١٩ كانون أول – القدّيسون الشهداء أريس وبروبس وإيليا – القدّيس أبينا الجليل غريغنتيوس، أسقف أكسوم – القدّيس الشهيد بونيفاتيوس

March-3-2019

الشهداء أريس وبروبس وإيليا
هؤلاء القدّيسون هم من مسيحيي مصر أرسلوا إلى كيليكيا لزيارة شهدائها وخدمتهم. قبض عليهم حرّاس أبواب مدينة قيصرية في فلسطين. شوّهت عيونهم وأرجلهم. أوقفوا أمام فرميليانوس الحاكم في عسقلان فاعترفوا بالمسيح. سُجِنوا وعُذّبوا وحُكِمَ عليهم بالموت. آريس مات حرقًا وبروبس وإيليا بحدّ السيف.

أبينا الجليل غريغنتيوس، أسقف أكسوم
ولد القدّيس غريغنتيوس في ميلانو مطلع القرن السادس الميلاديّ. نشأ على الفضيلة في كنف والدين تقيّين. لمّا بلغ السن القانونيذة سيم شمّاسًا وأقبل على حياة النسك زمانًا حتّى منّ عليه الربّ الإله بموهبة صنع العجائب. تعهدّه ناسك عاش قريبًا من المدينة. عرف أن الربّ الإله يريده أن يكون أسقفًا في مكان بعيد. تكوّن لديه اليقين بعدما تنبّأ له الناسك بذلك. ارتحل إلى الإسكندرية، في تلك الأثناء فرغ كرسي أكسوم في أثيوبيا فبعث ملكها إلى البطريرك يسأله إيفاد أسقف جديد يكون تقيًّا حكيمًا ويتمتع بالغيرة الرسوليّة، وبفعل تدخّل إلهيٍّ تمّ سيامة القدّيس أسقفصا على أثيوبيا فانكبّ على خدمة شعبه الجديد ومع إحتلال ملكها لمناطق مجاورة ولأجل نشر الإيمان المسيحيّ سام العديد من الشمامسة والكهنة واستطاع هداية العديد من اليهود الذين اعتمدوا وانضموا إلى الكنيسة وتابع رسالته التبشيريّة في تلك البلاد حتّى رقد بالربّ.

