ألقدّيس ألكسندر
القدّيس ألكسندر هو روسي ويعتبر حامي الشعب الروسي في زمانه. هو أمير نوفغورود. امتاز بفضيلته وحكمته وجرأته. كان محبًّا للصلاة، دائم التأمّل في الكتاب المقدّس. سلك بالعدل واهتمّ بالفقراء. صدّ السويديين والليتوانيين والفرسان التوتونيين الذين توخّوا السيطرة على الإمارات الروسيّة، يومذاك، وتحويل الشعب الروسي إلى الكثلكة. سُمّي نفسكي نسبة إلى نهر نيفا حيث تمت له النصرة على السويديين. ولمّا كانت البلاد الروسيّة عمومًا تحت حكم التتار عرف بنعمة الله وحكمته وجرأته كيف يجعلهم يقبلونه ويثبّتونه أميرًا على نوفغورود وكييف. سعى لإفتداء المساجين لدى التتار وتخفيف الضرائب التي كانوا يفرضونها والحؤول دون تنفيذ سياسة التجنيد الإجباري في حق الشعب الروسيّ. أبى أن يضحي للأوثان ويعبر بالنار على طريقة التتار. بدل أن يعاقبه الخان التتاريّ بالموت أطلق سبيله بإكرام. رقد في الربّ وهو في الثالثة والأربعين بعدما ترهّب واقتبل الإسكيم الرهبانيّ الكبير وهو على فراش الموت. تبيّن بعد أكثر من مئة سنة من موته أن جسده لم يكن قد انحلّ بعد.
أبينا الجليل في القدّيسين أمفيلوخيوس أسقف إيقونية
هو أحد أبرز الآباء الذين اشتركوا في المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطنية (381م). ولد في بلدة كبّادوكية اسمها قيصرية الثانية بين العامين 340 و345 للميلاد من عائلة أرستقراطية، وهو أبن عمة القدّيس غريغوريوس ومشيره ورفيق جهاده. تلقّى من العلم نصيبًا وافرًا، درس على المعلم الوثني المعروف ليبانيوس الإنطاكي وامتهن المحاماة في القسطنطنية ابتداء من العام 364م، وامتاز بحكمته واستقامته وبمحبته ودماثته وكان خطيبًا مفوّهًا. كان مرهف الحس تجاه الظلم فاندفع في طلب العدالةفكان حماسيًّا جامحًا، كلّ ذلك هيأ له سبل النجاح والشهرة، لكن الحسّاد وصغيري النفوس كثر فتحكوا ضدّه وحاولوا الإساءة إليه واستغلال دفاعه عن مجرم متستر محتال لتشويه سمعته، وقد كان للقدّيس غريغوريوس دور فاعل في خلاصه من ورطته، فأصيب القدّيس بصدمة وترك مهنته بعدما خبر استحالة إحقاق العدال بين الناس، فانصرف إلى الحياة التقدّيسيّة ومال إلى الحياة النسكيّة، لكنه قبل الخروج إلى الصحراء لازم البيت ليعتني بوالده العجوز المريض لأنّه لم يكن من يستطيع القيام بالأمر غيره، في هذه الأثناء تعرّف بالقدّيس باسيليوس الكبير فأحبّه وصار صديقًا وتلميذًا له. ولمّا اختير القدّيس باسيليوس رئيس أساقفة قيصرية الكبادوك بدأ أمفيلوخيوس يقلّل من زيارته له خوفًا من أن يدعوه للخدمة الرعائيّة في الكنيسة، غير أن شغور كرسي إيقونية (مدينة في آسيا الصغرى) دفع بباسيليوس إلى الطلب منه أن يستلم الرعاية لكنه رفض وهرب وتحت إصرار باسيليوس قبل أمفيلوحيوس بالأمر خاصة أن هرطقة أريوس كانت تنتشر بشكل كبير وأراد باسيليوس أساقفة مستقيمي الرأي يثق بهم.
أعاد القدّيس النظام إلى أبرشيته وضبط أمورها كما تصدّى للهرطقة الآريوسيّة وغيرها من الهرطقات. وقد شارك في المجمع المسكوني الثاني وساهم في إعلان ألوهية الروح القدس ووحدة جوهره مع الأب والأبن.
