٢٤ حزيران – ميلاد السابق المجيد يوحنا النبي صابغ ربّنا يسوع المسيح – القدّيس البار أثناسيوس باروس

September-6-2018

ميلاد السابق المجيد يوحنا النبي صابغ ربّنا يسوع المسيح

والدا يوحنا هما زكريا الكاهن وأليصابات، كلاهما من سبط لاوي. وكان زكريا وأليصابات بارّين أمام الله، لكن لم تكن لهما ذرّية لأن أليصابات كانت عاقرا. وتقدما بالعمر، واصبح إنجابهما ولدا، بشريا متعذرا، رغم ذلك لم يكفّ زكريا عن الطلب إلى الله. لكن تبيّن في أوانه أنّ حرمان زكريا وأليصابات من الذريّة، كان من ضمن قصد العليّ لهما لأنه شاء أن يعطيهما صبيا لا من عمل الجسد وحسب بل، بالأولى، من عمل النعمة التي تحيي الأرحام العاقرة وتخصبها.

فبينما كان زكريا يقوم بأداء الخدمة في نوبة فرقته أمام الله في الهيكل، على حسب عادة الكهنوت، تراءى له ملاك الربّ واقفا عن يمين المذبح.طمأنه الملاك قائلا: “لا تخف يا زكريا لأنّ طلبتك قد سمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك أبنا وتسمّيه يوحنا”. وتابع الملاك فقال إنه “يكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته لأنه يكون عظيما أمام الربّ وخمرا ومسكرا لا يشرب. ومن بطن أمهّ يمتلىء من الروح القدس. ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الربّ إلاههم. ويتقدّم أمامه بروح إيليا وقوتّه ليردّ قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيّ للربّ شعبا مستعدا. معنى الإسم يوحنا هو”يهوه يعطي نعمة”.وكان أنّ زكريا شكّ فأخرس إلى اليوم الذي تحقّق فيه قول الملاك.

وبالفعل حبلت أليصابات، بعد تلك الأيّام بوقت قصير،واخفت نفسها خمسة أشهر. ويشار إلى أنّ أليصابات كانت نسيبة مريم وثمّة من يقول إنها ابنة خالتها. فلمّا تمّت أيام أليصابات ولدت ابنا وسمع جيرانها واقرباؤها أن ّ الربّ عظّم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن لولادته جاؤوا لختانته وارادوا أن يسمّوه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمّه وقالت لا بل يسمّى يوحنّا.وبعد جدل أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمّى فكتب على لوح: “اسمه يوحنا”. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلّم وبارك الله وامتلأ من الروح القدس وتنبأ: “وأنت أيها الصبي نبي العليّ تدعى لأنك تتقدّم أمام وجه الربّ لتعدّ طرقه. لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم”.

أما الصبي فكانت يد الربّ معه، وكان ينمو ويتقوّى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل. ثم إنّ يوحنّا الأتي الممتلىء من الروح القدس ردّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الربّ إلههم.

القدّيس البار أثناسيوس باروس

ولد القدّيس أثناسيوس من أبوين تقيّين في جزيرة باروس. تلّقى تعليمه الإبتدائي في وطنه وفي مدارس أخرى في الجزيرة، التحق بالمدرسة الإنجيليّة في إزمير. بقي فيها ست سنوات، ومن هناك انتقل إلى مدرسة الجبل المقدّس. الغرض من إنشأ هذه المدرسة ربط التعليم المعجمي بالتقليد الأرثوذكسيّ كما بقي محفوظًا في الجبل المقدّس. وبفضل العالِميْن الكبريَن اللذين شغلا إدارة هذه المؤسسة الواحد تلو الآخر، نيوفيتوس كافسوكاليفا وأفجانيوس بولغاريس، أشبع أثناسيوس نهمه من المعارف. أجاد في كلّ الميادين لا سيما في دراسة الكتاب المقدّس والوعظ. جُعِل أستاذًا في العام 1757 وتخطّى صيته حدود جبل آثوس فأُسندت إليه إدارة مدرسة تسالونيكية، استبان لامعًا لا في تعليمه وحسب بل في عظاته أيضًا التي تردّد فيها الإيمان والثقة بالله مما جعل الشعب يتعلّق به. إلاّ أنّ وباء الطاعون تفشّى هناك فأدّى إلى إقفال المدرسة، فانتقل إلى كورفو حيث عاد تلميذًا يروم استكمال معارفه في الفلسفة والفيزياء والبيان. دعي فيما بعد إلى ميسولونغيون ليعلّم في المدرسة التي أنشأها زميله في الدراسة وصديقه بنايوتيس بالاماس فساهم مساهمة جدّية في إنماء هذه المدرسة التي بقي نجمها متلألئًا حتى الثورة في العام 1821م.

في العام 1771 عُيّن مديرًا لمدرسة جبل آثوس فأمَّن على مدى ستة أعوام خلافة أفجانيوس بولغاريس. سيم كاهنًا رغم مقاومته اتّضاعًا. كان أثناسيوس من الذين دافعوا عن تراث الكنيسة وتصدّوا للمتجدّدين في صفوف الأرثوذكسيّين الذين تسلّلت إليهم الروح الدهريّة، وبنتيجة ذلك عانى ومن معه الإطاحة والنفي، أضحى النفي فرصة لحركة عميقة من التجدّد الروحيّ في تساليا وفي الأبيروس وفي جزر بحر إيجه.

ثم بعد فترة وجيزة أُعيد إلى الخدمة، واستلم من جديد إدارة مدرسة تسالونيكية التي استعادت نشاطها. عرضت عليه البطريركية في القسطنطينية أن يُسَام أسقفًا لكنه رفض لأنّه رغب في الحياة الرهبانيّة فاستقال من إدارة المدرسة وإرتحل إلى باروس، وفي طريق عودته اضطرت السفينة للتوقّف في خيوس بسبب الحرب الروسيّة – التركيّة فاعتزل في الجزيرة منتظرًا الوقت المناسب لإكمال رحلته، غير أن سكان خيوس طلبوا إليه استلام إدارة مدرستهم حتّى ينتهي الصراع القائم. وبعد انتهاء الحرب تمكّن السكان والأعيان من إقناعه بإدارة مدرسة خيو الفلسفيّة حتّى العام 1812م.

في تلك المدرسة علّم اللاهوت والماورائيات والأخلاق والبيان وعلم المنطق، مبديًا في شخصه مثال السلوك الإنجيليّ الكامل، ولم يتمكّن من الإعتزال في دير صغير برفقة عدد من تلاميذه إلا بعد أن بلغ شيخوخة متقدّمة. وفي تلك المرحلة كتب العديد من المؤلفات، كما واهتمّ بنشر فكر المحافظة على شهادة الإيمان ببذل النفس. لذلك كان واحدًا من الذين شجّعوا الشهداء الجدد على بذل دمهم صونًا وأمانة للإيمان القويم. وفي آخر أيامه تعرّض لجلطة دماغيّة وبعد أيام قليلة رقد بسلام في الربّ، ولم يوجد عنده سوى ثوب فقير رثّ وقنديل ومحبرة.

طروباريّة

أيّها النبيّ السابق لحضور المسيح إنّنا لا نستطيع نحن المكرّمين إياك بشوقٍ أن نمدَحَكَ بحسبِ الواجب لأن بمولِدِك الشريف الموقّر انحلّ عقرُ امّك ورباطُ لسان أبيك وكُرز للعالم بتجسّد ابن الله.

GoCarch