإكبارٌ لأبرز ما عاناه هذا القديس الشهيد في نيقوميذية. وقد جاء في العظة ما يلي :
“… ترك القديس طويلا دون أن يحضر له جلادوه أي طعام. ولمّا رأوا أنّه لم يتلاش، وضعوا أمامه لحوماً سبق أن قدّمت للأوثان … ورغم أن التجربة كانت قاسية للغاية، فإن القديس الشهيد خرج منها منتصراً … وإذ رأى عدو البشر أنّه لم يظفر بلوكيانوس، جرّه، من جديد، إلى المحاكمة … وسعى إلى انهاكه بشتى الاستجوابات التي أخضعه لها … لكن جواب القديس على كل الاسئلة التي طرحت عليه كان :”أنا مسيحي”. سألوه :”من اين أنت؟” فقال: “انا مسيحي”. “ما هي مهنتك؟” فأجاب: “انا مسيحي” . “من هي عائلتك ومن هم اقرباؤك؟” “انا مسيحي”. طبعاً، لم تكن تنقص لوكيانوس قوة البلاغة … لكنّه كان يعرف جيداً أنّه بالإيمان يغلب لا بالبلاغة، وأن الدرب الأكيد ليس أن يعرف المرء لغة الكلام بل لغة المحبة. بهذا الجواب “انا مسيحي” أكمل لوكيانوس سعيه”.
الطروبارية
+ ادخرتَ معرفةً إلهية، لما تلألأت بالروح الإلهي، وأذعتَ علانيةً كلمة الإيمان، ومن ثمّ صرت ماسحًا للشهداء، لما برعت يا لوكيانوس في الجهاد، فيا أيها الشهيد المجيد، تشفع إلى المسيح الإله أن يمنحنا الرحمة العظمى.