٢٣ آب – القدّيس الشهيد لوبوس – ابينا البطريرك كلّينيكوس القسطنطيني – القدّيس الشهيد في الكهنة ايريناوس اسقف ليون – وداع عيد رقاد والدة الإله

November-8-2018

القدّيس كلّينيكوس

كان القدّيس كلّينيكوس يشغل منصب حافظ الأواني المقدّسة، في كنيسة والدة الإله في بلاشيرن، عندما جرى اختياره بطريركًا لمدينة القسطنطينية. تسبّب له هذا المنصب في الكثير من الأتعاب إذ كان الأمبراطور يوستنيانوس الثاني مستبدًّا ولم يُطِق تحذيرات البطريرك في شأن سلوكه. ذات يوم استدعى الأمبراطور القدّيس البطريرك وطلب إليه أن يلفظ صلاة لدكّ الكنيسة المدعوّة “كنيسة الMetropoles”، والواقعة بمحاذاة القصر، ليقيم سبيلاً وصالة استقبال. أجابه القدّيس أنّ في الكنيسة المقدّسة صلوات من أجل تكريس الكنائس وليست فيها صلوات من أجل هدمها إذ إنّ الله خلق العالم ليقيم في الثبات لا في الفساد. ولكن نجح موفدو الأمبراطور في إجبار البطريرك على إرتجال الصلاة التالية: “المجد لله الذي يصبر على كلّ ذلك، الآن وكلّ أوان وإلى دهر الداهرين”. ثم ما لبثت الكنيسة أن جرى هدمها.

وإذ أضحى أداء الأمبراطور سيئًا إلى أبعد الحدود لكثرة خطاياه جرى انقلاب عليه. جُدع أنفه وقُطع لسانه ونُفي إلى شرصونة في بلاد القرم، لكنّه نجح في الفرار بعد عشر سنوات، وإذ شدّ البلغار أزره حاصر القسطنطينية، حاول إقناع مجلس الشيوخ والبطريرك بأقسام أنّه لا يرغب في الإنتقام من أحد. فقط أن يُقبل في المدينة المتملّكة. لكن خبثه ما لبث أن استبان، فقد تمكّن بتآمر بعض السكّان معه، من دخول المدينة سالكًا طريق القناة. وما إن سرى الخبر بشأن وجوده حتّى أُصيب السكّان بالهلع. قُتل الأمبراطور طيباريوس الثاني وسال الدم غزيرًا في العاصمة. كما أمر يوستنيانوس بإيقاف القدّيس كلّينيكوس الذي كان قد توّج غريمه وحسبه مسؤولاً عن التشويه الذي حصل له، لذلك فقأ عينيه ونفاه إلى رومية حيث أُقفل عليه حيًّا أربعين يومًا، فلما فتحوا ثغرة في الحائط وجدوه، بعد، حيًّا، لكنّه رقد بالربّ بعد ذلك بأربعة أيّام ودُفن في كنيسة القدّيسين بطرس وبولس تبعًا لرؤيا، في شأنه، تلقّاها بابا رومية في ذلك الحين.

القدّيس الشهيد في الكهنة ايريناوس أسقف ليون

وُلد القدّيس إيريناوس، الذي يشير اسمه إلى السلام، حوالي العام 140م. في أسيا الصغرى .

اتّبع، في أوّل شبابه تعليم الشيخ القدّيس بوليكاربوس أسقف إزمير، الذي نقل التراث المقتبل من القدّيس يوحنّا الحبيب. هكذا تعلّم حفظ الأمانة للتراث الرسوليّ في الكنيسة. من هنا قوله: ” لقد جعل الله في الكنيسة الرسل والأنبياء والآباء والمعلّمين وما سوى ذلك ممّا يمّت بصلة إلى الروح القدس. من هذا الروح يُقطع كلّ الذين رفضوا اللجوء إلى الكنيسة، فحرموا أنفسهم الحياة بعقائدهم الفاسدة وأعمالهم المختلّة. فإنّه حيث الكنيسة هناك يكون روح الله، وحيث يكون روح الله هناك تكون الكنيسة وكلّ النعمة. والروح هوالحقيقة”.