عاش القدّيس أمفيلوخيوس حتّى أواخر القرن الرابع للميلاد. آخر ذك له ورد في مناسبة المجمع المنعقد في القسطنطنية سنة 394م وعرض لشؤون أبرشية بصرى في بلاد حوران. رقد بسلام في الربّ بعدما وطّد استقامة الراي وحب الفضيلة في شعبه مخلّفًا مواعظ وشعرًا وكتابات قيمة لم يبق منها إلا القليل.
أبينا الجليل في القدّيسين غريغوريوس أسقف أغريغنتية
نشأ القدّيس غريغوريوس في إحدى مدن صقيلية الإيطالية. وكان أبواه خاريطين وثيودوتي تقيين، وقد نذاره لله في”مهد الأقمطة ” وعهدا به إلى عرّابه بوطاميانوس الأسقف وهو في سن الثامنة. وما أن بلغ الثانية عشرة حتى صار قارئا. كان يومذاك قد حفظ كتاب المزامير غيبا. وإذ كان الله قد منّ عليه بصوت عذب فإن قراءته للكتاب المقدس كانت بهجة لنفوس سامعيه. غير أن أهتمامه الأول كان لا في تلاوة الكتاب المقدس بل في التأمل فيه ليل نهار. لذلك استعان بالصوم والصلاة. ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره استبد به شعور جامح دفعه لزيارة الأماكن المقدسة فغادر إليها متوخيا فهما أفضل لأسرار الكتاب المقدس.
من صقلية إلى أورشليم وبتدبير من الله ألتقى غريغوريوس في تونس، في طريقه إلى أورشليم، ثلاثة رهبان كانوا متوجهين إلى هناك فأخذوه معهم.
عبر المسافرون بطرابلس الغرب وبعض مدن مصر ولم يصلوا إلى القدس إلا بعد أربعة أشهر من إنطلاقهم لأن الرحلة كانت على الأقدام. ويبدو أن غريغوريوس حافظ خلالها على نظام غذائي صارم فلم يكن يتناول الطعام سوى مرة واحدة كل يومين أوثلاثة، كما أستمر منشغلا بتأملاته في الكتاب المقدس.
أقام غريغوريوس في الأرض المقدسة ست سنوات قضى أربعا منها راهبا في الصحراء برعاية شيخ روحاني مجرّب. وقد كان قبلة الأنظار. كثيرون مجّدوا الله عليه لصرامته في النسك وكماله المبكر في فضائل الطاعة والصبر واليقظة واستنارته في فهم غوامض الكتاب المقدس. وقد نما غريغوريوس في النعمة والقامة إلى حد جعل عارفيه يلقبونه ب”الذهبي الفم” الثاني .
وعرج على إنطاكية ومن القدس أنتقل قديسنا إلى إنطاكية فالقسطنطينية حيث نزل في دير على إسم القدّيسين سرجيوس وباخوس. همّ غريغوريوس في هذا الدير كان الصلاة والتأمل في مؤلفات القدّيس يوحنا الذهبي الفم.ويبدو أنه أعتاد السلوك يومذاك كغريب عن جسده حتى لم يكن يتناول إلا قليلا من الخضار، ويومي السبت والأحد فقط.
أطلاع القدّيس غريغوريوس على كتابات الآباء كان واسعا ومدهشا. أحضره بطريرك القسطنطينية مرة لديه لإمتحانه. وفيما بدأ البطريرك بتلاوة مقطع غامض للقديس غريغوريوس اللاهوتي ليشرحه له أكمله قدّيسنا غيبا وقدّم بشأنه تفسيرا جليا.
هذا وقد كان للقدّيس غريغوريوس، أثناء إقامته في القسطنطينية، دور مهم في دحض هرطقة المشيئة الواحدة ورد العديدين من الذين تبنوها إلى الإيمان القويم.
