٢٢ تشرين الثاني – القدّيسين فيليمون وأبفيّة وأرخبّس وأونيسيموس الرسل – القدّيس أبينا البار عبّاس العربي – القدّيسة الشهيدة كيكيليا والذين معها

March-2-2019

القدّيس أبينا البار عبّاس العربي
اهتدى القدّيس عبّاس إلى المسيحية بفضل راهب قدّيس يدعى ماروز. وقد صار راهبًا وانضوى تحت لواء الناسك الكبير أفسافيوس السوري. قضى في جهاد الرهبنة ثمان وثلاثين سنة. امتاز خلالها بسلوكه وكأنّه مبتدىء. كان يمشي حافي القدمين، يقيم في الظل في الشتاء وفي الشمس في الصيف. لا يتناول من الطعام والماء إلا أقله رغم الحر الشديد. ولا يجلس إلا ما ندر رغم السلسلة الحديدية التي كانت حول حقويه. معظم ليله ونهاره كان يقضيه واقفًا أو راكعًا يصلي. امتاز بوداعة فائقة. وقد جعلوه رئيسًا على الدير الذي كان فيه، كان مثالاً طيّبًا لجميع الإخوّة ولم يفارق فرح القيامة محياه. يومًا.

القدّيسة كيكيليا ورفاقها
كانت كيكيليا من عائلة نبيلة من رومية. آمنت بالمسيح في السر عن والديها، وهي صبية، وقيل أنّها لغيرتها كانت تلبس المسوح تحت ثيابها. وجاء يوم أراد فيه ذووها زفّها إلى أحد الشبّان الوثنيين اللامعين. وإذ لم يكن في طاقة دها أن تمانعهم رضخت وأسلمت أمرها لله بعدما كانت قد أخذت على نفسها أن تبقى عذراء للمسيح. وليلة زفافها، بعد انصراف الناس، اعترفت لزوجها فالريانوس بسرّها أنّها نذرت نفسها للربّ وأن ملاكها يحرسها حتّى لا تمس ولما طلب معرفة هذا الملاك بشرته بالمسيح فآمن واعتمد وبشّر أخاه وهداه، وسلك الثلاثة في البتولية.
في تلك الأثناء اندلعت موجة عنف جديدة على المسيحيين في رومية واستشهد عدد لا بأس به منهم. ولمّا كان الخوف سيد الموقف والناس يتوارون والسلطات تحظر دفن الشهداء، لكن فالريانو وأخوه أخذا يتسلّلان ليلاً إلى حيث كانت أجساد القدّيسين الشهداء ملقاة ليأخذاها ويدفناها بإكرام. كما عمدا إلى توزيع الحسنات على المسيحيين المحتاجين في مخابئهم، وفي يوم داهمتهما الشرطة وألقت القبض عليهما وساقتهما أمام الحاكم مكسيموس للاستجواب.
حاول الحاكم حمل المجاهدين على تغيير موقفهما والتضحية للأوثان إنقاذًا لحياتهما فأبيا. فما كان من الحاكم سوى أن نفذ بهما حكم الإعدام بقطع الهامة، ولكن حدث أمر غريب فلقد عاين الحاكم والوثنيون الحاضرون العجب فالملائكة أتوا وحملوا نفسي فالريانوس وأخاه وصعدا بهما إلى السماء، أمام هذا المشهد آمن مكسيموس ومن وعه بالمسيح واعتمدوا.
أمّا كيكيليا فجاءت وحملت جسد زوجها وأخيه ودفنتهما، وهذا العمل أثار الشبهة فلاحظتها عيون الحكّام وأعتبروا أنّها تخّل بالأمن وتبشر بالمسيح وتمكّنت في ليلة واحدة من هداية أربعمئة نفس إلى المسيح، إذ ذاك قبض عليها الوالي وبعد استجوابها أنزل بها عذابات مرّة وبالنهاية قطع رأسها. وكان استشهاد الثلاثة في العام 230 م، في زمن الأمبراطور الكسندروس ساويروس.
إن رفات القدّيسة مودعة اليوم في الكنيسة المعروفة باسمها في مدينة روما، وينظر الغرب إليها كشفيعة للمرتلين والموسيقيين الكنسيين، ويعود سبب ذلك أنّها فيما كانت الآلات الموسيقيّة تعزف الفرح يوم زفافها كانت هي ترتل وتسبح الله في قلبها.

