القدّيسين رومانوس وبارولا
القدّيس رومانوس من أصل انطاكي أو ربما فلسطيني. كان شمّاسًا وطاردًا للأرواح الشريرة في الكنيسة. كان ي أنطاكية عندما اندلعت موجة جديدة من الاضطهاد على المسيحيين في زمن الأمبراطور ذيوكليسيانوس. لم يطق رومانوس أن يرى عددصا من المسيحيين يتهافتون على حاكمية أنطاكية ليكفروا بالمسيح ويقدّموا العبادة للأوثان خوفًا على أنفسهم. وإذ دبّت فيه الغيرة الإلهيّة شرع يطوف عليهم في بيوتهم وحوانيتهم يقويّهم ويشدّد عزائمهم، فوصل خبره إلى الحاكم الذي أمر بإلقاء القبض عليه، وفيما كان الجنود يبحثون عنه إذا بع يعترض الحاكم في طريقه إلى هيكل الأوثان لتقديم ذبائحه قائلاص له: “تخطىء ايّها الحاكم، إذ تذهب إلى الأصنام. فالأصنام ليست آلهة. وحده المسيح هو الإله الحقيقي”. فبهت الحاكم من جسارة هذا الوقح. وإذ عاد إلى نفسه وهمس أحد الجنود في أذنه بأنّه هو المطلوب بتهمة تحريض المسيحيين على عصيان الأوامر الملكيذة، امر للحال بإلقاء القبض عليه وسوقه إلى الديوان. في الديوان، أخذ الحاكم يقرّع رومانوس على عمله الشائن فكان جوابه أنّه يفتخر بأن يعصى الأوامر الجائرة للملوك وبان يحضّ المسيحيين على عصيانها لأن الله أولى من الناس بالطاعة.
فأشار الحاكم إلى جنوده بأن يجلدوه فجلدوه بعنف وعذّبوه بشتى أنواع التعذيب لكن رومانوس لم يتزعزع عن إيمانه بل بالعكس قال للحاكم: “ليس الصنم شيئًا، والوثنية حماقة. المسيح هو ربّ المجد. واضطهاد ذيوكليسيانوس للمسيحيين ظلم واستبداد”. عدّ الحاكم كلام رومانوس تجديفًا على الملك فأمر به جنده من جديد فضربوه لكن رومانوس التفت شهيد المسيح إلى إسكلبياذوسوقال له: “أترى هذا الولد هناك؟” فادار الحاكم وجهه فأبصر ولدًا ممسكًا بيد أمه وسط جمع من الناس، فقال له رومانوس: “هذا الولد يفهم أكثر منك لأنه يعرف من هو الإله الحقيقي وأنت لا تعرف. سله فيجيبك!”. فاختلط الأمر على الحاكم إزاء الجمع وارتبك وصرخ بالولد إليه فجيء به للحال فسأله: “قل لي يا ولد هل هناك إله واحد أم آلهة متعدّدة؟” فأجاب الولد وكان اسمه بارولا: “بل هناك إله واحد خالق السماء والأرض”. فسأله الحاكم: طوهل أنت مسيحي؟” فأجاب: “نعم أنا مسيحي وأؤمن بالربّ يسوع المسيح”. فتطلّع الحاكم بغضب إلى أمّ الولد ووبخّها على إفسادها إياه وسوء تربيتها له. ثم اقترب جندي من الولد وانهال عليه ضربصا قصاصًا له. فخرجت الأمذ عن صمتها وأثنت على ولدها وأخذت تشجعه، فاشتدّ غيظ الحاكم وأمر بقطع رأس الولد أمام أمّه، كما أمر بتعذيب رومانوس حتّى الموت.
القدّيس توما الحمصيّ
كان القدّيس توما راهبًا في أحد الأديرة القريبة من حمص، على بعد أرلعة كيلومترات منها إلى الجهة الشمالية الغربيّة. كان رسول الدير إلى مدينة انطاكية يقضي حاجاته ويجمع ما له من محاصيل فيها. اعتاد أن يتردّد على أحدى الكنائس لتحصيل ما لديره عليها. وكان هناك مدبّر للكنيسة اسمه أناستاسيوس، فحدث مرّة أن ضاق أناستاسيوس بتوما الراهب ذرعًا فصفعه أمام الحاضرين فاستهجن الجميع ما فعله، فهدّأهم توما قائلاً: “لن يصفع أناستاسيوس أحدًا بعد اليوم ولا أنا سأتلقى صفعة”. في اليوم التالي مات أناستاسيوس وقفل توما عائدًا إلى ديره. الطاعون يومها كان متفشّيًا في تلك الناحية.