القدّيس الشهيد بونيفاتيوس
عاش بونيفاتيوس في مدينة رومية. كان وكيلا لأعمال سيّدة رومانية ثرية اسمها اغلاييدا. هذه كانت فتيّة، جميلة، من اشراف المدينة، محبّة للشهرة، تسلي السكان، أحيانا، بحفلات عامة على نفقتها. وكانت تربطها بوكيلها علاقة شائنة. بونيفاتيوس، من ناحيته، كان شرابا للخمر ماجنا، لكنه تمتّع بخصال مميّزة ثلاث: كان مضيافا وسخيا ورؤوفا.يحكى عنه أنه كلما كان يلتقي غريبا أو مسافرا كان يعنيه بمودّة كبيرة. كما اعتاد التجوال في الشوارع وارتياد الأماكن العامة أثناء الليل ليفّرج عن الفقراء، كلاّ حسب حاجته. ومرّت الأيام وبونيفاتيوس وأغلاييدا على هذه الحال، إلى أن لامست النعمة الإلهية قلب أغلاييدا فأحسّت بوخز الضمير. فاستدعت بونيفاتيوس وكشفت له ما كان يدور في خلدها: ” أنت تعرف مقدار غرقنا، أنا وأنت، في الرذيلة، ولم يخطر ببالنا أنه لا بد لنا أن نظهر أمام إله لنؤدي الحساب عن أعمالنا. لقد بلغني أن الذين يكرمون المعذّبين من أجل يسوع المسيح يشاركونهم المجد. وفي الشرق، ثمة العديد من خدّام يسوع المسيح يكابدون العذاب كل يوم ويبذلون أنفسهم من أجله. فأخرج إلى هناك، إذا، وأتني برفات بعض أولئك الذين غلبوا الموت لنكرم ذكراهم ونخلص بشفاعتهم”. فشرع بونيفاتيوس بإعداد العدّة لتحقيق رغبة سيّدته. وبعدما جمع كمية كبيرة من المال ليشتري بها أجساد الشهداء من جلاّديهم ويوزّع ما تيسّر على الفقراء.قال لأغلاييدا: ” لن أعود خلوا من رفات الشهداء، إذا وقعت على بعض منها، ولكن ما رأيك لو أعيد إليك جسدي وقد أضحى جسد شهيد؟” فوبّخته على دعابته في شأن لا يقبل المزاح. شد ّبونيفاتيوس الرحال باتجاه الشرق. والحق أن مناخ الرحلة غيّره تماما فبات إنسانا جديدا. فامتنع عن أكل اللحم ومعاقرة الخمرة وازدوجت أصوامه بالصلوات والدموع والتكفير. وكانت الكنيسة في الشرق بخلاف كنيسة الغرب تتعرض بوحشية للإضطهاد الذي كان ذيوكليسيانوس قد باشره. وكانت موجة التنكيل قد استعرت على أعنف ما تكون في كيليكيا التي ناءت، يومذاك، تحت ثقل حاكم لا رحمة في قلبه ولا شفقة اسمه سمبليسيوس. فوجه بونيفاتيوس طرفه ناحية طرسوس، مدينة الرسول المصطفى بولس، وعاصمة كيليكيا. وما أن وطئت قدماه أرض المدينة، وكان راجلا، حتى أرسل خدّامه مع الخيل إلى فندق، وتوجّه هو، لتوّه، إلى مقر الحاكم فألقاه جالسا في المحاكمة وتحت عينيه منظر من الشهداء القدّيسين يعذّبون. كان أحدهم معلقا برجله ورأسه فوق النار، وكان آخر ممدّدا ويداه ورجلاه مثبتة إلى أوتاد وتكاد أطرافه أن تتمزّق من كثرة الشدّ والمدّ، وآخر مقطوع اليدين، وآخر مثبتا على الأرض وعود يضغط على عنقه، وآخر موثق اليدين والرجلين والجلاّدون يضربونه بالهراوات. ما لا يقل عن عشرين مسيحيا كانوا يعذّبون على هذا النحو. كان مشهدهم صدّاما وجرأتهم وثباتهم باعثين على الدهش. للحال تقدّم بونيفاتيوس، بجسارة، من هؤلاء الأبطال، فحيّاهم هاتفا: ” عظيم هو إله المسيحيين وعظيم هو إله هؤلاء الشهداء. ابتهل إليكم، يا خدّام يسوع المسيح، ان تصلّلوا من أجلي ليكون لي أن أنضمّ إليكم في محاربة الشيطان”. فلما سمع الحاكم ورأى ما كان، شعر بالمهانة لما اعتبره وقاحة في حضرته، فسأل بحنق كبير من يكون. فأجابه بونيفاتيوس أنه مسيحي وسيّده هو يسوع المسيح ولا يخشى ما يمكن ان يوقعه الحاكم به لحمله على الكفر بالإسم الحسن. فاهتاج سمبليسيوس وأمر بإحضار أعواد مسنّنة من القصب وغرزها تحت أظافر الرجل. وبعدما فعلوا، جيء برصاص مغلي وسكب في فمه. فدعا بونيفاتيوس باسم الرب يسوع مستجيرا وسأل صلوات بقية الشهداء معه، فرفعوا الصلاة من أجله أجمعين.وإذ شعر الحاضرون بالقرف من وحشية هذا مقدارها، أحدثوا جلبة وهتفوا قائلين: ” عظيم هو إله المسيحيّين !” فشعر سمبليسيوس بالحرج وترك القاعة. وحلّ اليوم التالي، فعاد الحاكم إلى سدّة المحاكمة وبعث في طلب بونيفاتيوس من جديد. بدأ الشهيد ثابت العزم غير هيّاب. فأمر الحاكم بإلقائه في خلقين من الزفت المغلي. فخرج منه دون أن يصيبه أذى. أخيرا حكموا على الشهيد بقطع الرأس، فرفع إلى ربّه الصلاة وسأل غفران خطاياه وهداية مضطهديه، ومدّ رقبته لجلاّديه، ببهجة قلب، فقطعوا هامته. في تلك الأثناء كان رفقته يبحثون عنه. فتّشوا في كل مكان ظنّوا أنهم يجدونه فيه، لا سيما الخمّارات، فلم يقعوا له على أثر. أخيرا، سألوا عنه رجلا كان أخا للسجّان. وبعدما وصفوه له أجابهم أن غريبا دخل المدينة البارحة وقد قطع الحاكم رأسه لأنه جاهر بإيمانه بالمسيح، وأوصافه تطابق أوصاف من يبحثون عنه. فلما توجهوا إلى المكان حيث كان الجسد والرأس مطروحين عرفوه أنه سيّدهم، فدفعوا ثمنه خمسمائة ذهبية ثم طيبّوا جسده وقفلوا عائدين به إلى رومية وهم يمجّدون الله. في رومية كانت أغلاييدا في الإنتظار. فلما بلغها الخبر شكرت الله وخرجت برفقة كهنة واستقبلت الجسد على بعد نصف ميل من المدينة، على الطريق اللاتيني. في ذلك المكان بالذات أقامت له ضريحا وجعلته فيه. كمابنت، في الموضع، كنيسة بعد عدة سنوات. مذ ذاك تابت إلى ربّها وعملت على التكفير عن خطاياها. ولما رقدت، بعد ذلك بخمسة عشر عاما. دفنت بقرب بقاياه. أما رفات القدّيس بونيفاتيوس فجرى الكشف عنها في رومية سنة 1603 م في كنيسة القدّيس ألكسيوس التي كانت تدعى قبل ذلك كنيسة القدّيس بونيفاتيوس.

الطروبارية
+ شهيدك يا ربُّ بجهاده، نال منك الإكليل غير البالي يا إلهنا، لأنه أحرز قوّتك فحطّم المغتصبين، وسحق بأس الشياطين الّتي لا قوَّة لها. فبتوسّلات شهيدك بونيفاتيوس أيّها المسيح الإله خلّص نفوسنا.

GoCarch