٢٠ تشرين الثاني – تذكار تقدمة عيد دخول سيدتنا والدة الإله الفائقة القداسة إلى الهيكل – والقدّيس داسيوس – أبوينا الجليلين في القديسين بروكلس وغريغوريوس البانياسي.

March-2-2019

القدّيس داسيوس
كان القدّيس داسيوس جنديًّا في زمن الأمبراطور مكسيميانوس في مدينة بلغارية اسمها سيليستريا. كانت للوثنيين في تلك المدينة عادة شيطانيّة أن يقدّموا كلّ سنة جنديًّا فتيًّا ذبيحة للإله خرونوس (التي تعني الزمن) في عيده. وكان الضحية يزّين بأجمل الأثواب ويقضى له آخر ما تشتهيه نفسه. وقعت القرعة على داسيوس فجيء به محملاّ وسئل عما ترغب به نفسه، أجاب: “إذا لم يكن من الموت بد فخير لي أن أموت مسيحيًّا، باسم الربّ يسوع المسيح”. أثار قوله لغطًا بين الناس. أنف الوثنيون أن يقدموه ذبيحة. ساقوه للمحاكمة فاعترف بالمسيح ربًّا وإلهًا. عذّبوه ثم قطعوا رأسه بناء لأوامر ملكيّة.

أبينا الجليل في القدّيسين بروكلس رئيس أساقفة القسطنطنيّة
هو تلميذ القدّيس يوحنا الذهبي الفم، اشتهر كمعلمه بكونه واعظًا ممتازًا. الدارسون يصنّفونه بين أفضل وعّاظ القرن الخامس الميلاديّ. ولد في القسطنطنية حوالي العام 390م وسيم أسقفًا على كيزيكوس في العام 426م، لكنّه لم يتمكّن من دخول أبرشيته بسبب خلاف بين بطريرك القسطنطنية الذي سامه وسكان كيزيكوس، فلازم العاصمة المتملكة وتنقّل بين كنائسها واعظًا نظير معلمه، إلى أن جرى اختياره بطريركًا في العام 434م.
امتاز القدّيس بروكلس برزانته وتواضعه واعتداله. كما كان وديعًا وراعيًّا غيوّرًا. عُرف بجرأته وتمسكه بالإيمان القويم والدفاع عنه قبل وصوله إلى سدّة البطريركيّة بزمن. وله في أيام بطريرك القسطنطنية الهرطوقي نسطوريوس موقف حفظه التاريخ. ففي العام 428 ألقى في حضور نسطوريوس عظة ميلاديّة مدح فيها العذراء وسمّاها والدة الإله، رغن اتراض نسطوريوس. هذا وقد حرص على وحدة الكنيسة فحاول معالجة ما خلّفته هرطقة نسطوريوس من نتائج، وهذا زاد من تعلّق الأرثوذكس به وإلتفافهم حوله.
وإليه يعزى نقل رفات القدّيس يوحنا الذهبي الفم من كومانا في بلاد البنطس إلى القسطنطنية في 27 من شهر كانون الثاني من العام 438م.
في أيامه جرى إدخال التريصاجيون في صلب القداس الإلهيّ. وفي أيامه ضربت سلسلة من الزلازل البلاد في العام 447م فخلّفت دمارًا وموتًا وهجرة للآلاف من أماكن سكنهم، والتاريخ يشهد أي أب كان القدّيس بروكلس في احتضانه المنكوبين حتّى زاد على أصوامه أصوامًا ليكون له في المجاعة نصيب.
في سنة الزلازل بالذات رقد في الربّ بعدما خدم وقاد كنيسته أي كنيسة القسطنطنية على مدى أثني عشر عامًا وثلاثة أشهر.

