١٨ تموز – القديس الشهيد أمليانوس دوروستوروم – القدّيس البار بامبو النيتري

November-8-2018

القدّيس الشهيد اميليانوس دوروستوروم

أبان حكمه (القرن الرابع م)، توجّه كابيتولينوس إلى دوروستوروم، وهي سيليسترا الحاليّة في بلغاريا، واطلق التهديدات بالموت في حقّ المسيحيّين ومن يعرفونهم ولا يشون بهم، فهتف الذين كانوا في الديوان انّه لا مسيحيّ في مدينتهم وانّ كلّ السكّان يضحوّن لآلهة الأمبراطور.

فارتاح كابيتولينوس لهذا الخبر وشاركهم المأدبة المقامة على شرفه. وإذ بفتى مسيحيّ نبيل اسمه إميليانوس، يدخل هيكل الأوثان وفي يده مطرقة، وفي غفلة عن العيون عمد الى تحطيم الأصنام وقلب حمّالات الشموع والمذابح، وسكب على الارض الخمر وغادر دون ان يُلاحظه أحد. ممّا أثار غضب كابيتولينوس فأمر بالبحث عن الجناة، وهكذا انتشر الجنود للبحث عن الفاعل، ولئلا يعودوا فارغين، قبضوا على فلاّح عابر سبيل وجرّوه وهم يضربونه، ولما علم إميليانوس بالخبر، سلّم نفسه وأعلن انّه هو الفاعل.

فاحضروه أمام كابيتولينوس. ولمّا سأله عن سبب هذا العمل أجاب انّه حرّ وعبد في آن: فهو عبد الله وحرّ من الأوثان. ثمّ أضاف: هي محبّة الله والغيرة للمسيح والاشمئزاز من رؤية هذه التماثيل الصمّاء، ما اقنعني وقوّاني على تحطيم ما هو عارٌ على الجنس البشريّ. فإنّه لا شيء احقر لنا، نحن الذين حبانا الله بقوّة العقل، من عبادة كائنات لا عقل لها والسجود لعمل أيدينا وإلقاء كرامة الإله الخالق الأوحد عنّا”.

فأمر كابيتولينوس بتجريده من ثيابه وضربه بعنف بعد تمديده على الأرض. وإذ علم أنّ أمليانوس هو ابن حاكم المدينة قال كبيتولينوس انّ انتماءه إلى النبلاء لا يعذره في شيء ولا يوفر عليه العقاب. فحكم عليه بالموت حرقًا. ألقي قدّيسنا في المحرقة فتحوّلت ألسنة اللهب عنه الى الجنود فأحرقتهم فيما سبّح إميليانوس الله ورسم على نفسه إشارة الصليب.

رقد بسلام في الربّ في 18 تمّوز سنة 362 م. فأخذت جسده زوجة كابيتولينوس، التي كانت مسيحيّة بالسرّ وأعطته لمسيحيّين أتقياء فواروه الثرى في جيزيدينا، على بعد أميال قليلة من دوروستوروم.

القدّيس البار يوحنّا المتصبّر ألكهفي الكييفي

عاش سنوات طويلة حبيسًا في مغارة القدّيس أنطونيوس ألكهفي. روى القدّيس قصت حياته لسائل أتاه ليساعده في التغلب على شهوة الجسد التي تحاربه فقال:

“لمّا وصات إلى هذا الدير المقدّس اجتاحتني تجارب الجسد بعنف ولا أشدّ. حاولت أن أجاهد بالبقاء يومين أو ثلاثة أو حتى أسبوع من دون طعام، حارمًا نفسي من الماء ومحيّيًا الليل في الصلاة، لكن لم يكن شيء كافيًّا. فبعد جهادات شهاديّة دامت ثلاثة أشهر انتقلت إلى مغارة القدّيس أنطونيوس ألكهفي، بقرب ضريحه، لأصلّيَ ليل نهار.

