القدّيس مارون الناسك
كتب عنه ثيودوريتوس، أسقف قورش (393 – 466). لم يعرفه شخصيًّا، لكنه عرف تلميذه يعقوب. السيرة التي أوردها في “تاريخ أصفياء الله” مقتضبة. مارون ناسك قورش بامتياز وأب النسّاك فيها. استقرّ على رابية كان الوثنيون قد اقموا عليها هيكلاً. حوّل هذا الهيكل كنيسة وابتنى لنفسه منسكًا كان يلجأ إليه قليلاً فيما جرى على قضاء أيامه، بعامة، في العراء. منّ عليه الربّ الإله بموهبة شفاء المرضى، لا أدواء الجسد وحسب بل أدواء النفس أيضًا كالبخل والغضب. لا نعرف تمامصا متى رقد. ثيودوريتوس يقول أنّه رقد في شيخوخة متقدّمة. ويبدو إن مرضًا بسيطًا انتابه بضعة أيام اودى بحياته. على الأثر نشا نزاع بين القرى بجوار منسكه، كلذ حاول الاستئثار بجسده. ولكن كانت هناك على الحدود بلدة كثيرة الرجال أقبلت بأسرها فبدّدت الآخرين وانتزعت منهم ذلك الكنز المرغوب فيه جدًا. هذا وفق شهادة ثيودوريتوس.
إلى ذلك ثمة رسالة وجّهها القدّيس يوحنا الذهبي الفم إلى مارون الكاهن والناسك ما بين العامين 401 و 407 حين كان الذهبي الفم في المنفى، قال: “إننا لمرتبطون معك برباط المحبّة والشعور. وعليه فإننا نراك كأنك حاضر هنا أمامنا، لأنّ من شأن أعين المحبّة أن تكون هكذا، فلا المسافة تحجبها ولا الزمان يخمدها. وكان بودّنا أيضًا أن تكون رسائلنا إلى تقواك متواصلة ولكن هذا ليس بالأمر السهل، بسبب صعوبة الطريق وقلّة ساليكها. فعلى قدر استطاعتنا نُشيد نحن بفضلك ونعلن أنّك لا تبرح من ذاكرتنا، حاملينك في نفسنا أينما كنا. فاجتهد الآن أنت أيضًا أن توافينا سريعًا جدًا بما يتعلّق بسلامتك. حتّى ولو كنا بعيدين بالجسد نواصل التفكير بما يختصّ بنشاطك، فيزداد اطمئناننا ونحصل على الكثير من التعية ونحن هنا في المنفى، لأنّه ليس بالقليل السرور الذي يحلّ بنا لدى سماعنا أخبار سلامتك. وقبل كلّ شيء نطلب إليك أن تصلّي لأجلنا.
البار أفكسنديوس السوريّ
اصل القدّيس أفكسنديوس فارسي،وكان والده قد استقر في سوريا بعدما هاجر فارس إثر هجمة شابور على المسيحيين. ونشأ أفكسنديوس على محبة الفضيلة والعلوم، وإذ رغب في الإنضمام إلى العسكرية ألحق بفرقة الحرس الملكية الرابعة وقد لاحظه الأمبراطور وأحبّه.وكان تقيا، غيورا على زملائه، عليما بما هوعالمي وكنسي، وديعا.
حرص أفكسنديوس، على الإلتصاق بذوي التقى. من الذين تردّد عليهم بتواتر متوحّد.واعتزل قدّيسنا في جبل أوكسيا في بيثينيا. وكان يعتلي لصلاته، صخرة ويرفع ذراعيه وعينيه إلى فوق بحرّية ورحابة صدر.
ألتقاه بعض الرعيان، ولما عاينوه ظنوّه شبحا، وفروّا منه. لكنه ناداهم وهدأ من روعهم وأشار إلى المكان الذي يجدون فيه قطعانهم.فأخبروا ذويهم على ما كان من امر أفكسنديوس معهم فخرجوا إليه تبركا. وبنوا له هناك قلاية صغيرة لها شباك صغير يطل منه على نور الشمس وعلى قاصديه.
ذاع صيت القدّيس وقصده الناس من كل صوب يرومون بركته والتأدب بكلمة الله من فمه، وجرت عجائب جمّة على يديه هناك. وفي طريقه إلى الأمبراطور مرقيانوس، أخرج الشياطين من العديدين الذين التقوه. وإذ تداعى المزارعون يبكون لفراقه طرد الأرواح الخبيثة من بهائمهم. وكذلك تبعه الفقراء الذين كان يعيلهم من أموال الخيّرين وأكد لهم أنه باق معهم في الروح ولو فارقهم بالجسد. وصل إلى قصر الأمبراطور، الذي بعث به إلى الكنيسة العظمى لمواجهة البطريرك القسطنطيني الذي تلا عليه ما أقره الآباء فاستصوبه وبارك لأنه في خط المجمع النيقاوي ولا بدعة فيه. وصار كاهنا في جبل سيوبي القريب من خلقيدونية. وهذا هو الجبل الذي عرف فيما بعد باسم القدّيس وشعت منه فضائله وعجائبه.
وقد اعتاد استقبال زائريه برحابة ولطافة كبيرين صغارا وكبارا، أغنياء وفقراء، أبرارا وخطأة. محبة يسوع كانت فيه وسعه، وكانوا يأتون إليه من كل صوب. كان يحب الصلاة والجموع والقراءة عليها. وقد وضع العديد من الأناشيد ولقنّها إياها.
رقد رجل الله في الرابع عشر من شباط، ويبدو ان وفاته كانت بين سنة وفاة القدّيس سمعان العمودي في 459 م وسنة وفاة لاون الأمبراطور قي 474 م.يذكر أنه صار أرشمندريتا مما يدل أنه أنشأ ديرا رجليا حول مغارته
الطروبارية
+ ظهرت في البرّية مستوطناً، وبالجسم ملاكاً، وللعجائب صانعاً، وبالأصوام والأسهار والصلوات تقبّلت المواهب السماويّة، فأنت تشفي السقماءَ ونفوس المبادرين إليك بإيمان، يا أبانا المتوشّح بالله أفكسنديوس. فالمجد لمن وهبك القوّة، ألمجد للذي توّجك، ألمجد للفاعل بك الأشفية للجميع.
+ ظهرت في البرّية مستوطناً، وبالجسم ملاكاً، وللعجائب صانعاً، وبالأصوام والأسهار والصلوات تقبّلت المواهب السماويّة، فأنت تشفي السقماءَ ونفوس المبادرين إليك بإيمان، يا أبانا المتوشّح بالله مارون. فالمجد لمن وهبك القوّة، ألمجد للذي توّجك، ألمجد للفاعل بك الأشفية للجميع.