لمحة تاريخية


بغداد:

بدايةً نتحدث عن العراق حيث اتجه الرسول توما شرقاً حاملاً بشارة الرب يسوع فوصل إلى أقاصي الهند لكنه عبر بالعراق فكان تأسيس الكنيسة الأوّل هناك على يده. وتوالى على الكنيسة رعاة ورؤوساء كهنة وقديسون كان لهم الأثر الكبير في تثبيت المسيحية هناك ومنهم القديس يعقوب النصيبيني والقديس إفرام السوري تلميذه والقديس البار أبراميوس الذي من الرها وابنة أخيه مريم وآخرين كثر أيضاً. الطابع السرياني للمنطقة وقربه من الآرامية التي تحدث بها المسيح ساهم في انتشار المسيحية في العراق وإنجاز أول نسخة سريانية من الإنجيل تعود لنهايات القرن الأول وبدايات القرن الثاني.

الصراع التاريخي ما بين الامبراطورية الفارسية والأمبراطورية الرومانية أثّر في المسيحين هناك حيث تعرضوا للاضطهاد منذ نهايات القرن الأول وتحديداً سنة 98 على عهد كسرى الأول وبلغ أوج هذا الاضطهاد مع الملك شابور الأول بين عامي 339 -379 وذلك من بعد أن سمح الأمبراطور القديس قسطنطين الكبير بحرية العبادة وانتشار المسيحية في الامبراطورية الرومانية واعتناقه هو شخصياً للمسيحية. اذ اعتبر الفارسيون المسيحيين في العراق بأنهم متعاونون مع الامبراطورية الرومانية بسبب الدين الواحد لكليهما، فحصد هذا الاضطهاد أكثر من 16000 شهيد مسيحي من أهمهم القديس الشهيد يعقوب الفارسي المقطّع، ومع ظهور الخلاف العقائدي حول طبيعتي المسيح الناسوتية واللاهوتية والانشقاق الذي أصاب الكنيسة بعد المجمع المسكوني الرابع الخلقيدوني سنة 451، انكفأت الكنيسة الرومية الأرثوذكسية هناك لتحلّ محلها الكنيسة السريانية التي خضعت للحماية الفارسية بسبب خلافها مع الأمبراطورية الرومانية عقائدياً وإيمانياً وسياسياً. استمر هذا الانكفاء حتى بناء مدينة بغداد في القرن الثامن وانتقال الخلافة العباسية إليها حيث عاد لها الحضور الرومي الأرثوذكسي ولكن ليس بالقوي وما من شهادات أو آثار كثيرة عن تلك الحقبة، وانتهت بالاجتياح المغولي واحتلال مدينة بغداد في القرن الثالث عشر مستمرةً بهذا الانقطاع حتى نهاية القرن التاسع عشر.

العصر الحديث للابرشية يبدأ مع بدايات القرن العشرين بالمهاجرين الاشوريين المضطهدين من إيران وتوطنهم بغداد في العام 1914 حيث أسسوا رعيةً وبنوا كنيسةً على اسم الرسول أندراوس في أواسط العشرينات من القرن الماضي في منطقة كمب الكيلاني حاليا وابتدأ العديد من الأرثوذكس المتواجدين في أطراف الامبراطورية العثمانية ومن آسيا الصغرى والأطراف الجنوبية من روسيا بالتوافد إلى الرعية والإقامة فيها، وكانت القداديس تقام بالآشوري والعربي وكان يأتيهم كهنة من سوريا لخدمتهم. تبعت الكنيسة قانونياً الكرسي الروسي وكان الأسقف يوحنا هو أول أسقف عليها. ومع بداية الخمسينات من القرن الماضي وبعد مشاورات كثيرة بين بغداد والقسطنطينية وأنطاكية أُعيدت السيادة على هذه الابرشية للكرسي الانطاكي وانتخب المجمع الأنطاكي المقدس المطران فوتيوس الخوري سنة 1953 ميتروبوليتاً للأبرشية. وفي الفترة نفسها استلمت كنيستنا قطعة ارض كبيرة بُنيت عليها الكنيسة الحالية بمساهمة أبناء الرعية في بغداد. الكنيسة مبنيةُ على الطراز الروسي وعرفت الكنيسة باسم الكنيسة الزرقاء وذلك لان ألوانها الخارجية كانت زرقاء. تم ترميم الكنيسة في عهد الميتروبوليت قسطنطين (مطران الأبرشية السابق ) وتجديد الأيقونسطاس والمائدة والمذبح ليُصار إلى تدشينها من قبل صاحب السيادة المتروبوليت قسطنطين في 18/1/2002. أما الكنيسة الثانية التي على اسم القديس جاورجيوس فبنيت على أرض منحتها الدولة للكنيسة في العام 1972، وتمَّ تدشينها رسمياً في 13/9/1991 أيضا من قبل صاحب السيادة الميتربوليت قسطنطين الذي تسلًم الابرشية خلفاً للمطران المتنيّح فوتيوس بعد انتخابه من قبل المجمع الأنطاكي المقدّس في دورته العادية في تشرين الول للعام 1969.