فسمعت صوت القدّيس يقول لي أن أبقى هنا حبيسًا في الصمت والصلاة لأخلص من فخاخ العدو، ومضى على ذلك 30 سنة لم أجد فيها الراحة إلا منذ فترة قصيرة. وخلال كلّ تلك السنوات لك أكف عن الجهاد ضدّ الأفكار النجيسة بالصوم والسهر. وحاولت خلال فترة الصوم الكبير إذلال نفسي لكي أستطيع محاربة الشيطان وكنت أرد هجمات الشيطان برسم الصليب والدعاء باسم يسوع المسيح. وكان صوت الربّ إلي أنّه مساعد لي في محاربة الشيطان”.

وبعد أن أنهى خبره قال للشاب: “قي الحقيقة نحن من أنفسنا نخضع لشهوة الجسد وإذ لا تكون لنا توبة حقيقيّة يتركنا الربّ هدفًا للتجارب.”

رقد القدّيس بسلام بعد هذه الحادثة بقليل ووري الثرى في الحفرة التي أمضى فيها الصوم الكبير لمحاربة شهواته والشيطان، فتحوّلت إلى ضريح منبع للأشفية.

القدّيس بامبو

ولد القدّيس بامبو حوالي العام 304م. ، قبل أن يستقرّ في صحراء نيتريا تتلمذ للقدّيس أنطونيوس الكبير. تتلمذ على يديه كثيرون، منهم القدّيس بيشوى والقدّيس يوحنا القصير. كان القدّيس مكاريوس يحضر من الإسقيط إلى نيتريا لزيارته. كان صغير السن جدًا عندما انطلق إلى نتيريا. كان أميًّا، تعلّم وهو راهبًا.

يروي عنه سقراط المؤرخ أنّ أحد الأخوة تعهّده معلمًا للمزامير ليحفظها عن ظهر قلب. فبدأ بالمزمور 38 الذي مطلعه: “أنا قلت في نفسي سأتيقّظ في طرقي لكي لا أخطأ بلساني”. فلمّا سمع بامبو ذلك قال للأخ: “قبل أن أتعلّم المزيد يحسن بي أن أعتزل قليلاً حتّى أنفذ هذا القول”. وإذ انقضت ستة أشهر ولم يحضر بامبو، ذهب الأخ وسأله لماذا لم يعد إليه ليتعلّم المزيد فأجاب: “إنّي لم أتعلّم بعد أن أتمّم القول الذي سمعته”.

سيم كاهنًا حوالي العام 340م. وصار أحد كبار الشيوخ. عاش في فقر كبير، وعلّم أن الراهب يلبس ثوبًا لو ألقاه خارح قلاّيته ثلاثة أيام ما كان احد من الناس يرغب فيه. كان قليل الكلام. نتى سأله أحد كلمة روحيّة أوو تفسير مقطع كتابيّ كان لا يجيب للحال بل ربما اصطبر ثلاثة أشهر ليجيب منتظرًا أن يلهمه الربّ الإله بما يقول. لذا كان كلامه مشبعًا بالمعنى حتّى أمكن البعض القول إنّه صاحب موهبة إلهيّة على تفسير الكتاب المقدّس فائقة حتّى على القدّيس أنطونيوس الكبير نفسه.
وإلى حبّه للصوم وصمته الدائم اتّسم بامبو بممارسة عمل اليدين. فعند نياحته قال: “إنّي منذ دخولي هذه البرّية وبنائي القلاّية وسكناي فيها، لم ينقض عليَ يوم واحد دون عمل، ولست أذكر أنّي أكلت خبزًا من إنسان. وإلى هذه الساعة ما ندمت على لفظ واحد نطقت به. وها أنا منطلق إلى الربّ وكأنّي ما بدأت بشيء يرضيه بعد”.

وعلى مدى ثلاث سنوات سأل بامبو الله الاّ يمجّده على الأرض، لكنّ الله مجدّه لدرجة أن أحدًا لم يقدر على التفرس فيه لأنّ مجد الله كان يشعّ من وجهه مثل النبيّ موسى بعدما عاين الله وجهًا لوجه. وكان رقاده عن عمر يناهز السبعين سنة.

GoCarch