بعد القسطنطينية توجّه قديسنا إلى رومية حيث أقام فترة من الزمن إلى أن جرى أختياره أسقفا على مدينة أغريغنتية القريبة من بريتاريوم، موطن قدّيسنا الأول في صقيلية. وقد منّ عليه الله منذ ذلك الحين بموهبة صنع العجائب.
إشاعة كاذبة بشأنه كأسقف أنصرف غريغوريوس بغيرة إلهية وهمة لا تعرف الكلال إلى تنظيم أبرشيته وسيامة الكهنة والشمامسة وأفتقاد رعاياه والسهر على المساكين والأهتمام بالتعليم الديني للصغار، وغير ذلك من شؤون الرعاية، فأحبّه الناس وتعلقوا به. وقد جرت على يده حوادث شفاء كثيرة كتطهير البرص وإبراء الصم والبكم والمشلولين وطردالأرواح الشريرة. وإذ لم ترق نجاحاته لعدو الخير حرّك بعض ضعفاء النفوس الحاسدة الذين منهم كاهن يدعى سابينوس وشماس يدعى كريشنسيوس فبدأوا يثيرون ضده إشاعات مفادها أن فيه شيطانا لأنهم وجدوه لا يأكل ولا يشرب، وأن ما يأتيه من عجائب شفاء للمرضى إنما هو من عمل السحر والشعوذة. وقد تمادى الحاسدون في تأمرهم عليه إلى حدّ دفعوا معه بإمرأة هوى إلى تمثيل دور قذر لتشويه صورته وسمعته. الرواية، في هذا الشأن، تقول أن المرأة تسللت إلى داره يوما فيما كان يقيم الذبيحة الإلهية في الكنيسة. وما إن عاد برفقة بعض الناس الذين كان منهم سابينوس الكاهن وكريشنسيوس الشماس إلى دار المطرانية حتى خرجت المرأة من غرفة نومه في حال مثيرة للشبهات. وطبعا صعق الحاضرون، وأخذ الكاهن والشماس المتآمران يعيّران الأسقف ويحركان الحاضرين ضده، فيما وقف غريغوريوس صامتا هادئا وكأنه مستعد أن يتحمل نتأئج شائنة لم يرتكبها. كحمل بريء من العيب سيق إلى الذبح ولم يفتح فاه.
ألقي غريغوريوس في السجن، وبات الناس كأنهم مقتنعون بأنه مذنب. ثم جرى نقله إلى رومية حيث بدا البابا هناك مقتنعا هو أيضا بثبات التهمة عليه. لذلك حبسه سنتين كاملتين من دون محاكمة. أخيرا تألفت هيئة خاصة للنظر في قضيته. وإذ حضرت المرأة الزانية للشهادة، أستبد بها روح شرير فأخذت ترغي وتزبد. ولما حارت المحكمة في أمرها صلّى القدّيس غريغوريوس من أجلها فخرج منها الروح الخبيث. إذ ذاك أعترفت، وبدموع، أنها أتهمت رجل الله زورا وأنها فعلت ذلك بدافع الرشوة. ثم كشفت عمن كانوا وراء المؤامرة فبانت الحقيقة وأعيد لغريغوريوس الأعتبار فيما كان نصيب المفترين الخزي. تقول الرواية في هذا الشأن أن أكثر من مئة شخص وجدت وجوههم سوداء كالفحم لذنبهم وجرى نفيهم.
بعد ذلك عاد القدّيس غريغوريوس إلى أبرشيته وسط تهليل الشعب المؤمن وقد استمر في خدمتها إلى أن رقد بسلام في الرب في أواخر القرن السادس أو أوائل القرن السابع للميلاد.
الطروبارية
+ اليوم مقدّمة مسرّة الله وابتداء الكرازة بخلاص البشر، لأن البتول قد ظهرت في هيكل الله علانية وسبقت مبشرة للجميع بالمسيح فلنهتف نحوها بصوت عظيم قائلين: افرحي يا كمال تدبير الخالق!
+ يا إله آبائنا الصانع معنا دائمًا بحسب وداعت، لا تُبعد عنّا رحمتك، بل بتوسّلاتهم دبّر بالسلامة حياتنا.