تذكار أبينا البار غريغوريوس البانياسي
تفيد مصادر قديمة أنه من مدينة بانياس التي هي إحدى المدن العشر الواقعة إلى الشرق من بحيرة طبّرية، فيما تفيد مصادر أخرى أنه من إحدى المدن العشر الواقعة ضمن حدود مقاطعة إيصافريا، إلى الغرب من كيليكيا.
أبصر غريغوريوس النور في النصف الثاني من القرن الثامن للميلاد من أبوين تقيين هما سرجيوس وماريا. الدور الأكبر في تنشئته للمسيح كان لأمه. أبدى ميلا لدراسة الكتب المقدّسة والتردّد على الكنيسة وهو بعد في الثامنة من عمره.
وما أن بلغ سن الرشد حتى رغب إليه ذووه في الزواج فأبى لأن رغبة قلبه كانت أن يصير راهبا. وإذ لم يجسر أن يصارح والديه بالأمر فرّ من البيت سرا ولجأ إلى أحد الديورة فإلى ثان فثالث حيث أقام مرتاح القلب أربعة عشر عاما. ويبدو أنه فاق أقرانه في فضائل الحياة المشتركة، لا سيما في الطاعة والتواضع.
بعد ذلك سمح له رئيس الدير بالإنصراف إلى الحياة النسكية فأقام في مغارة في الجوار.
وفي هذه المغارة واجه غريغوريوس سيلا من التجارب القاسية. فكانت الشياطين تظهر له في شكل آفاع وحيوانات سامة لتدخل الرعب إلى نفسه وتحمله على ترك الموضع. لكن رجاء غريغوريوس بالله كان عظيما فلم تزعزعه مؤامرات العدو ولا عطلت عليه صلاته. لم يترك إبليس حيلة إلا لجأ إليها ليقلع هذا المجاهد من مكانه. وإذ أشعل عليه شهوة الجسد تضرّع غريغوريوس إلى الرب بدموع وانكسار عظيم فرفع عنه وسق تجربة الجسد. ومنذ ذلك الحين لم يعد لتوترات البدن تأثير عليه، وأخذ يخطو صوب اللاهوى بخطى حثيثة ثابتة .
وفيما كان مرة جليس المغارة، مجتمع النفس، في هدأة وصلاة عميقين، إذا به يخطف ونور يسطع من السماء مصحوبا برائحة طيب ويملأ المغارة. وبقيت الحال على هذا المنوال بضعة أيام. وقيل أنتقل في الروح إلى الفردوس وعرف ما سيعرفه المختارون في حلول القيامة العامة. أضحى كأنه خارج الزمن. ولما جاء تلميذه لخدمته، بعد ذلك بأربعة أيام، بدا له كأنه لم يمرّ عليه أكثر من ساعة واحدة في النور.
وشاءه الرب بعد ذلك أن يخرج إلى العالم لتظهر للناس فضائله وإستقامة رأيه. فانتقل إلى أفسس فإلى تراقيا فتسالونيكي فكورنثوس فكلابريا فروما. وفي روما أعتزل في قلاية ثلاثة أشهر دون أن يدري بأمره أحد. ولما خرج طرد بصلاته شيطانا تلبّس بإنسان فتدفّق عليه الناس يوقّرونه كقدّيس، ففّر إلى سيراكوزا حيث حبس نفسه في برج مهجور لينعم بالسكينة. هنا أيضا شنّ عليه الشياطين هجمات عديدة فردّها بقوة الصلاة. وإذ علم بوجود زانية شقيّة في الجوار ذهب إليها وهداها وجعلها تقتبل الحياة الملائكية وتحوّل بيتها من بيت للفجور، إلى بيت للصلاة، إلى دير. وأيضا جرت على يده عجائب أخرى وطرد شياطين كثيرة. ومن جديد بدأ الناس يشقّون طريقهم إليه ويتكاثرون. فهرب. عاد إلى تسالونيكي وأقام في كنيسة مهجورة على اسم القدّيس ميناس، كان لا يخرج منها إلا متى جاع. وقد جعل الله له جارا يزوّده ببعض الطعام متى خرج.
وفي غضون سنوات معدودة بدأ يستقبل تلاميذ ويجترح العجائب على نطاق واسع.
وقبل أن يغادر إلى السماء فرض وصبر على مرضه رغم أنه كان قادرا على أن يطلب من الرب الإله رفعه عنه. شاء أن يكون في الضعف والألم ليكون رجاؤه في السماويات كاملا.
أخيرا تمكن من دخول القسطنطينية بعدما كانت مقفلة في وجهه بسبب الحرب التي شنّها بعض الأباطرة على الأيقونات ومكرميها. في القسطنطينية عرف غريغوريوس بيوم رقاده سلفا وفيها أنتقل إلى جوار ربّه بسلام .

الطروبارية
+ الآن حنة تسبق فتخطب للكل فرحاً عوض الحزن، بإفراعها الثمرة أعني بها الدائمة البتولية وحدها، التي تقدِّمها إلى هيكل الرب بفرحٍ متمِّمة النذور، بما أنها بالحقيقة هيكل كلمة الله وأمٌّ نقية.
+ يا إله آبائنا الصانعَ دائماً بحسبِ وداعتكْ لا تبعد عنّا رحمتك، بل بتوسلاتهم دبّر بالسلامة حياتنا.

GoCarch