بعد أن أقام في رومية، كهن في كنيسة ليون في بلاد الغال (فرنسا)، زمن اضطهاد الأمبراطور ماركوس أوريليوس، في حدود العام 177م. وبصفته كاهن تلك الكنيسة، نقل إلى البابا ألفتاريوس، الرسالة العجيبة الّتي وجّهها الشهداء القدّيسون في ليون إلى المسيحيّين في آسيا وفيرجيا يصفون فيها جهاداتهم المجيدة لدحض شيعة مونتانوس الهرطوقيّة. والحقّ أنّ الشهداء يقوون على ضعف الجسد و يحتقرون الموت بقوّة الروح القدس. فإنّ بذل النفس هو الشهادة السامية للحقّ وعلامة غلبة الروح القدس على الجسد وعربون رجائنا بالقيامة.

إثر عودته إلى ليون خلف القدّيس بوتينوس الأسقف الذي اقتبل الشهادة، رأساً لكنائس ليون وفيينا. كأسقف استلم القدّيس من التقليد الرسوليّ “موهبة الحقّ الأكيدة” ليذيع الإنجيل ويفسره . كرّس حياته ، مذ ذاك، للشهادة للحقّ، على غرار الشهداء، لذا علّم: “علينا أنّ نحّب بأقصى غيرة ما هو من الكنيسة والإمساك، بقوّة بتقليد الحقّ”. عمل على هداية الشعوب البربريّة إلى الإيمان، شملت رعايته كلّ الكنيسة.

تعود شهرة القدّيس إيريناوس إلى مؤلفه “ضدّ الهرطقات” الذي يتناول فيه الغنوصيّين ذوي االإسم الكاذب. هؤلاء يستمددون معرفتهم المزعومة من التركيبات الذهنيّة المنحرفة والأساطير. فالغنوصيّة تعني “المعرفة”.

هو نقض طروحاتهم مبيّناً هذيانيتها، يؤكّد أنّ الغنوصيّة الأصيلة هي العطيّة الفائقة للمحبّة الّتي يسبغها الروح القدس على المسيحيّين في البنية الحيّة للكنيسة.

فقط في الكنيسة بإمكاننا أن نرتشف الماء الزلال الذي يجري من الجنب المطعون للمسيح ليعطي حياة أبدية. كلّ التعاليم الأخرى إن هي سوى آبار مشقّقة لا تضبط ماء.

سعي القدّيس إلى دحض الهرطقات كان مناسبة لبسط إيمان الكنيسة القويم. ابتعد عن اتجاه الفلسفة الهلّينيّة والثنائيّة الّتي يقيمها بين الجسد والنفس ليؤكّد تعليم القدّيس يوحنا الإنجيليّ الحبيب أنّ “الكلمة صار جسداً”. هذا لإبراز معنى ما كان الإنسان من أجله. فإنّ آدم الأول أُبدع من الطين بيدَيْ إلهه، الكلمة والروح كصورة لله طبقاً لنموذج جسد المسيح الممجّد، وأنّ نسمة الحياة أُعطيت له لكي يتقدّم من كونه على صورة الله إلى صيرورته على مثال الله.

ورد أنّه قضى شهيداً خلال حملة اضطهاد الأمبراطور سبتيموس ساويروس للمسيحيّين، حوالي العام 202م. لكن لم يحفظ التاريخ لنا أي تفصيل في هذا الشأن.

أودع جسده مدفن كنيسة القدّيس يوحنّا الّتي أصبحت، فيما بعد، على اسمه.

الطروبارية

+ شهيداك يا ربُّ بجهادهما، نالا منك الإكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنهما أحرزا قوّتك فحطّما المغتصبين، وسحقا بأس الشياطين الّتي لا قوَّة لها. فبتوسّلاتهما أيّها المسيح الإله خلّص نفوسنا.

+ في ميلادك حفظت البتوليّة وصنتها، وفي رقادك ما أهملت العالم وتركته يا والدة الإله، لأنّك انتقلت إلى الحياة، بما أنك أم الحياة، فبشفاعاتك أنقذي من الموت نفوسنا.

GoCarch