القدّيس زوتيكوس
ولد القدّيس زوتيكوس في رومية في كنف عائلة مؤمنة. تلقّى قسطًا وافرًا من العلم ونشأ محبًّا للفضيلة. وقع اختيار القدّيس قسطنطين الكبير عليه ليساعده في تأسيس عاصمته الجديدة. أصدر الأمبراطور أمرًا بإخراج المصابين من العاصمة أو إلقائهم في البحر، أنّى تكن حالهم، لوضع حد للوباء. انعصر قلب زوتيكوس لهذا التدبير فتوجّه إلى القصر الملكيّ وطلب من الأمبراطور كمية كبيرة من الذهب ليشتري بها لآلىء وحجارة كريمة، فحظي بموافقة الأمبراطور، وبعدما وضع يده على ذهب وفير أخذ يطوف المدينة ويجمع المرضى والأيتام وسار بهم إلى هضبة تقع على الضفة المقابلة للبوسفور فنصب لهم الخيام والأكواخ وأمّن لهم العناية والتعزية. فلمّا تولّى قسطنديوس العرش مكان أبيه، وكان مناصرًا للفريق الآريوسي، لاحق المستقيمي الرأي واضطهدهم، وما كان من الحساد إلا أن أوغروا صدر الأمبراطور لكي ينتقم من زوتيكوس لأنّه يهدر الأموال على الفقراء والمعوزين فاستدعاه ولما شاهد ما قام به مع المرضى والمعوزين والمشردين، ودعا الأمبراطور إلى العودة إلى الإيمان الحقيقي، أمسك الأمبراطور به وقيّده إلى بغال وحشيّة وجرّروه على الأرض إلى أن لفظ أنفاسه فأسلم الروح.
أكرم القدّيس زوتيكوس كشفيع لمؤسسات البرّ والإحسان في العاصمة البيزنطيّة.
القدّيس البار كيرياكوس تسلاوو الروماني
كان القدّيس كيرياكوس من دير تسلاوو، نسك خمسين سنة في الجبال المحيطة بالدير. اقتنى الصلاة المتواصلة. كان يقضي لياليه ساهرًا باكيًا. لا يأكل سوى الخبز الجاف وبعض الثمار البريّة. اقتنى بصيرة حسنة ونعمة طرد الشياطين. اتخذ كثرًا من الرهبان والعلمانيين كانوا يأتونه للاعتراف بخطاياهم وأخذ نصائحه. لعب دورًا بارزًا في نمو الحياة الهدوئيّة في تلك الفنرة في مولدافيا. خلّف وراءه عددًا كبيرًا من النساك والرهبان الذين سلكوا في أثره.
القدّيسة البارة ميلاني الصغرى
ولدت فاليريا ميلانيا سنة 383 م. تزوجت قصرا، وهي في الثالثة عشرة من عمرها. زوجها “بنيان” كان ابن ساويروس حاكم رومية. حالما تمّ زفافها اقترحت على زوجها ان تسلك وإياه في العفّة. ويكونا بمثابة أخ وأخت و بعد أخذ ورد أتفق الزوجان على إنجاب ولدين وحسب تأمينا لذريّتهما. وكان أن منّ الرب الإله عليهما بأبنة . ثم بعد سنوات قليلة أنجبت ميلاني صبيا. لكن توفي الصبي والبنت معا بعد حين. فكان ذلك إيذانا لميلاني و”بنيان” بأن خروجهما من العالم قد آن. ميلاني كانت، إلى ذلك الحين، تسلك في التقشّف المموّه بمظهر الغنى والأرستقراطية. أما الآن وقد انفك رباط الزوجين بالعالم فقد غادرا منزلهما الفخم في رومية ليستقرا في ضاحية للمدينة متكرّسين للعناية بالمسافرين والمرضى والمساجين. من ذلك الوقت أخذت ميلاني وزوجها في تصفية ثروتهما الهائلة. ومن ناحية ثانية أعتقا ثمانية الآف من العبيد وزودا كلا منهم بثلاث قطع ذهبية.كذلك حوّلا، عبر بعض الرجال الثقاة، أموالا جزيلة من الغرب إلى الشرق لتشييد الكنائس والأديرة.ثم،سنة410 م، انتقل الزوجان من رومية، بعدما غزاها ألاريك الغوطي، إلى صقلية برفقة ستين عذراء وثلاثين راهب، ومن هناك انتقلا إلى إفريقيا الشمالية .
