البارة في الشهيدات أفجانيا الرومية ورفقتها
ولدت أفجانيا، التي يعني اسمها “الشريفة النسب”، لعائلة رومية عريقة. نشأت وثنية، اسم أمّها كلوديا وأسم أبيها فيليبس وهو صاحب فضائل طبيعية ولم تفسده الوثنية. سمي واليا لمدينة الإسكندرية، في أول شبابها، وهناك سلمه فيليبس ابنته إلى خيرة المعلّمين. وبطريقة ما لا نعرفها أطّلعت على رسائل القدّيس بولس فتأثرت بها واهتدت إلى المسيح من خلالها وذووها لا يعلمون. وكان أبوها قد جعل لها رجلين خصيّين، اسم الواحد بروتس واسم الآخر ياكنثوس، ليقوما بخدمتها. هذان تأثرا بالمسيحية نظيرها. فلما أحتدّت الروح في أفجانيا وخادميها غادروا بيت فيليبس سرا، وقيل تعرّفوا إلى أسقف قدّيس اسمه ألينوس، ثم اقتبلوا المعمودية عن يده. مذ ذاك قرّرت أفجانيا أن تكون عذراء للمسيح.
ويظهر أن أفجانيا ومن معها عاشوا في الخفية مدة من الزمن. كما ذكر أن البارة تزيّت بزي الرجال واتخذت أفجانيوس إسما لها. وثمة رواية تناقلتها الأجيال عنها أن امرأة اسكندرانية اسمها ميلانثيا، معروفة في قومها، أعجبها أفجانيوس للطافته ودماثته وطيبته فحاولت استمالته إليها فصدّها فشعرت بالمهانة وادّعت عليه بأنه رغب فيها وحاول إذلالها. وإذ كان فيليبس من قدّمت الدعوى لديه، فإنه أمر بجلب المدعّى عليه، فجاءت أفجانيا وجاء معها مرافقاها بروتس وياكنثوس. هنا يبدو أن الحقيقة انكشفت والتأم شمل عائلة فيليبس من جديد.
ثم أن فيليبس وبقية أفراد عائلته آمنوا بالمسيح واعتمدوا، وقيل صار فيليبس أسقفا واغتيل بسبب تخليّه عن الوثنية واقتباله الإيمان الجديد. إثر ذلك عادت العائلة إلى رومية.
في رومية عاشت العائلة في سلام لبعض الوقت، وقد اهتمت كلوديا، زوجة فيليبس، ببذل مالها للمرضى والغرباء. أما أفجانيا فاستقطبت عددا من الفتيات النبيلات وبشرّتهن بالمسيح وبثّت فيهن محبة الفضيلة، لا سيما سيرة العذرية.
هذا ويذكر التراث إسم واحدة من العذارى اللواتي التصقن بأفجانيا، المدعوّة فاسيلا أو فاسيليا. هذه كانت أسيرة ذويها لأن العادة بين بعض القدامى كانت ألا تغادر الفتاة بيت ذويها إلا إلى بيت زوجها. لكن فاسيلا التي وصلتها أخبار أفجانيا واشتاقت إلى الأتصال بها تمكّنت من توجيه رسالة إليها، فكانت رسالتها فاتحة علاقة ما لبثت أن توثّقت وأدّت إلى هداية فاسيلا واقتبالها المعمودية ومن ثمّ حياة العذرية. وقد ذكر أن فاسيلا تمكّنت، بدورها، من كسب عمّها والوصي عليها، إلينوس، إلى المسيح. ولكن وصل خبرها إلى بومبيوس الأمير الذي كان موعودا بها فاشتكى عليها أنها تتنكّر للآلهة وتحتضن أفكارا سامّة تدعو إلى الإمتناع عن الزواج. وقد حظيت فاسيلا، نتيجة ذلك، بإكليل الإستشهاد بعدما جرى قطع رأسها. ثم أنه جرى القبض على بروتس وياكنثوس الخصيّين واستيقا إلى معبد الإله زفس حيث حاول العسكر إجبارهما على تقديم الذبيحة للإله. ولما رفضا الإنصياع عمد الجلاّدون إلى قطع هامتيهما.
أخيرا أوقفت أفجانيا للمحاكمة فاعترفت بالمسيح ربا وإلها أوحد. ولما أخذت إلى هيكل أرتاميس لتقدمّ لها فروض العبادة قسرا، تحت طائلة الموت،تمسّكت بأمانتها ولم تتزحزح. إذ ذاك طرحت في نهر التيبر فنجت، بنعمة الله، فأمسكوها من جديد وألقوها في السجن حيث بقيت إلى أن جرى قطع رأسها. كان اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول.
البار أنطيوخوس الغلاطيّ
عاش في زمن الأمبراطور البيزنطيّ هرقل، كان من غلاطية، ترهّب في دير القدّيس سابا في فلسطين، ذاع صيته لفضيلته وقداسة سيرته. شهد سقوط أورشليم في أيدي الفرس سنة 614م وكتب عن الخراب الذي حلّ بالمدينة وانتقال الصليب المحيي إلى بلاد الفرس. بكى عليها وعلى قتلاها.
بناءً على طلب مواطنه أفسطاتيوس، رئيس دير أتالين في أنقرة الغلاطية، وضع مؤلفًا بعنوان “الجامع في الكتاب المقدّس” لفائدة الرهبان الغلاطيين الذين أخرجهم الفرس من أديرتهم وباتت الكتب تنقصهم. وهو عبارة عن مائة وثلاثين فصلاً تضمّنت تعليم الكتاب المقدّس وحكمة آباء الكنيسة مما إكتسبه أنطوخيوس من مطالعاته وخبرته. وقد لُقّب صاحبه ڊ “البنديكتي” نسبة إليه. وللقدّيس صلوات وأقوال نسكيّة نافعة. من الصلوات المنسوبة إليه الصلاة المعروفة: “وأعطنا أيّها السيد إذ نحن منطلقون إلى النوم راحة النفس والجسد……”. وله أقوال منثورة هنا وهناك في مختارات أفرجنتينوس التي اتخذت بالعربية اسم “كيف نحيا مع الله”.
البار نيقولاوس الجندي
كان القدّيس نيقولاوس جنديًّا في الجيش البيزنطي في أيّام الأمبراطور نقفر الأول، المرجّح أنّه كان من أصل سلافي من بلاد البلقان. ولعله كان قائدًا لأحد الفيالق التي خرجت لمحاربة البلغار. في طريقه إلى المعركة نزل فندقًا ليبيت ليلته، تحرّشت به أبنة صاحب الفندق فصدّها وحصل هذا مرّات عديدة وفي كلّ مرّة كان يصدّها لأنّه كان رجلاً يخاف الله وزادته رهبة الخروج إلى الحرب تمسّكًا بالأمانة وإصرارًا عليها. بعد معركة قويّة حصلت بين الجيشين البيزنطي والبلغاري وإنتصار البلغار في الحرب ترك الجندية والتحق بدير وبقي فيه حتّى آخر حياته.
الطروبارية
+ في ذلك الوقت كُتبتْ مريم مع يوسف الشيخ في بيت لحم، بما أنهما من زرع داوود، وكانت حاملةً الحمل الذي من غير زرعٍ. فلمّا حان وقت الولادة ولم يكن لهما مكان في القرية، ظهرت المغارة للملكة كبلاط مُطرِب، المسيح يولدُ منهضاً الصورة الّتي سقطت منذ القديم.