٢٣ تموز – النبي حزقيال – القدّيسة البارة بيلاجيا تينوس – القدّيس الشهيد أبولونيوس الروميّ

November-8-2018

النبي حزقيال

إنه حزقيال النبيّ، أو “الله قويّ” او “الله يقوّي”. كان كاهنًا من سبط لاوي. دُعي للنبوءة، وامتدّت نبوءته فترة لا تقل عن اثنين وعشرين عامًا. عاصر إرميا، وكان على معرفة واسعة بنبوءته، وهو أحد الذين سُبوا مع الملك يهوياكين، ملك يهوذا، فترة حكم نبوخذنصّر.

عاش مع المسبيّين على نهر خابور، وحمل شعبه وخدم بين البؤساء والمعذّبين. كتاب نبوءته شطران أساسيان يتسم أولهما بالتهديد والوعيد. ويمتد حتى الإصحاح الرابع والعشرين تفوّه به حزقيال قبل خراب أورشليم والهيكل وقبل سبي جديد لليهود الى بابل. والشطر الثاني الى آخر النبوة، فيه وعد ورجاء أنّ الله مفتقد شعبه متى حان إنصافه واكتمل سبيه الذي سوف يمتد، بحسب إرميا، سبعين عاما.

الرؤيا الاولى كانت لحزقيال بين المسبيّين عند نهر خابور، رؤيا الحيوانات، رؤيا البكرات. رؤيا مجد الرب. ووجوه الحيوانات الأربعة كانت شبه وجه إنسان وأسد وثور ونسر. وعند العديد من أبائنا كإيرانيوس وأثناسيوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتيّ وامبروسيوس ميلان أنّ هذه الوجوه هي للمسيح المتجسّد كما يصوّر في الأناجيل الأربعة: الإنسان إشارة لمتى والأسد لمرقص والثور للوقا والنّسر ليوحنّا. وقيل أيضًا إنّما الإشارة بوجه الإنسان هي إلى الحك مة و الأسد الى القوّة والثور الى الاحتمال والنّسر الى السمّو .

يد الربّ على حزقيال كانت شديدة، فقد جعله رقيبًا على إسرائيل، وحياته رهن لخدمته. وكان على حزقيال أن يمثل بالرسم حصار أورشليم وكسر قوام الخبز فيها. ثمّ تأتي آية حلق النبيّ لرأسه ولحيته، ثلث شعره يحرقه بالنّار إشارة للذين سيُحرقون او يموتون بالمجاعة والوباء داخل المدينة … وفي الإصحاح التاسع يوسم كلّ الذين يعبدون الله ويبقون ويهلك الباقون.

“الابن لا يحمل من إثم الآب والآب لا يحمل من إثم الابن. برّ البار عليه يكون، وشرّ الشرير عليه يكون ” (18:20)

واذا كان الويل عنوان الإصحاحات الأربعة والعشرين الأولى، فالرجاء هو عنوان الإصحاحات المتبقية. ففي الإصحاح الرابع والثلاثين، ويلٌ لرعاة إسرائيل الذين يرعون أنفسهم دون الغنم، لكن مصحوبًا بوعدٍ من الله بالسؤال عن غنمه وافتقادها. ومن ثمّ يأتي الإصحاح السابع والثلاثون برؤيا القيامة، بيت إسرائيل، بشريا، مغلق عليه كما في قبر لكنّ الله يقيمه. وفي الإصحاحين الأربعين والثامن والأربعين، يستبين الهيكل الجديد الذي يقيم فيه مجد الله وكذلك الحياة المقدّسة التي “تخرج من عتبة البيت نحو الشرق وتذهب إلى البحر فتشفي المياه”. البيت إنّما جسد الرب يسوع الذي قال لليهود أن ينقضوا الهيكل وهو يقيمه في ثلاثة أيام. أمّا المياه المقدّسة التي تشفي العالمين فهي التي جرت من جنب السيّد وتملأ الدنيا ضياء وتحيل الأمم، إسرائيل جديدا.

القدّيسة البارة بيلاجيا تينوس

إثر الثورة اليونانيّة سنة 1822م بسنة واحدة ظهرت والدة الإله لراهبة اسمها بيلاجيا من دير kechrobouni ، على مرتفعات جزيرة تينوس وطلبت منها أن تُعلم أحد القرويين، المدعو ستاماتيلوس كانغاديس أنّها اختارته لاكتشاف ايقونتها المطمورة في حقل وبناء كنيسة إكرامًا لها. تمنّعت بيلاجيا أول الأمر ثم رضخت، وقد جرى الكشف عن ايقونة للبشارة في المكان المحدّد بتاريخ 30 كانون الثاني 1823. وبعدما أُودعت الكنيسة التي شُيدت في المكان، جرت بها عجائب جمّة حتّى أضخت ايقونة تينوس المحجّة الشعبيذة الأولى في بلاد اليونان.

