١٥ تموز – القديسين الشهيدين كيريكس ويوليطا – القدّيس فلاديمير الكييفي، المعادل الرسل، منير الشعب الروسي

November-8-2018

القدّيس فلاديمير

إثر حصار الروس للقسطنطينة في العام 864م، أرسل القدّيس فوتيوس إلى كييف أسقفًا وعددًا من الكهنة بقصد زرع بذور المسيحيّة هناك. لكن البعثة تعثّرت بسبب تغيّرات عسكريّة وسياسيّة حدثت. بعد ذلك حاول الروس ثلاثًا أخذ المدينة المتملّكة، خلال الأعوام 911 و944 و971، ولكن على غير طائل. وبفضل العلاقات التجاريّة مع كييف أضحى التجّار حملة للإيمان المسيحيّ. فما إن حلّ العام 945م حتّى وُجدت في كييف رعيّة مسيحيّة تجتمع في كنيسة على اسم القدّيس النبي الياس. لهذا التواجد المسيحي يعود الفضل في هداية القدّيسة أولغا أرملة الأمير إيغوار. لكن مسيحيّة أولغا لم تصر حركة شعبيّة بسبب تمسّك ابنها سفياتوسلاف بالوثنيّة. فلمّا توفّي صار ابنه ياروبولك أميرًا لكييف فيما استقرّ اخوه الأصغر، فلاديمير، في نوفغورود. أمّا فلاديمير فاضطهده أخوه فلجأ إلى سكندينافيا ليعود، أميرًا لكييف في العام 980م. لم يكن فلاديمير، أول أمره، مائلاً إلى المسيحيّة، والتحوّل حصل في حياته إثر سعيه بعد انتصاره في معركة ضدّ الـ”Jat Vagues” في العام 983م. إلى تقديم ضحية بشريّة للوثن بيرون. اختياره وقع على مسيحيَّين هما ثيودوروس وابنه يوحنّا. هذان صارا أول شهيدَين مسيحيَّين في روسيا. لكن الذبيحة التّي قدّمها فلاديمير تركت اثرًا كبيرًا في نفسه وحملته على التساؤل في شأن الديانة الحقّ. اهتمامات فلاديمير الدينيّة بلغت أسماع الشعوب فأوفد المسلمون البلغار واليهود الخازار والمسيحيون اللاتين والروم الأرثوذكس مبعوثين إلى كييف يرومون كسب الأمير الكبير إليهم. استشار فلاديمير البويار (الأمراء الصغار) وقرّر إيفاد سفراء إلى مختلف البلدان التي أتى منها المبعوثون ليقف على هذه الديانات في ديارها. فلمّا بلغ سفراؤه القسطنطينة تسنّى لهم المشاركة في القدّاس الإلهيّ وفي شتى إحتفالات الكنيسة الكبرى، كنيسة الحكمة المقدّسة. إنطباعهم كان قويًّا لدرجة أنّهم ذهلوا ونقلوا إلى فلاديمير ما عاينوه على النحو التالي: “لم نعرف ما إذا كنا في السماء أم على الأرض، لأنّه ليس على الأرض مشهد مماثل لما عاينّاه ولا جمال، وأنّنا لأعجز عن التعبير عنه. فقط نعرف أنّه هنا يقيم الله مع الناس وعبادته هنا تفوق العبادة في أيّ مكان آخر. لا طاقة لنا على التغاضي عن هذا الجمال، ونحن على يقين أنّنا لن نتمكّن، بعد اليوم، من العيش في روسيا بطريقة مختلفة!”. فلمّا اقتنع فلاديمير بأنّ هذا المجد الذي عاينته السفارة متجلّيًا في كنيسة القسطنطينية لا يمكن إلا أن يكون بهاء الحقيقة قرّر أن يصير مسيحيًّا على دين الروم.

