٢٦ تشرين الثاني – أبينا البار أليبيوس العمودي – القدّيس أبينا البار نيقون الداعي إلى التوبة – القدّيس أبينا البار أكاكيوس

March-2-2019

القدّيس أكاكيوس
القدّيس أكاكيوس ذكره القدّيس يوحنا السلمي في كتابه السلّم إلى الله، المقالة الرابعة، الفقرة 110. قال: “حدّثني يوحنا الساباوي الذائع الصيت”…. قال: “إن أحد الشيوخ في ديري في آسيا الصغرى كان متوانيًّا وفظًا جدًا…. هذا اقتنى تلميذًا عجيبًا إسمه أكاكيوس كان بسيط الخلق، فطنًا، وقد صبر على مصاعب جمّة لا تصدق أنزلها به شيخه الذي لم يكن يعذبه كلّ يوم بالشتائم والإهانات وحسب بل بالضرب أيضًا. ولم يكن صبره هذا عن حماقة. وكنت أراه كلّ يوم شقيًّا بمنزلة عبد حقير فأقول له حين أصادفه: ما هذا يا اخي أكاكيوس؟ كيف حالك اليوم؟ فكان يريني للوقت عينه مسودة متورمة أو رقبته متهشمة أو رأسه مفدوغًا. ولعلمي أنّه مجاهد كنت أقول له: حسنًا، حسنًا، إصبر تنتفع. هذا أقام مدّة تسع سنوات مع ذلك الشيخ الظالم ومضى إلى الربّ. وبعد دفنه في مدافن الآباء بخمسة أيام ذهب معلمه إلى أحد الشيوخ الكبار وقال له: يا أبانا، لقد مات الأخ أكاكيوس، فما أن سمع هذا حتّى أجاب: في الحقيقة أيّها الشيخ لا اصدق! فقال تعال وأنظر. فنهض مسرعًا وأتى إلى المدفن بصحبة معلم ذاك المجاهد المغبوط، وصاح كأنّه يخاطب شخصًا حيًّا راقدًا: يا أخانا أكاكيوس هل مت؟ فأوضح المطيع طاعته حتّى بعد الممات وأجاب: يا أبت كيف يمكن أن يموت انسان قد حفظ الطاعة؟ حينئذ ارتاع معلمه المزعوم وسقط على وجهه يذرف الدموع. وعل أثر ذلك طلب إلى رئيس الدير قلاية كانت ملاصقة لذاك القبر وعاش هناك بقية عمره بتعقّل”.

أبينا البار نيقون
ولد القدّيس نيقون في عائلة إقطاعية في مدينة طرابزون في الجزء الشمالي الشرقي من تركيا على البحر الأسود حوالي العام 920 للميلاد. أرسله أبوه يومًا ليستطلع أحوال أرزاقه، فعاين بأم عينه ما عليه الفلاحون من بؤس فهاله الأمر، وقرّر أن يزهد بالحياة فارتحل عن والديه غفلة وذهبإلى دير اسمه “الحجر الذهبي” بين إقليمي البنطس وبافلاغونيا. ومنذ دخوله أعطي الإسكيم الكبير لأنّ رئيس الدير قبل بشأنه علامة من عند لله أثناء خدمة القداس الإلهي، كما بان مثالاً في الطاعة والصبر والتواضع وأجاد في الأصوام والأسهار والصلوات. ضاعف أصوامه وصلواته ويبدو أنّه كان يذرف الدموع مدرارًا. استمرّ في النسك مدّة أثني عشر عامًا، وبإيعاز من رئيس الدير خرج محدّثًا الشعب عن رحمة الله وداعيًّا إلى التوبة. طاف في الأرض على رجليه عاري القدمين في ثوب حقير لا يقتات إلا من بقول الأرض. قضى سبع سنوات في جزيرة كريت ساهم خلالها مساهنة فعّالة في إحياء الكنيسة فيها بعدما كان الجهل سيد الموقف والفضائل المسيحية محتقرة ومستهانًا بها. جال بضع سنوات في بر الأناضول وبين جزر البليونونيز.
ثابر على تعليم الناس وشفاء المرضى سنوات إلى أن مرض وشارف على الرحيل إلى حيث تاقت نفسه منذ البدء، جمع تلاميذه ومعاونيه وأخبرهم بالتفصيل بكل ما جرى له في حياته، ما كابده من جهادات وما أجرته نعمة الله على يده من آيات لا تعد ولا تحصى. وبعدما أكمل عهده لأبنائه استودعهم رحمة الله ورفع يديه إلى السماء وأسلم الروح.