الرسل القديسون فيلمون وأبفيّة وأرخبس وأونيسيموس
القدّيس فيليمون هو إياه من وجّه إليه القديس بولس رسالته المصنّفة ثالثة عشرة في سلسلة رسائله. تقع الرسالة في فصل واحد وخمس وعشرين آية. منها نفهم أن فيليمون مسيحي أهتدى على يد السول بولس نفسه (19) وأنه كان ذا يسر وجعل الكنيسة بيته(2)، وكان غيورا عليها، محبا للقدّيسين. ويقول له الرسول بهذا المعنى :” إن لنا فرحا كثيرا وتعزية بسبب محبتّك لأن أحشاء القدّيسين قد استراحت بك أيها الأخ “(7).
ثم تعرض الرسالة لمشكلة يتوسط بولس الرسول لدى فيليمون لحلّها.
أونيسيموس كان عبدا لفيليمون ولسبب ما غادره هربا فوصل إلى رومية حيث تعرّف بالرسول المصطفى الذي كان في القيود. وقد تمكّن القدّيس بولس من هداية أونيسيموس إلى المسيح وأحبّه. وهو يدعوه أبنه وأحشاءه (10 ،12).وإذ تبيّن للرسول كم كان أونيسيموس نافعا له أراد أن يبقيه عنده لكي يخدمه “في قيود الإنجيل” (13). لكنه لم يفعل بدون رأي فيليمون،سيّده. لذا ردّه إليه (12) سائلا إياه أن يقبله بالصفح كما لو كان أونيسيموس هو بولس الرسول بعينه (17). وإذ يبدو من الرسالة أن أونيسيموس سبق أن ارتكب ظلما في حقّ سيّده الأول، فيليمون، لعله سرقة أو أختلاس أو دين، فإن بولس الرسول يخاطب فيليمون كشريك له وعامل معه في خدمة الإنجيل هكذا :”إن كان قد ظلمك بشيء أو لك عليه دين فاحسب ذلك عليّ.أنا بولس كتبت بيدي. أنا أوفي، حتى لا أقول لك أنك مديون لي بنفسك أيضا “(18 -19 ).
والأمر اللافت في الرسالة أن بولس الرسول لا يردّ أونيسيموس إلى فيليمون كعبد بل كأخ محبوب في المسيح. “لا كعبد في ما بعد بل أفضل من عبد، أخا محبوبا، ولا سيّما إليّ فكم بالحري إليك في الجسد والرب جميعا “(16).
هذا والرسالة موّجهة أيضا إلى شخصين آخرين، غير فيليمون، هما أبفيّة وأرخبس، وقد كتبها بولس الرسول من رومية بيد أونيسيموس الخادم نفسه.
إلى ذلك جاء في التراث أن فيليمون كان من كولوسي من أعمال فريجية وأن أبفيّة هي أمرأته وأرخبّس ولده. كما جاء أن فيليمون صار أسقفا على غزّة الفلسطينية فيما صار أرخبس أسقفا على كولوسي. وإذ أراد فيليمون أن يدعم خدمة الكلمة في كولوسي حيث أبدى الوثنيون مقاومة شرسة قام إليها واشترك فيها بعمل بشاري حثيث. فلما كان عيد ارتاميس وكان الوثنيون في المدينة يحتفلون، اهتاج هؤلاء وهجموا على بيت فيليمون فألقوا عليه وعلى زوجته وأبنه الأيدي.
وإذ حاولوا إرغامهم على تقديم الذبائح للأوثان وفشلوا ضربوهم ووخزوهم بالإبر ثم أخيرا رجموهم. وهكذا أكمل الثلاثة خدمتهم شهداء للمسيح.
أما أونيسيموس الذي تعيّد له الكنيسة في الخامس عشر من شهر شباط فبّشر بالإنجيل بعناد في روما بعد إستشهاد الرسول بولس. وقد تمكّن من هداية العديدين إلى المسيح وكان من بينهم زوجة شقيق حاكم روما بالذات. وقد تعرض أونيسيموس للسجن والتعذيب، وأخيرا مجّد الله بالموت ضربا.

الطروبارية
+ اليوم مقدّمة مسرّة الله وابتداء الكرازة بخلاص البشر، لأن البتول قد ظهرت في هيكل الله علانية وسبقت مبشرة للجميع بالمسيح فلنهتف نحوها بصوت عظيم قائلين: افرحي يا كمال تدبير الخالق!
+ أيها الرسل القدّيسون، تشفّعوا إلى الإله الرّحيم، أن يُنعم بغفران الزلاّت لنفوسنا.

GoCarch