في تلك الأثناء أنهكت الأمبراطور البيزنطيّ باسيليوس الثاني حربه ضدّ البلغار وكان مهدّدًا بالخروج من القسطنطينية بعد ثورة بارداس فوقا عليه في العام 987م. هذا جعله يستعين بأمير كييف الكبير، فلاديمير، الذي عرض مدّه بستة الآف محارب شرط ان يعطيه أخته، أنّا البيرفيرية، زوجة، واعدًا بأن يصير هو وشعبه مسيحيّين. وبالفعل أُخمدت ثورة بارداس، لكن الأمبراطور تأخّر في الإيفاء بوعده بشأن تزويج أخته من بربري، ردّ فعل فلاديمير كان أنّه احتلّ مدينة شرصونة في الكريمية وهدّد بمواصلة الزحف حتّى القسطنطينية ما لم يفِ الأمبراطور بالتزامه. هذا حدا بباسيليوس الثاني إلى إرسال أخته يرافقها الأسقف ميخائيل وكهنة عُيّنوا مرسَلين إلى روسيا. وقد اعتمد الأمير الكبير واتّخذ اسم باسيليوس يوم الظهور الإلهيّ. كذلك اعتمد ضبّاطه. وبعد ذلك تمّ الزفاف.
لمّا عاد فلاديمير إلى كييف أطلق زوجاته الوثنيّات وشرع في تطهير المدينة من عبادة الوثان وألقى بتمثال الإله بيرون في نهر الدنيبر على مرأى من الشعب. كذلك أخذ القدّيس ميخائيل الأسقف يكرز بكلمة الله مستعينًا بفلاديمير. وفي العنصرة اعتمد جمهور كبير من الناس في النهر. وقد كان القدّيس فلاديمير عرّابًا للشعب الروسيّ في معموديته، كما ألغى حكم الموت وسلك في سيرة مرضيّة لله حتّى أطلق عليه شعبه تسمية “الشمس المشعّة”. وقد بنى الكنائس محل هياكل الأوثان وخاصة كنيسة بهيّة على اسم رقاد والدة الإله في موضع استشهاد القدّيسين ثيودوروس ويوحنا. كذلك أنشأ المدارس لتعليم الشعب وإعداد الكهنة، كما بُعث بالمرسلين في كلّ ناحية للكرازة بكلمة الله باللغة السلافية. أضحت كييف مركز الأسقف المتروبوليت التابع للبطريركية القسطنطينية وله سلطة على كلّ الأرض الروسيّة.

القدّيسان الشهيدان كيريكس ويوليطا

كانت القدّيسة يوليطا من طبقة النبلاء في أيقونية.
مسيحيّة ترمّلت، لكنها أبت أن تتزوّج ثانية مؤثرة العيش في التقى والأعمال المَرضيّة لله مع ابنها كيريكس ذي الثلاثة الأعوام.

لمّا شرع دوميتيانوس، حاكم ليكاؤنيّا، بوضع القرارات الملكيّة بشأن اضطهاد المسيحيّين موضع التنفيذ سنة 304م، لجأت قديستنا إلى سلفكية مفضّلة التخلّي عن كلّ خيراتها الماديّة واقتبال عذاب النفي المرير على نكران الربّ يسوع. لكن سرعان ما وجدت في تلك المدينة، حالة أشد اضطراباً لجهة اضطهاد المسيحيّين، لأن موفد الأمبراطور، المدعو الكسندروس، كان قد أثار الرعب هناك وسلّم إلى التعذيب والموت كلّ الذين رفضوا الخضوع للمراسيم الملكيّة. إزاء هذا الوضع آثرت يوليطا أن تتوجّه إلى طرسوس الكيليكيّة مع ابنها وخادمتين. لكنّها وجدت الطاغية، ألكسندروس، قد سبقها وشرع في إتمام عمله الشقيّ. وإذ انتهى إلى الموفد الملكي خبر اللاجئة النبيلة، عمد إلى إيقافها وتقديمها للمحكمة مع ابنها. أمّا الخادمتان فتمكّنتا من الإفلات ومتابعة بقية ما حدث في الخفاء . هناك سئلت يوليطا عن هوّيتها فأجابت ببساطة: “أنا مسيحيّة!” فاغتاظ الحاكم ودفعها إلى التعذيب.

