القدّيس جيراسيموس
مولود في القسطنطينيّة والابن الروحي لأحد المعترفين الميامين، أغابيوس بوليسماس. هذا أرسله إلى القدّيس مكاريوس كالوغيراس ليدرس في المدرسة التي أسّسها في باتموس. حميّته وتعلّقه بمكاريوس جعلا منه معاونًا لهذا الأخير بعدما استكمل دراسته. اِرتبط الاثنان بصداقة متينة نظير صداقة باسيليوس الكبير بغريغوريوس اللاهوتي.
تحمّلا معًا المشاق والصعوبات التي تعرّضت لها المدرسة لتستمرّ في تلك الأيام العجاف. كلّ شيء بينهما كان مشتركًا حتّى بديا روحًا واحدة في جسدَين ولم يكونا بحاجة لأن يكتب أحدهما بمعزل عن الآخر لأنّ ما كان يعبّر عنه الواحد كان إيّاه ما يفكّر فيه الآخر. سيم جيراسيموس راهبًا كاهنًا على دير القدّيس يوحنا اللاهوتي، فيما بقي مكاريوس شمّاسًا. لا شيء غيّر من اعتبار جيراسيموس مكاريوس أبًا روحيًّا له ومحاميًّا. فلما رقد هذا الأخير بالربّ وجّه جيراسيموس إلى أصدقائه رسائل فيها النحيب واليأس على أبيه. تسلّم مسؤولية المدرسة التي ضمّت حوالي مائة طالب وامتحن بأمراض شتّى كابدها بفرح وثبات. لم يعش بعد وفاة أبيه إلا ثلاث سنوات. وقد وُجد جسده، فيما بعد، غير منحلّ. مذ ذاك كلّ سكّان الجزيرة أخذوا في إكرامه قدّيسًا وشرعوا يطلبون شفاعته.
القدّيس الشهيد كاليوبيوس البمفيلي
هو من عائلة مشيخيّة في برجة بمفيليا. أمّه ثيوكليا، هي التي ربّته على الفضائل المسيحيّة. فلما صدر مرسوم قضى بملاحقة المسيحيّين في كل مكان واستعادتهم إلى الوثنية أو التنكيل بهم، شجّعت الأم ولدها على مغادرة برجة فلجأ إلى بومبيوليس الكيليكية. هناك شاهد، بأمّ العين، طقوس العربدة التي اعتاد أن يكرّم بها مكسيمينوس الوالي آلهة المملكة. وقد امتنع المسيحيّ الشاب عن المشاركة في تلك الطقوس قائلا: أنا مسيحيّ وبالأصوام، لا بالعربدة، أعيّد لمسيحي! للحال أوقفوه واستاقوه إلى حضرة الوالي الذي عرض عليه ابنته زوجة إن قبل أن يضحّي لآلهة الأمبراطورية، فأجاب: قد أعطيت نفسي بالكامل للإله المسيح وأشاء أن أقدّم لمحكمته هذا الجسد عذراويا لا دنس فيه. فاستشاط مكسيمينوس غيظاً عليه وهدّده أن يُلقيه طعماً لألسنة اللهب. فأجاب: هذه العذابات مهما طال أمدها ولو عنفت لا تجعل إكليلي إلا أكثر غنى وأعظم قيمة لأنه مكتوب: “لا يكلّل أحد ما لم يجاهد جهاداً شرعياً”.
ضرب رجل الله بالسيور المطعّمة بالرصاص، ثم مددّوه على منصبة فوق نار حامية. لكن ملاكاً أطفأها مبطلا ًجهود الجلادين. على هذا ألقى القاضي المجاهد المغوار في السجن الداخلي المظلم.
فلما بلغ ثيوكليا، والدة كاليوبيوس، ما جرى أطلقت عبيدها ووزّعت غناها على الفقراء والكنيسة، ثم جاءت إليه في سجنه. فلما رآها، لم يتمكن من الوقوف على قدميه، حيّاها قائلا: مرحى، يا أماه! سوف تشهدين آلام المسيح فيّ فأجابته: إني لمسرورة أنه أعطي لي أن أكرّسك للسيّد كنزاً جزيل الثمن. ثم أنّهما سهرا، معاً، يصلّيان ويمجّدان الله.
ومثُل أمام المحكمة فهتف: “إنّي لَعَلى عَجَلة أن أموت لأجل المسيح معلِّمي!”
في الخميس العظيم ، علمت ثيوكليا أن ابنها حكم عليه بالموت صلباً فأعطت الجلاّدين خمس قطع فضيّة. وفي اليوم التالي، الذي هو الجمعة العظيمة، أسلم القدّيس روحه لله. فلما أنزلوه عن الصليب أسرعت إليه أمّه لتضمّه وتقبّله ثلاثا وهي تمجّد الله. وللحال أسلمت، هي أيضاً، الروح لله.
وقد وارى المسيحيون الإثنين الثرى بعدما اتّحدا، في محبة المسيح، إلى الأبد.
الطروبارية
+ شهيدك يارب بجهاده نال من الإكليل غير البالي يا إلهنا، لأنه أحرز قوتك فحطم المغتصبين، وسحق بأس الشياطين التي لا قوة لها، فبتوسلاته أيها المسيح الإله خلّص نفوسنا.