للأبرشية في بغداد أوقاف كنسية. فهناك دار للمطرانية تحوي صالة استقبال ومكاتب وسكن للاكليروس وغرف للتعليم الديني (مدارس الأحد). وأيضاً بناية للوقف تحوي على روضة الفرح منذ العام 1997 ومدرسة الفرح الابتدائية منذ العام 2007. أيضاً قاعة للمناسبات معمول بها منذ العام 1997. كما أنه تمَّ شراء بناية جديدة في العام 1998 كوقف جديد للمطرانية وهدمها وإعادة اعمارها بمخطط يضم دار المسنين ومسبح داخلي وقاعة العاب رياضية إضافة إلى شقق للأكليروس والعاملين في المطرانية وتم البدء بهذا المشروع ببركة راعي الأبرشية، صاحب السيادة المتروبوليت غطاس هزيم في 14 / 8 / 2015 .

الرعية الآن في حالة من الضعف من جهة العدد وذلك بسبب هجرة أبنائنا المتوالي منذ العام 1980 إبان الحرب العراقية الايرانية ومن ثم التشديد على الرعايا غير العربية من بعد الاجتياح الغاشم لصدام حسين للكويت سنة 1990 حيث غادرها كل الرعايا الارثوذكس من غير العرب كالروس واليونانين والصرب وغيرهم. ومع الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003 وتردّي الاوضاع الحياتية سنة تلو الأخرى، هاجر غالبية أبنائنا العرب خارج العراق لتتحول الرعية هناك من الآلاف في أربعينات وخمسينات القرن الماضي إلى بضع عشراتٍ في يومنا الحالي. وهنا لابد من الإشارة الى أن سيادة المطران غطاس في زيارته الأولى الى الرعية وضع حجر الأساس لمجّمع ارثوذكسي.

أيضا زار اقليم كوردستان حيث طلب من حكومته قطعة أرض لتشيد كنيسة عليها لتكون مقرا للرعية الحديثة التي بدأ بإنشائها في الإقليم وبهذا يعيد تجديد الرعية الأرثوذكسية التي كانت في الموصل في القرن التاسع عشر حتى السنوات القليلة الماضية حيث هدمت الكنيسة ووضع مذبحها في كنيسة السريان الأرثوذكس في الموصل.

المسيحية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام:

قبل التوغّل في القسم الجنوبي للابرشية أي كل من رعية الكويت ومسقط مضافاً إليهما نظرياً كل من السعودية واليمن، سنتحدث قليلاً عن المسيحية في شبه الجزيرة العربية انطلاقاً من العرب الذي سمعوا بطرس الرسول في المقدس من بعد العنصرة (أعمال الرسل 2: 11). وقبلوا الإيمان وحملوه إلى قبائلهم وأوطانهم.