القدّيس أبولونيوس

إثر اضطهاد المسيحيّين في عهد كومّودوس قيصر اهتدى العديدون ومن بينهم مواطنون ذوو رفعة في مجتمعهم. فلمّا اندلعت موجة اضطهاد جديدة في رومية في سنة 183م، أوقف أبولونيوس وهو رجل معروف بعلمه، أمام المحكمة إثر وشاية. جاهر بمسيحيّته، ودعاه الحاكم بيرينيوس إلى التراجع والحلف بالأمبراطور. أجابه أبولونيوس أنّ كلمة الله، يسوع، أوصى تلاميذه بألاّ يحلفوا، وأن المسيحيين يقدّمون التضحية غير الدمويّة وغير المعيبة للإله الكليّ القدرة عن كلّ الرجال والسلطات الذين يحكمون بمشيئة الله.

أعطي مهلة ثلاثة أيام مثل بعدها أمام المحكمة من جديد بحضور عدد كبير من الشيوخ وأرباب المشورة والفلاسفة. سُئِل ماذا قرّر؟ أجاب: “أن أبقى أمينًا لله”. أصرّ على قراره رغم مناشدات العديدين معلنًا أنّه يعرف تمامًا مضمون المرسوم المشيخي القاضي بإنزال عقوبة الموت بالمتّهمين الذين يأبون التراجع، ولكن لا شيء في العالم يحمله على تقديم العبادة لأصنام صنع أيدي البشر. “من أخدمه هو إله السماء، وإيذاه وحده أعبد. هو الذي أسبغ على كلّ الناس نفسًا حيّة ويرعى فيهم الحياة كلّ يوم. إنّه لعار علينا أن نعبد ما لايليق بالناس أو ما هو أسوأ من الأبالسة. أي جنون يكمن في هذا الضلال! لا يمكن لهذه الأشياء كلّها إلاّ أن تسبّب في أذية النفوس التي تعتقد بها”. ثمّ تابع دفاعه فسخر من أصنام الأثينائيين والمصريّين وكلّ الوثنيّين الآخرين الذين يعبدون حيوانات نجسة ليست سوى صورة عن أخلاقهم المنحطّة. وإذ ذكّره بيرينيوس بأنّ المشيخة تمنع أيًّا كان من اعتناق الإيمان المسيحي أجاب: لا تخضع إرادة الله إرادة الناس. كلّما فتكتم بمن يؤمنون بالله كلّما زادهم الربّ عددًا. لقد رسم الله الموت لكلّ الناس على السواء، وبعد الموت الدينونة. لكن طريقة الموت ليست واحدة بين حياتهم موافقة لمشيئة الله. ونحن إذ نتعاطى مثل هذه السيرة لا نخشى الموت من أجل الإله الحقّ. لذلك نحتمل كلّ شيء بصبر حتّى لا نموت موتًا أبديًّا. نحن للربّ في الحياة وفي الممات. اتّهمه بيرينيوس بأنّه محبّ للموت فأجاب: “أنا أحبّ الحياة، لكن محبّة الحياة لا تجعلني أخشى الموت. لا شيء أفضل من الحياة، لكن الحياة الأبدية، الحياة التي تصير خلودًا للنفس التي سلكت ههنا”. اعترف الحاكم بأنّه لم يفهم ما يريد القدّيس قوله، فتابع القدّيس كلامه: “ما تفهمه من عجائب النعمة قليل جدًا!” على النفس أن تنفتح للنور لتكتشف كلمة الربّ نظير العينين لتريا بوضوح. لا طائل من الكلام لمن ليس في طاقتهم أن يفهموا، كالنور لا ينفع العميان”. أحد الفلاسفة الحاضرين قال عنه إنّه يهذي فأجابه أبولونيوس أنّه تعلّم أن يصلّي لا ان يشتم. وتابع موجِّهًا كلامه للحاكم في شأن كلمة الله: “هذا الكلمة هو مخلّصنا، يسوع المسيح كإنسان ولد في اليهودية. كان بارًا في كلّ شيء وممتلئًا من حكمة الله. وبمحبته للبشر، عرّفنا بإله الكون وعلّمنا أي مثال للفضيلة يناسب نفوسنا لنسلك في حياة القداسة. بآلامه حكم سلطان الخطيئة”. وأضاف أنّ الإيمان بخلود النفس ورجاء القيامة العتيدة يهذّبان النفس حتّى تسلك في هذا العالم وكانّها في غرفة انتظار الأبدية. والمسيحيّون مستعدّون لأن يكابدوا كلّ أسواء الحياة الحاضرة. بقيت دفاعيّة أبولونيوس الحارة دون تأثير في قلوب الوثنيّين المظلمة. أخيرًا أعلن بيرينيوس أنّه يرغب في إطلاق سراح القدّيس، لكن مرسوم الأمبراطور يمنعه من ذلك. كان عليه أن يصدر في شأنه حكمًا بالموت. لذلك، وحفظًا لإنسانية الموقف، أمر بقطع رأسه دون تعريضه للتعذيب. فشكر أبولونيوس الله، وقبل أن يحني عنقه للسيف شكر الحاكم على هذه العقوبة التي تأتيه بالخلاص الأبديّ.

الطروبارية

صرت مشابهاً للرسل في أحوالهم وخليفةً في كراسيهم، فوجدت بالعمل المرقاة إلى الثاوريا، أيها اللاهج بالله. لذلك تتبّعت كلمة الحق باستقامة وجاهدت عن الإيمان حتّى الدم أيها الشهيد في الكهنة فوقا، فتشفّع إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.

GoCarch