٢٩ كانون أول – القدّيسين الشهداء أطفال بيت لحم – أبينا البار مركلُّس الآفامي رئيس دير الذين لا ينامون – القدّيس البار تدّاوس المعترف

March-3-2019

القدّيس تدّاوس
أصل القدّيس تدّاوس من سكيثيا. كان عبدًا لعائلة القدّيس ثيودوروس الستوديتي فأعتقه القدّيس لما صار راهبًا، فلم يشأ أن ينصرف عن ثيودوروس بل تبعه واتخذه أبًا روحيًّا له. سلك بشكل صارم في الأصوام والأسهار، ولم تكن له أية قنية وسلك في الطاعة الكاملة. تقدّم بسرعة في طرق الحياة الرهبانيّة. فلما جرى نفي القدّيس ثيودوروس أيام الأمبراطور لاون الخامس المحارب للإيقونات، توزّع الرهبان مجموعات صغيرة لأن لاون كان جادًا في إثرهم. قبض على تدّاوس يومًا وحاول عمّال الأمبراطور إجباره على الكفر بالإيقونات، إذ ألقوا أمامه إيقونة السيد وجرّروه جرًّا ليدوسها. كلّم تدّاوس الملك بكلام قاس وأبى التعاون معه تحت أي ظرف، فجلدوه ثم ألقوه خارجًا نصف ميت، رقد في الربّ بعد ذلك بيومين.

أطفال بيت لحم الشهداء
في ذلك الزمان، أتى إلى مدينة أورشليم مجوس من المشرق قائلين : أين هو المولود ملك اليهود. فإننا رأينا نجمه في الشرق وأتينا لنسجد له “(متى 2 :2). فاضطرب هيرودوس الملك، المعروف بالكبير، واضطربت أورشليم معه. كان الملك مريض النفس، شديد الخوف على ملكه، حاسبا الجميع متآمرا عليه. فقد حسبه اليهود مغتصبا لأنه آدومي من غير جنسهم، رغم ان الآدوميين كانوا قد اقتبلوا اليهودية عنوة كمذهب . ولما كان هيرودوس قد تزوّج عشر نساء فقد أنجبن له ذكورا كثرا كلهّم أشتهى الخلافة حتى بات القصر مسرحا لعشرات المؤامرات والفتن. في هذا الجو الموبوء، لجأ هيرودوس إلى التصفية الجسدية، ففتك بأبرز أعضاء مشيخته وبزوجته مريمني وأمهّا ألكسندرا وابنيها وورثته وخيرة أصدقائه. وكان مستعدا للتخلّص من أي كان إذا ظنّ أنه طامع بملكه. لهذا السبب كان لخبر المجوس عليه وقع الصاعقة، فاستدعى، للحال، رؤساء الكهنة والكتبة وسألهم أين يولد المسيح. قبل ذلك كان الجو عابقا بالحديث عن المسيح الآتي.لا سيما وقد ارتبطت صورة المسيح في الأذهان باسترداد الملك المغتصب وعودة اليهود إلى الواجهة.وإذ فهم هيرودوس ان بيت لحم اليهودية هي المكان، اصطنع حيلة للقضاء على الصبي، فاستدعى المجوس، سرا، واستعلم منهم منذ كم من الوقت ظهر لهم النجم. هذا كان من المفترض ان يعطيه فكرة عن عمر الصبي. وإذ تظاهر بأنه مهتم بالسجود لمن يرومون هم السجود له أطلقهم إلى بيت لحم ليبحثوا عن الصبي، ومتى وجدوه ان يرجعوا إليه ويخبروه.
خرج المجوس إلى بيت لحم لا يلوون على شيء.فإن ملاك الرب هداهم، بهيئة نجم، إلى موضع الصبي فسجدوا وقّد موا له هدايا. وإذ همّوا بالعودة إلى بلادهم عن طريق أورشليم، أوحي إليهم في حلم الليل فانصرفوا في طريق أخرى. أما الصبي وأمه فاخذهما يوسف، بأمر الملاك، وانحدر بهما إلى مصر.
طال انتظار هيرودوس للمجوس، وتيقّن أنهم سخروا به وخدعوه، فاستبد به غضب شديد وقام فأرسل إلى بيت لحم والتخوم وقتل جميع الصبيان فيها من عمر سنتين فما دون على حسب الزمان الذي تحققّه من المجوس.
هؤلاء هم الشهداء الأوائل الذين سقطوا باسم يسوع بعد ولادته بالجسد.قيل أن عددهم أربعة عشر ألفا وقيل مائة وأربعا وأربعين ألفا (الأقباط) وهذا عدد رمزي،إشارة إلى المائة والأربع والأربعين ألفا الواردة في سفر الرؤيا.
نصوصنا الليتورجية تقول عنهم أنهم مقدّمة للحمل الجديد الذي سيتألم ويذبح لأجل خلاصنا. وقد حصلوا ذبيحة أولى لميلاد المسيح الإله الطاهر وقدمّوا له كعناقيد، وصار لهم أن يتهلّلوا لأنهم ذبحوا من أجل المسيح. يبدو مقتل أطفال بيت لحم رسما لمعاناة اسرائيل في كل تاريخها وإيذانا بتمام وعود الله بأنبيائه في شخص الصبي يسوع.
يذكر ان الإخوة الموارنة يحتفلون بذكرى أطفال بيت لحم مثلنا اليوم، فيما يعيّد لهم اللاتين يوم الثامن والعشرين من الأول ويسموّنهم “القدّيسون الأبرياء” والأقباط في الثالث من شهر طوبة (حوالي 10 كانون الثاني ).

