٢٣ تشرين الأول – القدّيس يعقوب أخي الربّ – القدّيسيين أغناطيوس ومكاريوس وسرجيوس وأفجانيوس وثيوفيلوس

March-2-2019

القدّيس أغناطيوس بطريرك القسطنطينية
كان القدّيس أغناطيوس من عائلة ملكيّة، وكان جدّه الأمبراطور نيكفوروس الأول ووالده الأمبراطور ميخائيل رينغابي (811 – 813). أدخل الدير عنوة لكنّه سلك في الحياة الرهبانيّة بأمانة وجدّ وحميّة. كان تلميذًا للقدّيس ثيودوروس رئيس دير ستوديون في القسطنطينية. صار بطريركًا على القسطنطينية في العام 846م. دخل في صراع مع القدّيس فوتيوس الذي عيّنه الأمبراطور ميخائيل الثالث عوضًا عنه على القسطنطينية في العام 858م. أعاده الأمبراطور باسيليوس المقدوني إلى كرسيه في العام 867م. أهتمّ بإشاعة السلام في الكنيسة رغم عبث الحكّام وتدخلهم العشوائيّ في شؤونها. رقد بسلام في الربّ في العام 878م.

القدّيسن الأبرار مكاريوس وسرجيوس وأفجانيوس وثيوفيلوس
كان الثلاثة، سرجيوس وأفجانيوس وثيوفيلوس، نسّاكًا في دير من أديرة بلاد مل بين النهرين. لمّا كانوا أبرارًا ورغبوا في علامة من الله بشأن خلاصهم خرجوا وساروا على شاطىء نهر الفرات إلى أن قادهم الروح إلى مغارة منعزلة. هناك توقفوا وتساءلوا، وإذا برائحة طيب تنبعث من المغارة وشيخ عريان يخرج يخرج إليهم لا يستره غير شعر رأسه ولحيته النازلة إلى ركبتيه. وبعدما تأكّد هذاالشيخ من أن زائريه ليسوا شياطين سجد أمامهم وأدخلهم المغارة وأخبرهم قصته، كان اسمه مكاريوس وهو مواطنًا من روما وابنًا لأحد أعيان المدينة، في شبابه خطب له ذووه غير أنّه في ليلة زفافه خرج سرًّا وأختبأ في بيت أرملة مدّة سبعة أيام، ثم ترك بيت الأرملة وارتحل لا يلوي على شيء إلى أن التقى شيخًا طيبًا نبيلاً وتحدّث إليه فعرض عليه الشيخ أن يتبع فتبعه وبقي معه مدّة ثلاث سنوات. ولمّا وصلا إلى المغارة اختفى الشيخ وبقي مكاريوس وحيدًا.
وفي أحد الأيام يقال أنّه وقع في فخ أبليس وتحرّكت فيه شهوة الجسد، ووقع فريسة للشعور بالذنب، حاول أن يغادر المغارة ليقدّم توبة صالحة لكن الملاك ظهر له وأمره بالعودة إلى المغارة وأن الله من هناك يريد أن يسمع صلاته. فعاد وسلك في نسك شديد، أصوامًا وأسهارًا وصلواتٍ، ولم يشأ أن يتسربل بما يقيه القسوة البرد، وقد أقام على ذلك سنين كثيرة يلتمس استعادة نقاوة القلب ويطلب التأمل في الله.
عند هذا سكت مكاريوس عن الكلام، ثم قام فبارك النساك الثلاثة وأرسلهم بسلام ليرقد بعدها في الربّ مجهولاً إلا من الملائكة والقدّيسين. أمّا الشيوخ الثلاثة فعادوا إلى ديرهم مبنيين متعزين. ويُقال أنّهم خرجوا شبابًا وعادوا شيوخًا.

