القدّيس الجديد في الشهداء يوحنّا الخياط
أصل القدّيس يوحنّا من أحدى قرى جزيرة تاسوس. أرسله ذووه إلى القسطنطينية ليعمل لدى خيّاط مسيحي. كان عمره أربعة عشر عامًا. أرسله الخيّاط ليشتري بعض الأقشمة من عند تاجر يهودي، كان الوقت ظهرًا والمؤذّن يدعو المسلمين إلى الصلاة. دخل يوحنّا في جدال حام مع التاجر اليهودي بشأن ثمن البضاعة، فجأة نادى التاجر المسلمين متّهمًا يوحنّا بأنّه يسخر من صلاة المسلمين، فاهتاج المسلمون وهجموا على الفتى وانهالوا عليه ضربًا ثم جرّروه أمام القاضي، فألفاه حدثًا فاقترح عليه ان ينسى التهمة ويهر غسلامه فأبى وتمسّك، بصلابة بالإيمان بيسوع المسيح، فحكم عليه القاضي بقطع رأسه. حاول الجلاّدون إرهابه علّه يستسلم لكنّه بقي ثابتًا في موقفه فقتلوه.
القديس أغناطيوس الأنطاكي المتوشّح بالله
لقد سام القديس بطرس خلفاً له على كرسي أنطاكية القديس افوذيوس ولكن للأسف ليس لدينا ما يجعلنا نخوض في البحث بتاريخ أول خليفة للرسول بطرس ولكن هناك تقليد يقول أنه قد نال إكليل الشهادة في عهد نيرون.
القديس اغناطيوس الأنطاكي: (اغناطيوس ثيوفوروس”حامل الإله”)، لقد عاصر اغناطيوس افوذيوس وقد يكونا اشتركا في رئاسة كنيسة أنطاكية (المسيحيين من أصل يهودي، المسيحيين من أصل أممي) في وقت واحد، ومن ثم بعد استشهاد افوذيوس تابع رئاسة الكنيستين لوحده.
وهناك تقليد يقول أن الطفل الذي جاء في بشارة متى 18 هو القديس اغناطيوس، إلا أن الذهبي الفم لا يؤيد هذا التقليد ويؤكد أن اغناطيوس لم يرَ الرب. وعلماء الكنيسة يجعلون مولده في سنة 35 وأنه آمن في أنطاكية على أيدي الرسل والتلاميذ، وهو الذي اتخذ لنفسه لقب ثيوفوروس-حامل الإله-.
كنيسة أنطاكية والقديس اغناطيوس: في عهد اغناطيوس بدأت الإمبراطورية الرومانية تلاحق المسيحيين و تضطهدهم، إذ أخذ الإيمان المسيحي ينتشر في رومة نفسها وهذا كان للرومان بمثابة خيانة الدولة، فدين الآباء بالنسبة لهم، ميثاق لا يجب فسخه. وهناك عامل أخر حرض الرومان على اضطهاد المسيحيين وهو الشكاوي اليهودية، إذ جعلتهم ينتبهوا إلى سرعة انتشار البشارة المسيحية في الإمبراطورية. وبالنسبة للظروف الداخلية في عهد اغناطيوس لم تكن أفضل حالاً إذ كان الاختلاف بين المؤمنين من اليهود والأممين ما يزال قائماً.
سياسته الرعائية: لم يهتم القديس بشرح العقائد المسيحية (الثالوث الأقداس واتحاد الطبيعتين في المسيح)، بل جلّ اهتمامه كان في تعليم الإيمان المسيحي والحفاظ عليه نقي، وتوحيد صفوف أبناء كنيسته -أنطاكية-، وهو أول من استخدم لفظ الجامعة (الكاثوليكية) على الكنيسة واعتبرها مجمعية وليست رئاسية.
وأيضاً قد نظّم الكنيسة، ففي رسالته إلى أفسس، يبين الدرجات الكهنوتية، ويجعل الأسقف رأس الكنيسة المحلية إذ يقول عنه أنه المسيح وحيث يكون المسيح تكون الكنيسة، ومن ثم الشيوخ ويجعلهم قدوة للمؤمنين، كما الرسل قدوة للمؤمنين، من ثم الشمامسة واحترامهم كاحترام وصايا الله، ويجعل أي عمل مقدم للكنيسة بدون موافقة الأسقف هو عمل غير محبب فلا يجب التصرف بانفراد، ويجعل الذبيحة الإلهية سرّ يمارسه الأسقف فقط و من خوّله الأسقف.
الحكم على القديس: كان نيرون قد وضع قانون يعتبر كل من يدين بالمسيحية خارجاً على القانون. وقد ماشاه في ذلك كل من فيزبازيانوس وتيطس ودوميتيانوس. وفي سنة 99 وافق الأمبراطور تريانوس على قانون نيرون وأمر بتنفيذه، وأوضح القانون لبلينيوس حاكم بيثينية بأن كل من يُعلن عنه أنه مسيحي يعدم إلا في حال تراجع عن إيمانه. وكان من الذين استشهدوا اثر هذا القانون القديس اقليمس أسقف رومية الثالث بعد الرسول بطرس في سنة 100. وسمعان أسقف أروشليم في سنة 107. وقد يكون هذا القانون هو الذي أدى إلى استشهاد اغناطيوس ثيوفوروس.