أبينا البار مركلُّس الآفامي رئيس دير الذين لا ينامون
كان القدّيس مركلّس من عائلة غنية عاشت في آفاميا السوريّة. تيتّم شابًا صغيرًا فانتقل إلى إنطاكية ليدرس العلوم فيها لكنّه تركها بعد فترة إذ استهوته الحياة مع الله فوزّع أمواله على الفقراء ثم ترك موطنه وسافر إلى أفسس هناك أخذ يحصّل لقمة عيشه خطّاطًا وفي الليل يصرف وقته في الصلاة. وتناهى إلى مسامعه ما قام به ألكسندروس الذي كان قائدًا عسكريًّا لكنه ترك الجندية وأسّس سنة 402 ديرًا على ضفاف نهر الفرات ، هناك اجتمع إليه 300 راهبًا من كنيسة القدّيس ميناس ثم أسس ديرًا آخر في القسطنطنية ووزّع رهبانه على ستة أجواق كانت تتناوب الصلاة في الكنيسة على امتداد أربع وعشرين ساعة في اليوم، لهذا لقّب ألكسندروس بالذي لا ينام وكذلك ديره، وصارت طريقته نمطًا رهبانيًّا اجتذب الكثيرين، فلما سمع مركلّس عن هؤلاء انضم إليهم، ولكن اضطر ألكسندروس ورهبانه إلى مغادرة القسطنطنية وانتقلوا إلى بريّة في بيثينيا وكان مركلّس ضمن المجموعة التي غادرت الدير وكان قد اقتنى فضائل جمّة وأصبح مثالاً للرهبان. وبعد وفاة ألكسندروس واستلام رئاسة الدير من قبل الراهب يوحنا تمّ تعينه مسؤولاً عن حياة الرهبان الروحيّة، وبعد وفاة يوحنا أختاره الأخوة في الدير ليستلم هو رئاسة الدير، في عهده ذاع صيت دير الذين لا ينامون في كلّ مكان وصار طلاّب الحياة الرهبانيّة يأتون إليه حتّى من الغرب وفارس وأرمينيا. صار القدّيس مرجعًا لكل شأن رهبانيّ وأخذ يرسل تلامذته في كلّ اتجاه ليشرف على إنشاء الأديرة والمؤسسسات.
برز القدّيس مركلّس كأحد المدافعين عن الإيمان الأرثوذكسيّ في وجه أوتيخيوس وسواه من الهراطقة. كذلك كان ملاذًا للمظلومين. لايتردّد عن احتضان الضعفاء والدفاع عنهم، حتّى الأباطرة كانوا يعتبرونه معلّمًا لهم يطلبون منه النصح. وقد بقي كذلك حتّى رقد في الربّ بعد ستين سنة من الحياة النسكيّة قرابة العام 484م.

الطروبارية
+ ميلادك أيّها المسيح إلهنا قد أطلع نور المعرفة في العالم، لأنّ الساجدين للكواكب، به تعلّموا من الكوكب السجود لك يا شمس العدل، وأنّ يعرفوا أنّك من مشارق العلو أتيت، يا ربّ المجد لك
+ يا رب بأوجاع القديسين التي تكبَّدوها من أجلك، تعطَّف واشفِ أوجاعنا كلَّها، نحن المتضرِّعين إليك يا محبَّ البشر.
+ بكَ حُفظت الصورةُ باحتراسٍ وثيق، أيها الأب مركلُّس، لأنّكَ قد حملتَ الصليب فتبعتَ المسيح، وعمِلتَ وعَلَّمتَ أن يُتغاضى عن الجسد لأنّه يزول، ويُهتمَّ بأمور النفس غير المائتة. فلذلك أيها البار تبتهج روحُك مع الملائكة.

GoCarch