فما أن وصل توما إلى دفني التي هي ضاحية انطاكية، حتّى أصابه المرض فمات ودفن في مقبرة للغرباء باعتبار أنّه غريب عن المدينة، وفي اليوم جيء بجثة امرأة وألقين فوق جثة توما، ولمّا عاد حفّارو القبور في اليوم التالي وجدوا جثة المرأة خارج القبر، فتساءلوا عن السبب وبقي الأمر لغزًا، لكنهم وضعوا الجثة في مقبرة أخرى. ثم بعد أيام جيء بجثة امرأة أخرى وألقيت فوق جثة توما فلفظتها المقبرة خارجها. إذ ذاك أدرك العمّال أن توما الراهب لم يكن ليقبل أن تدفن فوقه امرأة. وللحال أنفذوا الخبر إلى بطريرك انطاكية فجاء ورافقه كهنة وشمامسة ورفعوا جسد توما بكلّ إكرام وساروا به إلى مدفن انطاكية الكائن على طريق دفني، وكان هذا هو المدفن الكبير الذي جرى وضع القدّيسين والشهداء فيه منهم القدّيس أغناطيوس الإنطاكي. وحالما انتهت مراسم الدفن توقّف الطاعون. فقال البطريرك أن توما كان رجلاً بارًا، لذا أحصي مع القدّيسين وأخذت الكنيسة الإنطاكيذة مذ ذاك تقيم له عيدًا سنويًّا. ومرّت الأيام ولسبب غير معروف سقط ذكره، لذلك لا نعرف تاريخًا محدّدًا لعيده. أمّا الثامن عشر من شهر تشرين الثاني فتاريخ استعرناه من السنكسار اللاتيني ولعله اعتباطي وهذا يعود إلى القرن السادس عشر.
القدّيس الشهيد أفلاطون
عاش القدّيس أفلاطون في مدينة أنقرة الغلاطية في زمن الأمبراطور مكسيميانوس (285 -305 م). وهو شقيق القدّيس الشهيد أنطيوخوس الذي تعيّد له الكنيسة في السادس عشر من شهر تمّوز.
نشأ وترعرع مسيحيًّا، وقيل طبّع والده في قلبه حب الفضيلة والعطف على المساكين. فلمّا شبّ جاهر بإيمانه وأخذ يبشر بالمسيح علانية ويشجب عبادة الأصنام، إلى أن ثارت موجة إضطهاد على المسيحيين، فألقى أغريبينوس، حاكم أنقرة، القبض عليه وأحضره لديه. اعترف أفلاطون بإيمانه بالمسيح جسارة. ولمّا رآه الحاكم ثابتًا على موقفه إلى درجة التحدي، حنق عليه وسلّمه للتعذيب.
قام الجنود، أوّل الأمر، بضربه ضربًا مبرحًا. وإذ دنا منه الحاكم وحثّه على إنقاذ نفسه من الموت وتقديم العبادة للأوثان أجاب :”هناك موتان :موت زمني وموت أبدي. هناك حياتان :حياة زائلة وحياة باقية”. فأمر الحاكم بالتشديد عليه .
مدّد أفلاطون على سرير من الحديد المحّمى وتفنّن المعذبون في تمزيقه وإحراقه بالجمر في مواضع مختلفة من بدنه. فصرخ أفلاطون فيهم :”عذّبوني ما شئتم لتظهر وحشيّتكم للعيان ويظهر احتمالي تمسّكًا بالمسيح إلهي!”. ويُقال أنّ عددًا كبيرا من الوثنيّين اعتنقوا الإيمان نتيجة ذلك.
وعندما كلّم الحاكم أفلاطون عن سميّه الفيلسوف العظيم أنّه كان وثنيًّا، أجاب شهيد المسيح :”لست كأفلاطون ولا هو مثلي إلاّ بالاسم فقط. فأمّا أنا فأتعلّم وأعلّم الحكمة التي من المسيح، وأمّا هو فيعلّم الحكمة التي هي حماقة عند الله”.
بعد ذلك ألقى أفلاطون في السجن فأقام ثمانية عشر يومًا محرومًا من كلّ طعام وشراب. وإذ تعجّب سجّانوه أنّه ما زال حيًّا قال لهم :”أنتم تشبعون من الخبز وأنا من الصلاة. أنتم تسرّون بالخمرة وأنا بالمسيح، الكرمة الحقيقيّة”. “حياتي هي المسيح والموت ربح” (فيلبي 21:1) .
وأخيرًا وبعدما استنفد الحاكم وجلاّدوه طرق الاقناع بالإكراه والتعذيب، قطعوا رأسه.
وقد شرّف الله شهيده بالعديد من العجائب. كما أضحى شفيع الأسرى بشهادة المجمع المسكوني السابع (787 م).
الطروبارية
+ شهيداك يا ربُّ بجهادهما، نالا منك الإكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنهما أحرزا قوّتك فحطّما المغتصبين، وسحقا بأس الشياطين الّتي لا قوَّة لها. فبتوسّلات رومانوس وأفلاطون أيّها المسيح الإله خلّص نفوسنا.