العظيم في الشهداء ثيودوروس التيروني
هو المعروف بالقدّيس ثيودوروس التيروني، اي المنتمي إلى الفيلق الترياني، والأوخاييطي نسبة إلى أوخاييطا البنطية التي ضمت رفاته، وهي تبعد عن أماسيا سفر يوم واحد.بعض الدارسين يظن إنه جاء من سورية او أرمينية.
ترافق وروده إلى أماسيا، وحرب دموية اندلعت، في الأمبراطورية على المسيحيين، وقد خير المسيحييون بين نكران الله الحي والموت. فانبرى “جندينا الجديد”والذي نشأ على التقوى وامتلأ من الرب يسوع المسيح، لهذه المواجهة. ولم يستسلم للخوف ولا صمت جبنا ولا حيطة ولا حذرا.
اجتمع حاكم أماسيا والمحكمة العسكرية على ثيودوروس وسألوه :” لما لا تكرم الآلهة التي سرّ الأباطرة ان يكرمها خدّامهم؟” فأجاب :” لست أعرف البتّة آلهة كثرا، لم يكن هناك أبدا غير إله واحد. فأنتم في الضلال إذ تطلقون على الشياطين اسم الله، وهي أرواح خبيثة محتالةز أما أنا فإلهي يسوع المسيح، ابن الله الوحيد…..جسدي سوف ينعم بالغبطة إن توجّع، في كل أعضائه، من اجل خلقه”. فرأى الطغاة شابا يشتاق إلى الشهادة. وحين أخرس القدّيس سخرية الضابط الوثني . كظم المستبدون غيظهم وتكلّفوا الظهور بمظهر التسامح.
فأطلق القضاة ثيودوروس لبعض الوقت وانصرفوا.وكان في أماسيا هيكل لأم الآلهة أقامه الوثنيون على ضفة النهر. فدخل القدّيس إليه وأشعل فيه النار، فأتت على المكان برمّته، في ساعات قليلة، واستحال رمادا. وضجّت المدينة ! ماذا جرى؟ من الفاعل ؟!
فرفع ثيودوروس صوته عاليا: ” أنا أحرقته!” وأخذ يسخر من الوثنيين علنا مستهزئا بما كانوا يبدونه من أسف على خسارة هيكلهم وإلهتهم. فأرسل القضاة للقبض عليه، ورأوا انه لم يفقد شيئا من صلابته ولا بانت عليه علامات الخوف من التعذيب. ونصحهم بألا يتعبوا عبثا بتقديم عروض تمجّها نفسه. وأبدى شفقة على الأباطرة إذ يظنون انهم يزيدون تيجانهم بهاء ولباسهم الأرجواني رونقا إن تزيّوا بالزي الكئيب الذي يتزيّى به مقرّبو الذبائح.
ولما رأى القضاة ان جهودهم لأستعادة ثيودوروس ذهبت هباء حكموا عليه بالموت حرقا. وقد ورد في عظة خريسيوس الكاهن الأورشليمي (+479 ) ان سيدّة غنية اسمها أفسافيا أخذت رفاته وابتنت لها ضريحا. ولعل موضع هذا الضريح كان، اوخاييطا.
القدّيس ثيودوروس البيزنطي
كان عمر القدّيس ثيودوروس عندما استشهد واحدًا وعشرين عامًا. نشأ في قرية قريبة من مدينة القسطنطنيّة. تتلّمذ لرسّام مسيحيّ كان يعمل في قصر السلطان العثماني محمود. ومع أنّه تربّى على التقى والصلاة وقراءة الكتب المقدّسة غير أن مناخ القصر وعشرة المترفّهين أيقظت وغذّت فيه حبّ اللذة. وإذ صغرت في عينيه قيمة إنتمائه إلى كنيسة المسيح وبان له الإسلام مجالاً واسعًا لإشباع ما لذّ له وطاب من متع الحياة الدنيا، كفر بالمسيح واقتبل الإسلام. أطلق العنان لرغائب الجسد ثلاث سنوات. فجأة ضرب البلاد الطاعون ولمّا يوفّر وسَطًا، حتّى أهل القصر لحق بهم نصيب من الموت. هول الصدمة، والناس يتساقطون كأوراق الخريف، نبّه ثيودوروس من سبات شهواته فعاد غلى نفسه. ندم على فعلته ندمًا شديدًا، غادر القصر متخفّيًا، وتصالح والكنيسة بمسحة الميرون. الإتجاه العام كان إن من يكفرون بالمسيح لا يُستعادون إليه إلا ببذل الدم إعترافًا به. قرأ أخبار الشهداء الجدد. شيء من روح الشهادة أخذ يتحرّك في نفسه إلى أن قرّر أن يسير في ركب من قرأ سيرهم، فخرج إلى جزيرة ميتيلين، لبس لباس المسلمين وجاء إلى القاضي، يوم الخميس من الأسبوع الأول من الصوم الكبير، رفع عمامته الخضراء وطرحها ارضًا داسها معلنًا إرتداده عن الإسلام وعودته إلى المسيحيّة. فوجىء القاضي بمنظره وظنّه ممسوسًا، أودعه السجن وكبّله بالأصفاد تاركًا للجلاّدين جلده وشتمه ما طاب لهم. في اليوم التالي ضُرب على قدميه ثلاثمائة ضربة، ثم تُرك لمن يشاء من الحاضرين أن يروي غليله منه وبعد تعذيبه شنقوه وهكذا استشهد للربّ.
الطروبارية
+ عظيمةٌ هي تقويمات الإيمان، لأنَّ القديس الشهيد ثاودورس، قد ابتهج في ينبوع اللهيب كأنَّه على ماء الراحة، لأنَّه لما أُحرقَ بالنار قُدِّمَ للثالوثِ كخُبزٍ لذيذ. فبتوسُّلاته أيها المسيح الإله خلِّص نفوسنا.