القدّيس يعقوب أخي الربّ
يعقوب بن حلفى هو أحد الإثني عشر رسولاً، وهو أحد الأعمدة الثلاثة لكنيسة الختان حسبما دعاه القديس بولس الرسول غل 2: 7 – 9. وهو أوّل أسقف منتدب على أورشليم.
كلمة “حلفى” آرامية، ويقابلها كلوبا في اليونانية. يؤكد رسولية هذا القديس وأنه من الإثني عشر نص صريح ذكره القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية، فيذكر بولس زيارته الأولى لأورشليم بعد إيمانه فيقول: “ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يومًا، ولكنني لم أرَ غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب” (غل 1: 19)، وواضح من هذه الآية أن يعقوب أخا الرب رسول نظير بطرس والآخرين.
عُرِف باسم يعقوب أخي الرب لأنه ابن خالته بالجسد من مريم زوجة كلوبا(شقيقة العذراء مريم). وعُرِف باسم يعقوب الصغير (مر 15: 40) تمييزًا له عن يعقوب الكبير بن زبدي. وعُرِف أيضًا باسم يعقوب البار نظرًا لقداسة سيرته وشدة نسكه. كما عُرِف باسم يعقوب أسقف أورشليم لأنه أول أسقف لها. قد خصّ السيد المسيح يعقوب بظهوره له بعد قيامته (1كو 15: 3-7)، وهناك رأي قديم بخصوصه أورده كاتب إنجيل العبرانيين الأبوكريفا (غير القانوني)، وهو من أقدم الأناجيل الأبوكريفا وأقلها مجانبة للصواب، ويتلخص في أن يعقوب لما علم بموت المخلص على الصليب تعاهد ألا يذوق طعامًا إلى أن يقوم الرب من بين الأموات. وحدث في صبيحة يوم القيامة أن الرب تراءى له، وقدّم له خبزًا، وقال له: “قم يا أخي تناول خبزك لأن ابن البشر قام من بين الراقدين”، وقد أورد هذا الاقتباس القديم القديس جيروم في كتابه “مشاهير الرجال” أسقف أورشليم.
رأس القديس كنيسة أورشليم وصار أسقفًا عليها، واستمر بها إلى وقت استشهاده. لا يُعرف بالتحديد متى صار أسقفًا على أورشليم. يرى البعض أن ذلك كان سنة 34م، وهذا التاريخ يتفق تقريبًا مع شهادة القديس جيروم التي ذكر فيها أن يعقوب ظل راعيًا لكنيسة أورشليم نحو ثلاثين سنة. وعمله الرعوي كأسقف على أورشليم يوضح لنا حكمة الكنيسة الأولى في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلقد كان هذا الرسول يتمتع بشخصية قوية مع صلة القرابة الجسدية بالرب يسوع. ولذا فقد أُسنِدت إليه المهام الرعوية في أورشليم معقل اليهود في العالم كله، وإليها يَفِد الآلاف منهم، ليكون كارزًا لهم. وبناء على تقليد قديم ذكره أبيفانيوس، كان يعقوب يحمل على جبهته صفيحة من الذهب منقوش عليها عبارة “قدس للرب” على مثال رئيس أحبار اليهود. تمتع هذا الرسول بمكانة كبيرة في كنيسة الرسل، فقد رأس أول مجمع كنسي سنة 50م وهو مجمع أورشليم، الذي عرض لموضوع تهوُّد الأمم الراغبين في الدخول إلى الإيمان (أع15)، ويبدو أنه هو الذي كتب بنفسه صيغة قرار المجمع. فقد لاحظ العلماء تشابهًا بين أسلوب القرار وأسلوب الرسالة التي كتبها فيما بعد وهي رسالة يعقوب، مما يدل على أن كاتبها شخص واحد. يذكره الرسول بولس كأحد أعمدة كنيسة الختان الثلاثة الذين أعطوه وبرنابا يمين الشركة ليكرز للأمم، بل ويورد اسم يعقوب سابقًا لاسميّ بطرس ويوحنا، مما يدل على مكانته (غل 2: 9)، ويؤيد هذه المكانة أيضًا الخوف والارتباك اللذان لحقا ببطرس في إنطاكية لمجرد وصول اخوة من عند يعقوب، الأمر الذي جعله يسلك مسلكًا ريائيًا وبَّخه عليه بولس علانية (غل 2: 11 – 14).

يعقوب البار:
أمّا عن نسكه فقد أفاض في وصفه هيجيسبّوس، أحد علماء القرن الثاني الميلادي وقال أنّه كان مقدّسًا من بطن أمه لم يَعلُ رأسه موسى، لم يشرب خمرًا ولا مسكرًا، وعاش طوال حياته نباتيًا لم يأكل لحمًا، وكان لباسه دائمًا من الكتان. كان كثير السجود حتى تكاثف جلد ركبتيه وصارت كركبتيّ الجمل. وبسبب حياته المقدسة النسكية ومعرفته الواسعة للكتب المقدسة وأقوال الأنبياء نال تقديرًا كبيرًا من اليهود، وآمن على يديه كثيرون منهم في مدة رئاسته لكنيسة أورشليم. لم يتردد يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي عاصر خراب أورشليم عن الاعتراف بأن ما حل بأمته اليهودية من نكبات ودمار أثناء حصار أورشليم لم يكن سوى انتقام إلهي لدماء يعقوب البار التي سفكوها.
استشهاده:
أما الطريقة التي استشهد بها فيذكرها هيجيسبّوس ويؤيده فيها إكليمنضس السكندري: أوقفه اليهود فوق جناح هيكلهم ليشهد أمام الشعب اليهودي ضد المسيح. لكنه خيَّب ظنهم وشهد عن الرب يسوع أنه هو المسيا، فهتف الشعب “أوصنّا لابن داود”، وكان نتيجة ذلك أنهم صعدوا وطرحوه إلى أسفل. أما هو فجثا على ركبتيه يصلي عنهم بينما أخذوا يرجمونه، وكان يطلب لهم المغفرة. وفيما هو يصلي تقدم قصّار ملابس وضربه بعصا على رأسه فأجهز عليه ومات لوقته. وكان ذلك سنة 62 أو سنة 63م بحسب رواية يوسيفوس والقديس جيروم.
وقد خلَّف لنا هذا الرسول الرسالة الجامعة التي تحمل اسمه، والتي أبرز فيها أهميّة أعمال الانسان الصالحة ولزومها لخلاصه إلى جانب الإيمان (يع 3: 14-20، 4: 14-17). كما خلَّف لنا هذا الرسول الليتورجيا (صلاة القداس) التي تحمل اسمه والتي انتشرت في سائر الكنائس؛ يجمع التقليد الكنسي لجميع الكنائس الشرقية على صحة نسبتها إليه.

الطروبارية
+ بما أنك تلميذ للرب تقبَّلت الإنجيل أيها الصديق وبما أنك شهيد فأنت غير مردود، وبما أنك أخٌ للإله فلك الدالة، وبما أنك رئيس كهنة فلك الشفاعة، فابتهل إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

GoCarch