القدّيس الشهيد ديمتريوس المفيض الطيب
إنّ ما نعرفه عن القدّيس ديمتريوس قليل، ومع ذلك فإن له في وجدان الكنيسة ذكرًا حسنا وإكرامه طبّق الآفاق.
ولد في مدينة تسالونيكي ونشأ فيها، وقد قيل من أبوين تقيّين عُدما ثمرة البطن طويلا إلى أن افتقدهما الله بعدما استغرقا في الصلوات والنذور ومحبة الفقير والصبر.
ويشاء التدبير الإلهي أن يعبر الأمبراطور مكسيميانوس بمدينة تسالونيكي عائدًا من حرب خاضها ضدّ البرابرة السكيثيين، شمالي غربي البحر الأسود. ولما كان والده قائدًا عسكريًّا أنشأه على ضبط النفس والجهاد والأمانة، كما على التقى ومحبّة الفقير. ولمّا بلغ الأشدّ تلقّى من العلم قدرًا وافرًا ثمّ إنخرط في الجنديّة كأبيه وأضحى قائدًا عسكريًّا مرموقًا. وقد أقامه الأمبراطور مكسيميانوس على مقاطعة تساليا، وقيل قنصلا على بلاد اليونان. هذا فيما تذكر مصادر أخرى أنّه كان شمّاسًا غيّورًا وحسب. ولكن غلبت عليه صورة الجنديّ.
كانت العادة أن تقام الأحتفالات ويرفع البخور للملك والآلهة وتقدّم الذبائح في المناسبة، فقد أعطى الملك توجيهاته بإعداد العدّة في هذا الشأن في المدينة. وأغتنم بعض حسّاد ديمتريوس الفرصة فقاموا وأسّروا للأمبراطور حقيقة من كان قد أولاه ثقته أنه لا يتساهل بشأن المسيحيّين وحسب، كما أوصى جلالته، بل اقتبل هن نفسه المسيحية وأضحى مذيعا لها. فأغتاظ الأمبراطور وأرسل في طلب عامله. فلمّا حضر استفسره الأمر فاعترف ديمتريوس بمسيحيّته ولم ينكر، فجرّده الأمبراطور من ألقابه وشاراته وأمر بسجنه ريثما يقرّر ما سيفعله به، فأخذه الجند وألقوه في موضع رطب تحت الأرض كانت تفوح منه الروائح الكريهة.
أيقن ديمتريوس أن الساعة قد أتت ليتمجّد الله فيه فأخذ يُعدّ نفسه بالصلاة والدعاء. كما أوعز إلى خادمه الأمين لوبوس الذي كان يعوده في سجنه بتوزيع مقتنياته على الفقراء والمساكين.
وإن هي سوى أيام معدودة حتى أرسل الأمبراطور جنده إليه من جديد فطعنوه بالحراب حتى مات. ويقال أن السبب المباشر لتنفيذ حكم الإعدام السريع هذا كان تغلّب الشاب المسيحيّ نسطر على لهاوش، رجل الأمبراطور، في حلبة المصارعة. فقد سرى انّه كان لديمتريوس ضلعًا في ذلك، فيما ظنّ الأمبراطور أنّ ما حصل كان بتأثير سحر هذا المدعو مسيحيًّا.
ويقال أن خادم ديمتريوس، لويس ،أخذ رداء معلمه وخاتمه من السجن بعدما غمّسه بدمه وأن الله أجرى بواسطتهما عجائب جمّة. وبقي كذلك إلى أن قبض عليه الجند هو أيضًا وقطعوا هامته.
تذكار الزلزلة التي حدثت سنة 740م
في السنة 740 للميلاد ضرب مدينة القسطنطنيّة زلزال قوي دك المباني وطمر الآلاف من الناس. كان ذلك في أيام الأمبراطور لاون الإيصوري الذي قاد منذ العام 725م حملة ضد استعمال الإيقونات في العبادة وعمل على اتلافها وملاحقة مكرميها. وقد قال الكثيرون يومها إن الزلزلة كانت علامة غضب الله على الأمبراطور والفريق المحارب للإيقونات. أنى يكن الأمر، فإن صلوات هذا اليوم تربط الزلزلة بخطايا الشعب، وتبدي أن الله أحدثها ليرهب الذين لا يخافونه. كذلك تركّز هذه الصلوات على اعتراف المؤمنين بأنّهم قد حادوا عن سبل الله القويمة، وتحث على التوبة استنادًا إلى مراحم الله العجيبة وطول أناته. إحدى هذه الصلوات تقول: “قد اضطربنا وارتعدنا من غضبك هذا العادل الذي حلّ بنا يا محبّ البشر، وأحاق بنا امام اليأس حين رأيناك ساخطًا علينا”. (صلاة السحر – الأودية الثامنة – الطروبارية الأولى) وتقول أخرى: “إن الارض تتنهّد وتهتف بلا لسان قائلة: لما تنجسوني يا لفيف الناس بشروركم الكثيرة، والسيّد يشفق عليكم أنتم ويؤدبني أنا بجملتي. فانتبهوا واشعروا واستعطفوا الله بالتوبة!”.
صلاة السحر – الأودية التاسعة – الطروبارية الرابعة
وتقول ثالثة: “أنك بزالزال الأرض كلّها يا حسن الشفقة وحده ترهب الذين ليس في قلويهم شيء من خوفك. لكن عاملنا بمراحمك العجيبة جريًا على مألوف عادتك”.
الطروبارية
+ إن المسكونة قد وجدتك منجداً عظيماً عند الشدائد، وقاهراَ للأمم يا لابس الجهاد، فكما أنك حطمت تشامخ لهاوش، في الميدان شجّعت نسطر، كذلك أيّها القدّيس ديمتريوس توّسل إلى المسيح الإله أنّ يهب لنا الرحمة العظمى.
+ يا من ينظر إلى الأرضِ فيجعلها ترتعد، أنقذنا من وعيد الزلزلة الرهيب، أيها المسيح إلهنا وأرسل لنا مراحمك الغنية، بشفاعات والدة الإله وخلِّصنا.