أبينا البار أليبيوس العامودي
“أيها الحكيم أليبيوس، لقد أصبحت عمادا للمتوحدين بإنتصابك على العمود مكابدا الحر والبرد وأتعاب النسك الكثيرة. فلذلك تقبلت مواهب النسك الكثيرة لتشفي الأملراض وتطرد الآلا المستصعبة “.(صلاة المساء – على يارب إليك صرخت).
بهذه الأنشودة توجز الكنيسة المقدسة سيرة أبينا البار أليبيوس الذي ولد ونشأ ونسك في مدينة أدريانوبوليس في مقاطعة بافلاغونيا الواقعة في الجزء الشمالي الأوسط من آسيا الصغرى.
فأما الفضل في توجيهه فيعود إلى أمه التي يبدو أن الإلهيات كانت هاجسا لديها وأليبيوس بعد في الحشى. وقد ورد في سيرته أن أمه، في حبلها، عاينت رؤيا، حملا له بدل القرنين شمعتان مشتعلتان فحفظتها في قلبها نبوءة تخبر عن مولودها العتيد.
ثم أن أب أليبيوس مات والصبي في الثالثة فعهدت به أمه إلى أسقف المدينة، ثيودوروس، ليتربّى على خدمة الكنيسة، على يده، ويتلقن الكتب المقدسة. وقد أبدى أليبيوس منذ تلك الفترة المبكرة من حياته تقى ومولهب جمّة جعلت الكثيرين بتساءلون عما عسى أن يكون قصد الله فيه ويمجّدون.
ونما الصبي في النعمة والقامة إلى أن بلغ سنا خوّله الانخراط في خدمة الشموسية. إذ ذاك وضع الأسقف يده عليه وجعله شماسا ومدبرا لشؤون الأبرشية. وكما اعتاد الطاعة منذ الحداثة، أطاع في هذا الأمر أيضا. والحق أنه أثبت جدارة ومقدرة لا لبس فيهما. لكن محبة الله في قلبه جعلته تواقا إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى الحياة الرهبانية الملائكية. لذلك لم يطل به المقام حتى عزم على ترك كل شيء وزيارة الأرض المقدسة، ومن ثمّ اقتبال الحياة الرهبانية. فلما أطلع والدته على الأمر باركت بفرح ودموع وشكرت الله ومجّدت. ألم تحفظ النبوءة في قلبها وهذا الإناء المصطفى بعد فيها جنينا؟!.
وقام أليبيوس فوزّع ما عنده على الفقراء وخرج سراً. كان يعرف أن أسقفه ضنين به ولا يسمح له بالمغادرة. وإن هي سوى أيام قلائل حتى استعاده الأسقف ولم يكن قد ابتعد عن المدينة إلا قليلا. وشعر أليبيوس بالخيبة والإحباط. فجاءه وحي يقول له إن في مدينته أيضا أماكن مقدسة: بيت لحم والناصرة وأورشليم والجلجثة، وإن مشيئة الله هي أن يسلك في جهادات النسك في بيئته.
وخرج من جديد إلى جبل مقفر، إلى الجنوب من المدينة، فوقع، بنعمة الله، على نبع ماء فاستنسب المكان وباشر ببناء كنيسة صغيرة وقلاية. ولكن، اكتشف الأسقف المكان أيضا ولم يرض بأليبيوس بعيدا عنه فسد النبع وأجبره على النزول إلى الساحل.

الطروبارية
+ إن مدينة لقديمونية تفرح، حائزة جرن أعضائك الإلهي، مفيضاً ينابيع الأشفية، ومخلِّصاً من الأحزان جميع المبادرين إليك بإيمان، أيها الأب البار نيقون. فابتهل إلى المسيح الإله، أن يمنحنا الرحمة العظمى
+ صرت للصبر عموداً، وللآباءِ القدماءِ ضارعتَ، مبارياً لأيوب بالآلام وليوسف بالتجارب، ولسيرة العادمي الأجساد وأنت بالجسد. فيا أبانا البارَّ أليبيوس توسّل إلى المسيحِ الإله، أن يُخلّص نفوسَنا.

GoCarch