عندما وصلت المسيحية إلى شبه الجزيرة العربية كان للوضع الجغرافي والاجتماعي دور في ظهور اتجاه مسيحي خاص فيها. فالطبيعة السهوبية البعيدة القاحلة حالت دون سيطرة الفكر المسيحي الارثوذكسي عليها كما أن فكرة وجود الإله الأحد وهجرة اليهود والمسيحيين المتهودين من بعد دمار الهيكل سنة 70 ميلادي لعب دوراُ في انتشار نهج فكري إيماني محدّد. ومع تقدّم الزمن وانتشار بعض النحل المسيحية الهرطوقية والتي أهمها الآريسوية التي أنكرت على إبن الله الألوهة وتماهيه مع أبيه والنسطورية التي فصلت باللاهوت والناسوت فجعلت كل منهما موجود بذاته دون اتحاد أقنومي في شخص يسوع المسيح وغيرها من النحل التي جسّدت فكراً إيمانياً منحرفاً عند العرب المسيحيين. وأيضاً من الأسباب الأساسية لهذ الواقع المؤلم للمسيحية في شبه الجزيرة العربية هي التحالفات السياسية للقبائل المسيحية فالغساسنة المستوطنون حوران والاردن وجنوب لبنان وفلسطين الشمالية وأيضاً التنوخيين شعوب مملكة الحيرة الذين سكنو العراق والصالحيون الذين سكنوا البصرة كانوا في تحالفٍ مع بلاد الروم أما اللخميين شعوب مملكة المناذرة فتحالفوا مع الفرس. هذه التحالفات جلبت الحروب والاقتتال بين المعسكرين. بهذا النوع من المسيحية احتك الإسلام وتفاعل عند ظهوره.

المكان الاكثر أهلية للسكن والتوطّن كان الجنوب العربي نجران أي اليمن والمملكة الحميرية أي سلطنة عُمان بسبب المياه والسهول والزراعات والرعي وغيرها من الميزات الاخرى التي ساعدت المسيحية في انتشارها مع نهايات القرن الثالث (270م) واستمرّت حتى الاضطهاد والحرب الذي أعلنها (ذا النواس) الملك الحمْيري اليهودي الشهير سنة 523 حيث عاث في نجران قتلاً وتدميراً فقام بحفر إخدود وأحرق فيه أكثر من خمسة آلاف مسيحي وفيهم يقول القرآن الكريم:”قُتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود، إذ عليهم قعود، وهم ما يفعلون شهود” (سورة البروج 85،4،7). أما أعيان القبيلة وأشرافها فقام بتعذيبهم أشد عذاب كي ينكروا المسيح فما أنكروه فنالو الشهادة وعلى رأسهم أسقف نجران القديس الحارث بن كعب (عبد الله بن الثامر). على إثر هذا الاضطهاد تدخل ملك الحبشة المسيحي بناءً على طلب الامبراطور يوستنيانوس لنجدة المسيحيين وكان لهم هذا فانتصر لهم وساهم في ترميم كنائسهم وتشييد غيرها ككنيسة القيامة وكنيسة السيدة وكنيسة شهداء نجران وكنيسة الصعود وكنيسة القديس يوحنا المعمدان وكنيسة القديس توما الرسول.

المسيحية التي انتشرت في نجران والمملكة الحمْيرية كانت مسيحية أرثوذكسية أما المسيحية التي انتشرت في قلب شبه الجزيرة العربية فكانت إما بتأثير المناذرة الذين كانو بغالبيتهم ذي نهج نسطوري أو بتأثير الغساسنة البيزنطي لارتباطهم بالكنيسة في سوريا والقسطنطبنبة.

الكنيسة لم تستطع أن تسوس القبائل وتتولّى أمورها الروحية فقد داخلتها في المعتقد والممارسة خواص تختلف في جوهرها عن الأصول المسيحية. فبعضٌ منهم اشترك في الحج إلى الكعبة مع مواطنيهم الوثنيين، لأن أداء فريضة الحج الوثنية كان إلزاماً يفرضه المكيّون لدوافع مادية وتجارية. وبعضهم خلط المسيحية باليهودية، وبعضهم خلطها بالهرطقات المسيحية كالنسطورية والآريوسية والمانوية. ومن أهم القبائل المسيحية التي كانت في قلب وشمال شبه الجزيرة العربية هي: (قبيلة بكر، قبيلة تغلب، قبيلة بنو إياد، قبيلة بنو تميم، قبيلة بنو قضاعة وقبيلة طيء) ومن أهم الأماكن التي سكنها المسيحيون فهي:

مكة: وأشهر الشخصيات التي سكنتها كان ورقة بن نوفل إبن عم خديجة أولى زوجات النبي محمد. وكان ورقة أسقف مكة وإمام المسيحيين فيها. ومن الشخصيات الأخرى الشاعر المشهور أميّة ابن أبي الصلت، وعبد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث الأسدي وعديُّ بن زيد التميمي الذي يشير إلى رفع الصليب في مكة ببيت الشعر: سعى الأعداءُ لا يألون شرّاً عليَّ وربِّ مكة والصليب. كما أن الكعبة حوت بداخلها على أيقونات للمسيح والعذراء والرسل القديسين وقد حفظها النبي محمد عندما وضع يده عليها وأمر أتباعه بتدمير كل أوثان الكعبة والإبقاء على الأيقونات فيها فقط.