جاء في التقليد لقد وجه الحاكم الروماني تهمة لاغناطيوس بأنه يخالف أوامره كشيطان، ويغر الناس على إهلاك نفوسهم (التبشير بالمسيح). فأجابه القديس أن ألهة الرومان هم الأبالسة ويخافون من أبناء الله وأنه لا يوجد إلا إله واحد. فقال له الحاكم ألعلك تقصد المسيح الذي علقه بيلاطس على الصليب؟ فأجابه القديس: يجب أن يُقال أن يسوع الذي علق الخطيئة وصانعها على الصليب فأعطى الذين يحملونه بقلوبهم سلطاناً لسحق الجحيم وقوته. فقال له الحاكم: أنت إذاً حامل يسوع في أحشائك؟ فقال اغناطيوس: لا ريب في ذلك لأنه قيل أحل بينهم وأسير معهم.
فما كان من الحاكم إلا أن يصدر أمره في السادس من كانون الثاني سنة 107 بتكبيل اغناطيوس وإرساله إلى رومة ليطرح للوحوش أمام الشعب. وهنا هتف القديس قائلاً: أشكرك يارب لأنك منحتني حباً كاملاً لك وشرفتني بالقيود التي شرفت بولس بها. ثم صلى لأجل الكنيسة واستودعها وسلم نفسه للشرطة.
رسائله: فانطلق مقيداً بالأغلال ومعه الشهيديّن روفوس وزورسيموس اللذين شملهما الحكم. وفي أثناء سفره من أنطاكية إلى رومة كتب سبعة رسائل إلى الكنائس التي مرَّ بها. التي كانت تشجع على تحمل المحن ومصائب الدهر. ووصلت لنا في ثلاث مجموعات: القصيرة والطويلة والمختصرة. والقصيرة هي الأصلية، وقد حفظت لنا مخطوطة يونانية (القرن الثاني) هذه الرسائل ولا تشمتمل على الرسالة إلى الرومانيين، وأقدم نص يحفظ لنا هذه الرسالة يعود للقرن العاشر. وفي القرن الرابع قام من عُني بها وحرفها فأضاف إليها وجعلها مجموعات تشمل ثلاثة عشر رسالة بدلاً من سبع. فجاء بها علاوةً على الرسائل إلى كنائس: أفسس ومغنيسية وترّلة ورومية وفيلدلفية وأزمير وبوليكاربوس رسائل إلى أنطاكية وطرسوس وفيلبي وهيرون ومريم الكبسولة ورسالة هذه الأخيرة إلى أغناطيوس.
وظلت هذه الرسائل موضوع جدل بين علماء الكتاب المقدس والإنجيليين. فقال البعض أنها مزورة، والبعض الآخر صحيحة. ثم جاء Lightfool و Haranck وZahn وFunk ووفّقوا باثبات صحتها بالأدلة الداخلية والخارجية وسكت جميع القائلين بتزويرها. وأصبحت هذه الرسائل من أفضل ما تبقى من آثار الآباء الأولين.
استشهاده: وصل القديس إلى عاصمة الإمبراطورية. وكان موعد أعياد الختام الرومانية. ونزل الرومانيون إلى مدرج فلافيانوس ليحتفلوا بانتصارات تريانوس ليشاهدوا المصارعة الدموية بين الأسر والمجرمين والوحوش الضارية. واستشهد رفيقا القديس في هذا المدرج في الثامن عشر من كانون الأول. وفي العشرين عُرّيَ القديس الحامل الإله من ثيابه وطرح إلى الوحوش فمزقت جسده الطاهر، والتهمته. وما تبقى من جسمه إلا العظام فجمعها المؤمنون وأرسلوها إلى أنطاكية. فدفنت خارج السور. وثم نقلت في أيام ثيودوسيوس الصغير إلى رفات الكنيسة التي كانت هيكل فورتونة في قلب أنطاكية وأطلق على الكنيسة اسمه تخليداً لذكره.
عيده: نُقل عن مؤمني رومة بعد أن شاهدوا الميتة المجيدة، أقاموا الليل كله يصلون للرب أن يشدد ضعفهم، فظهر لهم الشهيد بهيئة مجاهد خرج من القتال ظافراً فامتلأت قلوبهم فرح، وقام الأخوة في أنطاكية بتعيين يوم استشهاده عيداً تعيد له الكنيسة. ولا تزال الكنيسة الأرثوذكسية تعيد له بهذا اليوم. أما الكنيسة الكاثوليكية فقد نقلت العيد إلى الأول من شهر شباط. ربما لجمع يوم استشهاده مع يوم نقل رفاته.
الطروبارية
+ إستعدي يا بيت لحم، فقد فُتِحَتْ عدن للجميع، تهيّأي يا إفراثا، لأن عود الحياة قد أزهر في المغارة من البتول، لأن بطنها قد ظهر فردوساً عقلياً، فيه الغرس الإلهي، الذي إذ نأكل منهُ نحيا ولا نموت مثل آدم، المسيح يولدُ مُنهضاً الصورة التي سقطت منذ القديم.
+ صرت مشابهاً للرسل في أحوالهم وخليفةً في كراسيهم، فوجدت بالعمل المرقاة إلى الثاوريا، أيها اللاهج بالله. لذلك تتبّعت كلمة الحق باستقامة وجاهدت عن الإيمان حتّى الدم أيها الشهيد في الكهنة إغناطيوس، فتشفّع إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.
+ لقد ذاعَ صيتُكَ مَعَ الرُّسُلِ إلى أقاصي المسكونة، وَمَعَ المُعترفينَ احتملتَ الآلامَ مِنْ أجلِ المسيح، فشابَهْتَ القدِّيسينَ الأبرارَ الكارِزينَ بالكلمة، وَمَعَ المُوَقَّرينَ أُنِرْتَ بالنِّعمةِ الإلهيَّة. لهذا كَشَفَ السيِّدُ عَنْ لُجَّةِ خُشُوعِكَ، رافِعًا إيَّاكَ أعلى مِنَ السَّماوات، وَمَنَحَنا اسمَكَ يَنْبُوعًا باهِرًا