لبّى صاحب السيادة الميتروبوليت غطاس هزيم الجزيل الاحترام الدعوة التي وجهتها له الكنيسة المارونية في الكويت ممثلة بشخص راعيها الأب ريمون عيد ومجلس رعيتها المحترمين للمشاركة في احتفالية عيد مار مارون ومار يوحنا مارون شفيع الكنيسة المارونية يوم الجمعة الواقع في 2016/02/05 حيث حضر سيادته القداس الإلهي برفقة وفد من مجلس الرعية وشارك من بعد القداس بتقطيع كعكة العيد ومتابعة البرنامج المعد في الاحتفالية.
وقد كانت لسيادته كلمة بهذه المناسبة جاء فيها:
” الصدّيق كالنخلة يزهر وكأرز لبنان ينمو ”
عندما يقف المرء في الديمان ليطل على وادي قاديشا حيث نشأت الموارنة التي سلكت في الرهبنة مسلك القديس مارون الناسك الخلقيدوني المذهب والذي عاش في القرن الرابع الميلادي بشمال سوريا. وادي قاديشا أي القديسين، وما المحابس والمناسك فيه إلا صرخة في برية هذا العالم، الذي تصحّر عندما تحكمت به الآلة والمعدن، الذي مَعْدَنَهُ فأصبح قاسياً بلا قلب ولامشاعر.
نعم تصحَّر العالم عندما لم يعد صدى للروح الإلهي، وأصبح يسمع صدى صوته فقط. لقد تصحَّر عندما لم يعد عافّاً عن الخطيئة لا بل أصبحت هي محركتُه. لقد تصحّر عندما لم يعد الله هو قلبه إنما هو قلب ذاته فأصبح بلا دم. لقد تصحّر عندما أصبح غصناً بلا جذر ففقد نسغَه.
هنا تأتي أهمية النسك، فمارون الناسك خرج الى الصحراء فجعل منها روضة، غادر الناس فأصبح لهم مُلهِماً، ترك زيف العالم وبهرجته فتزيَّن بالفضيلة التي جذبت أتباعه.
ففي تذكار مؤسس الكنيسة المارونية القديس يوحنا مار مارون، عادت بي الذاكرة إلى لقاء جميل مع غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، أطال الله بعمره ومده بالحكمة، في الديمان حيث عبق التاريخ المقدس وحيث الصرخة إلى أتباعه، ألا زال هذا الإرث حياً بكم؟ الحياة بحاجة إلى نسك للعودة إلى الصفاء والتمييز، فضجة الحياة والمناصب والسلطة وجاذبيتِها قد تنسيك الله وإنسانيتك، فما المنفعة من حياتك إن خسرت أخاك وزميلك وصديقك وجارك؟! فما الحياة بدون حب؟ والحب نسك وعفة عن الذات لتلقى الله في الآخر.
في ذكرى القديسين نذكر أن الله بجهالة الصليب أعطى الحكمة للعالم، و”رأس الحكمة مخافة الله” والحكمة تكمن في الصليب أي بالتضحية والجدية وليس باللامبالاة مرض العصر. في ذكرى القديسين عودة إلى الذات وتذكر الأمانة والعهد.
أخيراً أتوجه إلى أحبائي في الرعية المارونية بالكويت سائلاً الله أن يحفظهم راعياً ورعية ومجلس رعية وهيئات بشفاعة مار مارون، ويجعلكم مثالاً على مثاله ” ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم السماوي”.
وكل عام وأنتم بخير