معان: كانت مركزاً تجارياً مهماً كانت خاضعة لحماية الروم وقد فرضت عليها الجزية بعد انتشار الاسلام في شبه الجزيرة العربية.

تيماء: مدينة في نجد كانت موطن الشاعر المشهور السمؤال (صموئيل) ابن عاديا وكانت تقاطع طريق يصل البتراء بالخليج العربي. اكتشف فيها حجر منقوش بالارامية يعود للقرن الخامس قبل الميلاد يتضمن صلاة تعود للاله صَلم هَجَم. ضمت العديد من مساكن قبيلة طيء.

تبوك: تقع شمالي الحجاز سكنها بنو قضاعة وجاورهم فيها بنو كلب من قبيلة تغلب المسيحية فرض عليه الرسول محمد جزية من بعد حصار ومصالحة.

يثرب: كانت موطناً لليهود وخاصة من بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع وغالبيتهم كانو على عداءٍ مع الرسول. سكانها من المسيحيين قلائل ومن أشهرهم حسان بن ثابت الذي صار فيما بعد شاعراً للرسول.

ومن الشخصيات الاخرى المسيحية في شبه الجزيرة العربية: الشعراء عدي بن زيد، يحي بن متى، قس بن ساعدة، عبد المسيح بن بقيلة، حاتم الطائي وابنه عديّ، … وآخرين كثيرين.

هذه هي المسيحية التي كانت قبائلاً وشخصياتٍ منتشرين في كافة شبه الجزيرة العربية أثّرت فيها وارتقت بنمط حياتها. تفاعلت مع جاهليتها فأثمرت فيهم إشراقات وتبدّلات. بعض نحلها المارقين على المسيحية والهراطقة وجدت لها مسلكاً إلى شبه الجزيرة العربية فنشرت فكراً نسطوريا نَزَع عن الأقنوم يسوع صفة الطبيعتين المتحدتين به من دون اختلاط أو تشوش او امتزاج فقسّموه إلى طبيعة إلهية منفصلة عن الإنسانية فأسندوا إلى المسيح كإنسان ما هو إنساني وإلى الكلمة ما هو إلهي. فانتشر الفكر الإيماني القائل بأن المسيح ما هو إلا نبيٌّ وليس ابن الله رافضةً التجسد ومدعيةً بأن الروح نزل عليه من بعد ولادته من مريم العذراء. فكرُ سيؤثر بالنهج الديني الذي سيجتاح شبه الجزيرة العربية ليصل ما بين القرنين الثامن والعاشر إلى تفريغ شبه الجزيرة العربية من كل نمط ديني مغاير.

الكويت:

اختفت المسيحية من شبه الجزيرة العربية مع نهاية القرن العاشر الميلادي ولكن آثارها ما زالت شاهدةً لحضورها سواء في السعودية أو اليمن أو الكويت (جزيرة فيلكا – منطقة الصليبية) أو بالبحرين أو قطر حيث منشأ القديس إسحق السرياني والذي وجد فيها أكثر من 300 كنيسة ودير. ولم يقوض للمسيحية عودتها ثانية لشبه الجزيرة العربية حتى بدايات القرن العشرين مع البعثات الاميركية وإنشاءها للمشافي الأميريكة سواء في الكويت أو البحرين وجاء معها مبشرين بروتستانت أنشأوا كنائس إنجيلية في المشافي نفسها. ومع اكتشاف النفط في ثلاثنيات القرن الماضي وبدء النهضة الاقتصادية في المنطقة والحاجة لتواجد اليد العاملة، وَفَدَ إليها أناسٌ من كافة أصقاع الارض وخاصة من بلاد الشام والعراق مركز الكنيسة الارثوذكسية. بدايات العقد الخامس من القرن العشرين شهدت الوَفْدَ الأكبر لسكان بلاد الشام وخاصة من فلسطين مع النكبة التي أصابتها والاستيطان اليهودي لها وتهجير سكانها من مسيحيين ومسلمين. الكويت كانت الوجهة الاساسية حيث حطّ المهجّرين ترحالهم فيها وتنظّموا وانخرطوا في المجتمع الكويتي. تعدادُ المسيحيين لم يكن بالقليل وكانت لهم حاجاتٍ كنسيةً ضروريةً ما استوجب إرسال كهنة من الكنيسة الانطاكية لمتابعتهم ورعايتهم إلى أن صارت الكويت معتمدية بطريركية مع بداية العقد السادس من القرن الماضي حيث أرسل الأب إيليا عيسى بتكليف من غبطة البطريرك ثيودوسيوس السادس مع كتابٍ رسمي لسمو الأمير عبد الله السالم رحمه الله. فكان له كل الترحيب والتشجيع من قبل سموّه والشعب الكويتي. لكن لم يقمّ الأب ايليا عيسى بشكل دائم بل كان كثير التنقل بين الكويت وبيروت مع الحرص على التواجد في فترة الأعياد الكبيرة وتتميم خدمات المعمودية والأكاليل للكويتين المسيحيين المجنّسين منذ الثلاثينات وللمقيمين أيضاً في الكنائس المتوفرة آنذك سواء الأنكليكانية او البروتستنتية أو الكنيسة الكاثوليكية التي بقرب فندق الشيراتون. أول كاهن مقيم بشكل دائم في الكويت كان الأرشمندريت سيرجيوس عبد (مطران تشيلي حالياً) حيث جاء الكويت في العام 1963 فرعى الكنيسة بكل أمانة ومحبة وجمع الرعية حول الكنيسة حيث بلغ تعدادها أكثر من 1800 عائلة مارسات شعائرها الدينية أيضا في كنائس مستأجرة كما السابق. النهضة النوعية للرعية كانت باستصدار رخصة لمدرسة برعاية وإدارة الكنيسة فكانت مدرسة السلام ثمرة مجهودات الرعية حيث ازدهرت وتطورت وصارت لها المكانة الاولى بين المدارس العربية العاملة في الكويت وكانت تضم إضافةً إلى أبنائنا العديد من أبناء الكويت المواطنين والمقيمين. استمرت رعاية الأرشمندريت سيرجيوس حتى عام 1976 ليخلفه على الرعية الأب جورج بندلي حتى تاريخ انتخاب أول مطران رسمي في العصر الحديث على المنطقة الجنوبية لبغداد وكان ذلك في الدورة المجمعية العادية لتشرين الأول للعام 1969 حيث انتُخب المطران قسطنطين باباستيفانو مطراناً على الأبرشية، وفي تاريخ 20/11/1969 دخل المطران قسطنطين المُنتخب حديثاً آنذاك الكويت للمرة الأولى. فابتدأ العمل على تنظيمها وترتيبها فكانت الخطوة الأولى التي ابتدأ فيها المطران قسطنطين هي استئجار مكانٍ ثابتٍ للصلاة ولسُكنى المطران والكهنة حيث تمكن من استئجار حوش عربي في منطقة الرميثية فكان المقر الأول للمطرانية ولإقامة الصلوات وسُكنى المطران. عمل المطران قسطنطين على ترتيب المطرانية ووضع نظام مالي واشتراكات لتأمين الحاجيات المادية المستجدّة في الرعية كما عمل على متابعة شؤون مدرسة السلام التي أغلقت أبوابها في أواسط السبعينات بسبب خلافات ضمن مجلس إدارتها ما دفع المطران قسطنطين إلى أغلاقها وإلغاء الترخيص المعتمد. ومع نهاية السبعيات وبداية الثمانينات اضطررت الرعية لمغادرة مقر الكنيسة القديم بسبب مطالبة صاحب الملك به لأسباب شخصية ما دفع الرعية ولفترة طويلة للاستعانة بالكنيسة الارمنية لإقامة الصلوات وكنائس أخرى حتى توفقت بالمقرُّ الحالي الكائن في سلوى في أواسط الثمانينات وبرغبة من المالك الذي ينتمي لعائلة أشكناني.

