١٧ كانون أول – القدّيس دانيال النبي، والفتية القدّيسين الثلاثة حنانيا وعازريا وميصائيل، وأبينا الجليل في القدّيسين ديونيسيوس رئيس أساقفة أجينة الذي من جزيرة زاكنثس (زنطة)

March-3-2019

أما ديونيسيوس فولد وتربى في جزيرة زنطة. وكان أبواه مكيوس وبفليني حسني العبادة وغنيين. ولما كان حدث السن مضى إلى الدير الملوكي الذي كان في إحدى الجزيرتين المدعوتين استروفادس وتوشح باكيم الرهبنة. ثم رسم رئيس أساقفة على جزيرة أجينة فساس أبرشيته سياسة بهية زمناً طويلاً. ثم عاد فيما بعد إلى وطنه وقضى فيه باقي حياته بالبر. وفي سنة 1624 توفي بسلام تاركاً جسده الشريف لأهل وطنه نموذجاً للفضيلة والتقوى وحسن العبادة.
وأما دانيال النبي والفتية الثلاثة فكانوا جميعاً من سبط يهوذا الملوكي، ولما سبى بختنصر اليهود وجلاهم إلى بابل سنة 599 قبل المسيح على عهد يواكيم أو يواخين الملك الذي يدعى يخنيا أيضاً (سفر الأيام الأوّل ص3 ع26 وسفر الأيام الثّاني ص36 ع8) كانوا من جملة المسبيين وهم أولاد حديثو السن. وهناك نظموا في سلك الأسرى المنتخبين لخدمة بختنصر الملك المذكور وقد دعي دانيال منهم بلطشاصر وحنانيا سدراخ وميصائيل ميساخ وعازريا عبد ناعو. فتربوا في البلاط الملوكي وتعلموا حكمة الكلدانيين ففاقوا فيها بعد شروعهم بتعلمها بثلاث سنين على جميع حكماء الكلدانيين (دانيال ص1).
ثم أن دانيال وهو فتي السن فسّر موضحاً المقصود بذلك التمثال السرّي الذي رآه بختنصر في الحلم مركباً من معادن مختلفة أنه قطع حجر من جبل من دون يد بشرية وكسر ذلك التمثال وسحقه حتى غدا كالغبار. وأبان بتفسيره جلياً أن المراد بالجبل سمو قداسة البتول وقوّة الروح القدس التي ظللتها. والمراد بالحجر يسوع المسيح الولود منها بدون زرع الذي بما أن إله سيقيم في مجيئه الثّاني للمؤمنين به ملكه السماويّ الأبدي الذي لا يزول بعد أن يسحق ويفني جميع ممالك العالم المرموز عنها في التمثال (دانيال ص2 ع31 – 45)، ثم سبق وأشار عن زمان ظهور المسيح في الأردن وابتدائه بالكرازة الانجيلية وعن زمان آلامه الخلاصية وابطال العبادة الناموسية محرراً ذلك على الضبط والتدقيق بعد السبعين أسبوعاً من السنين كما هو معلوم (دانيال ص9 ع14 – 27) وصوّر صورة مجيئه الثّاني الجلية المريعة تصويراً جيداً مستعملاً سمو الأقوال كألوان نضرة موضحاً بها الكرسي اللهيبي الموضوع والقاضي الأبدي الجالس عليه ونهر النار الجاري أمامه وقضاء المحكمة التيلا تأخذ بالوجوه ومصاحف أعمال كل أحد المفتوحة واألوف ألوف خدامه وربوات الواقفين قدامه (دانيال ص7 ع9 و10). وقد لقب من الملائكة الذين كانوا يظهرون له “برجل الشهوات” لأنه إذا اشتهى جداً أن يعلم هل يحصل أبناء جنسه على العتق وما عساها تكون حالهم” ازدرى بكل شهوة جسدية غير مكترث بشيء من ضروريات الجسد حتى الخبز نفسه الأشد لزوماً لقوت الانسان فكان يتضرع إلى الله تعالى ثلاث مرات كل يوم بلا انقطاع صائماً راكماً. وبسبب ذلك طرح في جب الأسود إذ وشي به أعداؤه للملك أنه خالف أمره الذي أصدره بأن لا يسجد أحد لإله ولا يطلب شيئاً منه ولا من إنسان إى من الملك وحده إلى مدة ثلاثين يوماً. وكانوا هم قد دبروا له هذه الحيلة عمداً إلاأنه سد أفواه الأسد بقوّة الله وقام بينها كراع للخراف موضحاً بذلك للكفرة قوّة حسن العبادة واقتدارها (دانيال ص6 ع1 – 13).
وأما الفتية الثلاثة فإذ رفضوا السجود لتمثال بختنصر وعبادته (وكان دانيال إذ ذاك غائباً كما يلوح) طرحوا في أتون النار فلم ينلهم منها عطب بل بقيت كل أجسادهم حتى شعورهم سالمة. لأن ملاكاً انحدر وندى لهم الأتون فصاروا يتخطرون في وسط النار كأنهم على ندى مسبحين الله بالتسبيح المشهور الذي تتضمنه التسبحة السّابعة والثّامنة من الستيخولوجيا. ثم خرجوا من الأتون ولم يكن على ملابسهم أثر رائحة النار. وكان ذلك رمزاً عن ولادة البتول التي لم يخامرها فساد. فإن البتول تقبلت نار اللاهوت ولم تلتهب أحشاؤها ولم تزل بتولاً كما كانت قبل الولادة أيضاً (دانيال ص3).
ولما كان الثلاثة الفتية ودانيال قد سبقوا ورسموا صورة تجسد المسيح واخبروا به وهم أيضاً من سبط يهوذا الذي منه كان المسيح بحسب الجسد رأت الكنيسة أن تعيد لهم سنوياً في مثل هذا اليوم وفي أحد الأجداد الماضي وفي الأحد القادم الذي قبل ميلاد المسيح. ثم أن الثلاثة الفتية القدّيسين توفوا مملوئين أيامأً. وتخلف عنهم دانيال النبي الذي عاش على عهد كيري (قورش) ملك الفرس فاستماح منه عودة أبناء جنسه إلى أورشليم واعادة بناء الهيكل فحصل على بغيته. ثم توفي بسلام وله من العمر 88 سنة. وسفر نبؤته يقسم إلى 12 فصلاً وهو الرّابع والأخير في عداد أسفار الأنبياء الكبار الأربعة.

الطروبارية
+ عظيمة هي تقويمات الإيمان، لأن الثلاثة الفتية القدّيسين قد ابتهجوا في ينبوع اللهيب، كأنهم على ماء الراحة، والنبي دانيال ظهر راعياً للسباع كأنها غنم، فبتوسلاتهم أيّها المسيح الإله خلص نفوسنا.
+ لنكرم جميعنا باتفاق أيّها المؤمنون، ديونيسيوس نتاج جزيرة زاكنثس وزعيم أجينة، وحافظ دير استروفادس هاتفين إليه بإخلاص: خلص بتوسلاتك المقيمين تذكارك والهاتفين نحول: المجد للمسيح الذي مجدّك، المجد للذي جعلك عجيباً، المجد للذي منحنا إيام شفيعاً لا يغفل.

GoCarch