مذ ذاك أخضعت ميلاني نفسها لنسك خليق بأشاوس الآباء المحاربين في عمق الصحارى. واقتنت العادات النسكية بالتدريج وبثبات لا أثر فيه للتراجع أو التردّد. وأخذت في الصيام الكامل خمسة أيام في الأسبوع لا تأخذ ما يقيتها إلا السبت والأحد.راحتها الليلية كانت لساعتين و حسب، والباقي كان للصلاة. قلاّيتها كانت من الضيق بحيث تعذّر عليها ان تمدد قامتها وترفع رأسها. تجربة المجد الباطل، وهذه حرّكها الشّرير بقوة عليها، كانت تدفعها عنها بطريقتين :أولاها السخرية من الشيطان واحتقار ما يأتيه عليها لأن إحساسها بتراتبيتها وبطلان العالم كان عميقا، وثانيهما وداعتها وحرصها على ألاّ تدّخر فكرا واحدا، كائنا ما كان، فيه عداوة لإنسان.
زارت النسّاك في برّية نيتريا في مصر . وأقامت ميلاني أربعة عشر عاما (417 -431 م) في قلاية عملت والدتها على إعدادها. وقد اعتادت ملازمة مكانها وعدم الخروج منه البتة بين الظهور الإلهي والفصح المقدّس.على ان هذا لم يمنعها من الأهتمام بأمور الكنيسة. تمسّكها بالإيمان المستقيم لا غبار عليه وحساسيتها للتعاليم الفاسدة والهرطقات كانت كبيرة. على أثر وفاة والدتها خرجت ميلاني من عزلتها وأسست على جبل الزيتون ديرا للعذارى ضمّ تسعين عذراء. جعلت نفسها خادمة للجميع. مثالها كان الآباء وتعليمها أقوالهم. تركيزها في توجيه العذارى كان على الثبات في الجهاد، وعلى الصحو والإنتباه إلى فخاخ العدو، وعلى حمية الذهن في الصلاة الليلية، وخصوصا على المحبة.
رقد “بنيان”زوجها ورفيق جهادها في الروح 431 م.دفنته بقرب المغارة التي أشيع ان الرب يسوع تنبأ فيها بخراب أورشليم بقيت ثم أوعزت إلى جيرونتيوس الكاهن،أن يقيم ديرا للرجال في المكان، وكانت هي الأم الروحية للشركة الجديدة، تغذّي الرهبان بالإرشاد واوقد منّ الرب الإله على أمته المختارة بموهبة شفاء المرضى. كانت تزوّد من يأتون إليها ليستشفوا إما بالزيت المقدّس المأخوذ من أضرحة بعض الشهداء وإما ببعض الحاجيات الخاصة بإحد القدّيسين المعروفين.
مرضت ميلاني بعدما اختفلت بعيد الميلاد المجيد سنة 439 م فجمعت راهباتها وأعطتهم وصيتها ونصائحها قالت لهن أنها باقية معهن طالما هنّ باقيات أمينات للعريس السماوي. ثم زودّت الرهبان بنصيب من النصح والكلمة وعيّنت جيرونتيوس الكاهن رئيسا عليهم بعد ذلك رقدت بسلام. وقد ثبت ديرها إلى زمن الغزو الفارسي، سنة 614 م، حين دمر. غير أن المغارة التي نسكت فيها، عند جبل الزيتون، وما زالت ماثلة إلى اليوم، شاهدة لعجب الله في قدّيسيه.
هذا وبعض رفات القدّيسة ميلاني الصغرى موجود إلى اليوم في كنيسة القيامة في القدس وفي قوزانا المقدونية وفي دير الثالوث القدّوس في أكروتيري الكريتية.
الطروبارية
+ ميلادك أيّها المسيح إلهنا قد أطلع نور المعرفة في العالم، لأنّ الساجدين للكواكب، به تعلّموا من الكوكب السجود لك يا شمس العدل، وأنّ يعرفوا أنّك من مشارق العلو أتيت، يا ربّ المجد لك
+ أتممتِ سعيك في هذي الحياة، بالتجَّرد والنسكِ الشديد، فبلغتِ حدَّ التخلّي عن كلّ شيء، مُغتنيةً بالنعمة الإلهية، ومرشدةً إلى الجهاد القويم. فيا أيتها الأم البارةُ ميلاني، توسّلي إلى المسيح الإله، أن يمنحنا الرحمة العظمى.