أوثقها الجلاّدون وانهالوا عليها ضرباً، ونزعوا ابنها من بين يديّها، وقدّموه للحاكم الذي داعبه في البداية وطلب اليه أن يترك أمّه، فالتفت الفتى إلى أمه وشاهدها كيف تتعذّب، فردّ بقسوّة عرض الحاكم وضربه بقبضتيه وخدشه بأظافره وهتف قائلاً: “أنا مسيحي!” مما أثار غضب الحاكم الذي أمسك به وألقاه على درجات سلّم القصر، فانكسرت للحال جمجمته وفارق الحياة.
إمتلأت أمّه فرحاً وشكرت الربّ لأنّه فتح أبواب المجد لإبنها. فجنّ الحاكم من تصرفها وأمر جنوده بإنزال أشدّ العقوبات بالمرأة الّتي وعلى الرغم من ألمها، حافظت على إيمانها بالربّ يسوع.
ولمّا لم تنفع مع قديستنا كلّ أعمال وتدابير الحاكم، أمر هذا الأخير بقطع رأسها، وألقي جسدها وجسد ابنها في الحفرة المخصّصة للمحكومين.

ولمّا أسدل الليل ستاره جاءت الخادمتان وأخذتا الرفات ودفنتاها في مغارة في تلك الأنحاء.

القدّيس أسيا العجائبيّ

كان والده واسمه بنثر معروفًا في قومه، بشرف المحتد والثروة والفضلية. وكانت أمّه تضاهي أباه بالسيرة الحسنة ونشأ بقرية بجانب لوسطره.

كانت كلّ أسباب السعادة الأرضيّة متوفرة للعائلة ومع ذلك كانا حزينيين بسبب عقر المرأة، لهذا السبب أكثرا من العطاء على أسخى ما يكون وزارا كلّ الكنائس سائلين رحمة ربهما ومبتلين إليه لينعم عليهما بثمرة البطن لو أمكن.

لم ييأس الزوجان من الأمر وكانت الأيام تمضي وتزيدهما ثقة بالرب وإصرارًا وانكيارًا. وبعد كضي 53 سنة على زواجهما قصدت الزوجة كنيسة على اسم السابق وهناك التقت بكاهن اسمه يوليلنوس أنعم الله عليه بنعمة التبصرّ فخرج إليها وطلب منها الثبات بايمانها لأنّ الرب سيرزفها بولد سوف يذاع اسمه في كلّ أقطار المسكونة، فخرجت من عنده متهللة ومسرورة، وبعد 15 يومًا حبلت المرأة ولمّا ولدته أعطته اسم “أسيا” الذي ترجمته في اللغة اليونانيّة “الطبيب”. تأدب الفتى بالكتب المقدّسة وكان ذهنه مستنيرًا وملك من العلوم قدرًا كبيرًا في وقت قصير. ولمّا بلغ الخامسة عشرة زوّجه والده، غير أنّه ترك كلّ شيء والتجأ إلى دير قريب من مدينته كان فيه راهب متهذّب في طريقته فعرّفه بحاله. وبعد سنوات خرج إلى طور سيناء طالبًا النسك وتعرّف هناك براهب شيخ وسكن معه ولمّا فارق رفيقه الحياة لازم الطور مدّة من الزمن ويقال أنّه قام بالعديد من العجائب ويقال أنّه أتمّ حياته بتعب وجهد نسكي و قبل رقاده طلب إلى ربّه أن يمنح الكنائس السلام والمحبّة ودعا للحكّام زوال خطاياهم وسعة أثمارهم.

استقيت سيرته من المخطوط السينائي العربي سنة 407

الطروبارية

شهيداك يا رب بجاهدهما، نالا منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنّهما أحرزا قوّتك فحطّما المغتصبين وسَحَقا بأسَ الشياطين الّتي لا قوّة لها، فبتوسّلاتهما، أيّها المسيح الإله، خلّص نفوسنا.

GoCarch