اضطربت الكويت في نهاية الثمانينات مع الإجتياح العراقي للكويت العام 1989 الامر الذي دفع غالبية سكان الكويت من مواطنين ومقيمين إلى مغادرتها حتى تحريرها في العام 1990 وعودة المقيمين وازدياد عدد الرعايا من التابعية السورية واللبنانية وانخفاض كبير لأبنائنا من التابعية الفلسطينية لأسباب سياسية حينها. أُعيد ترميم الكنيسة والمطرانية وتمّ استئجار قطعة الارض المجاورة لإقامة كنيسة مع ملحقاتها لخدمة الرعية المتجدد وابتُدأ العمل سنة 1996 لينتهي في العام 2002 وكانت النتيجة كنيسة كبيرة تفي الرعية خدماتها مع قاعة كبيرة للنشاطات والاحتفالات ومدارس الأحد.

استمر الحالُ جيداً وفي تحسّنٍ مستمر حتى اختلف ورثة مالك العقار على حصصهم ما دفع العقار إلى المحكمة ليُحال إلى المزاد العلني في عام 2010 فواجهت الرعية إمكانية خسارتها لمكان صلاتها ولقائها فصار العمل الدؤوب والحثيث لتأمين الدعم المالي المحتاج للحفاظ على الكنيسة فتجلّت أسمى صور التعاون والمحبة والتفاني للحفاظ على الكنيسة التي ومن بعد نجاحنا في المزاد العلني باتت تمتلك نسبة 38% من العقار بهمة أبناء الرعية جميعاً.

انتخب المجمع المقدّس في دورته المجمعية العادية في تشرين الاول أوكتوبر من العام 2014 الأسقف غطّاس هزيم ميتروبوليتاً على أبرشية بغداد والكويت وتوابعهما، من بعد استقالة المطران قسطنطين بابااستفانو. وجرى احتفال تنصيب المطران الجديد في 15/1/2015، وهو منذ ذلك الوقت يرعى الرعية حيثّ جدّد مقرُّ المطرانية ليصير بيتاً لكل الرعية. وأجرى استبياناً للوقوف على حاجات الرعية الروحية والاجتماعية والمادية. وهو مستمرٌّ في رعاية الابرشية.

مسقط:

بدايات الرعية تعود للعام 1998 حيث زار كاهن أرثوذكسي أميركي البلاد ليقدس لأعضاء الجيش الأميركي الأرثوذكسيين، الامر الذي لم يتم بسبب عدم تواجد جنود أرثوذكس ولكن الزيارة لم تذهب هباء بسبب تواجد موظفة من أبناء الكنيسة في السفارة الأميركية فجرى التواصل معها ومن ثم مع أبرشية أميركا الأنطاكية التي وجهتهم للاتصال بالكويت حيث هناك مقر المطران وهو المسؤول عن سائر جزيرة العرب. وبالفعل تم الأمر وأرسل لهم كاهناً في المناسبات بادئ الامر. ومن ثم ومنذ العام 2000 بدأ يتوافد إلى الرعية كهنة من المطرانية في الكويت ليخدموا هذه الرعية حتى أن خُصص كاهن مقيم يخدم الرعية.

وفي عام 2017 في عهد المطران غطاس هزيم تم وضع حجر الأساس لبناء الكنيسة التي تم منح الأرض من قبل جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله، والرعية الآن بصدد بناء هذه الكنيسة بمساعي أبناء الرعية وكاهن الرعية الأرشمندريت ديمتريوس منصور.

أعضاء الرعية من جنسيات مختلفة العربية واليونانية والروسية والرومانية والقبرصية والأميركية، وخدمة القداس تُقام بالعربي واليوناني والانكليزي يوم الجمعة وبعض الأحيان أيضاً يوم السبت لأبناء التعليم الديني (مدارس الأحد)، نشاطات الرعية مختلفة منها الروحية حيث يوجد أخوية سيدات لدراسة الكتاب المقدس، فرقة عائلات تجتمع شهرياً ضمن نشاطات مختلفة ترفيهية وروحية، كما تقوم الرعية دائماً بنشاطات موسمية ميلادية وفصحية مثل البازار وحفلات ورحلات دينية في الصيف.

GoCarch