٢٩ آذار – القدّيسين الشهداء مرقص العرطوزي وكيرللس البعلبكي والخدّام والعذارى في غزّة وعسقلان – القدّيس البار ديادوخوس أسقف فوتيكي

September-4-2018

القدّيس ديادوخوس

ولد القدّيس ديادوخوس في مطلع القرن الخامس الميلاديّ وتسقّف على الإبيرية القديمة بين العامين 451 و485م. فوتيكي، مركز الأبرشية، بلدة صغيرة في الناحية الغربيّة من اليونان. جرى نفيه إلى قرطاجة في أواخر أيامه. اعتبر من أبرز الذين قاوموا بدعة الطبيعة الواحدة. كان أبًا روحيًّا لشركة رهبانيّة. ويستخلص من مواعظه ومقالاته أنّه تمتّع بثقافة وخبرة واسعتين وكان على نقاوة في اللغة وسلاسة في التعبير كبيرتين. تمتاز روحانيته بالإتّزان والإعتدال وسلامة الرأي.

كما قاوم جماعة “المصلين”، هؤلاء ظهرت بدعتهم في البلاد السورية عبر نسّاك متنقلين ومتجوّلين وانتشرت بسرعة في آسيا الصغرى، كانوا يقولون إن المعمودية وبقية الأسرار لا طاقة لها على طرد الشيطان من النفس بالكامل وإن الشيطان يبقى مساكنًا للنعمة الإلهيّة في القلب، فقط بالصلاة المتواصلة يطرد من القلب، وهذا متى تمّ يجعل الانسان كاملاً فلا يعود بحاجة للخضوع للوصايا ولا تفيده الأسرار الكنسيّة. الغاية الأخيرة عندهم كان بلوغ اللاهوى من خلال الصلاة. ديادوخوس نقض قول “المصلين” بإمكان مساكنة روح الحق والكذب في النفس في آن معًا وكفاية الصلاة. وإذ إدّعوا أنّهم ببلوغهم اللاهوى يعاينون ما في القلوب متحوّلاً أقنومًا واحدًا، نسب ديادوخوس رؤاهم إلى إبليس مؤكّدًا أن كلّ رؤيا نورانية هي استباق للسماء لا نستحقه. تحتّل النعمة في لاهوت قدّيسنا مكانة مرموقة. كما يوكّد إن الصلاة ذكرها هو داخليًّا مستديمًا. فالذكر المقرون بالصمت يحفظ حرارة النفس وإجتماعها وخشوعها ويأتي بالقلب إلى النخس والوداعة. وهو يعتبر من أهم رواد صلاة اسم الربّ يسوع. كذلك يوكّد ضرورة الجهاد النسكيّ كون الجسد حليف الأرواح الشريرة، من هنا اعتباره الفقر أفضل من الإحسان، والإمساك اسمًا مشتركًا لسائر الفضائل، والصبر على المرض استشهادًا. تأثير ديادوخوس شمل الشرق والغرب معًا.

الشهداء مرقص العرطوزي وكيرللس البعلبكي والخدّام والعذارى في غزة وعسقلان

إثر تولي يوليانوس عرش بيزنطية، وكان قد أخفاه مرقص من بطش عمه قسطنديوس، ووفر له سراً ما يحتاج إليه. فأمر أن يُعيد المسيحيون بناء الهياكل الوثنية التي دكّوها خلال حكم سلفيه قسطنطين وقسطنديوس، وعلى نفقتهم. وكان مرقص قد هدم هيكلاً فخماً له موقع مميّز في نفوس الوثنيّين، وبنى كنيسة وهدى عدداً كبيراً من الضالّين. وقد لزم الو ثنّيون الصمت على مضض وكنّوا لمرقص حقداً شديداً.

إثر اندلاع شرارة الاضطهاد، توارى مرقص عن الأنظار. ولمّا بلغه أنّ الوثنيّين أمسكوا بعدد من مسيحّيي عرطوز ولم يشاؤوا إطلاق سراحهم قبل أن يُسلِّم مرقص نفسه، فجاء إليهم فقبضوا عليه وجرّروه في الشوارع من شعره. وإذ جرّدوه من ثيابه, جلدوه جلداً وحشياً وحقّروه أيّما تحقير. ثم ألقَوه في حفرة النفايات والمياه المبتذلة، وعمدوا إلى تقييد ساقيه بالحبال وشدّوا حتى اخترقت الحبال لحماته ووصلت إلى عظامه، ثمّ جعلوا على بدنه عسلاّ ومرقاً وأقفلوا عليه في ما يُشبه القفص معلّقين إياه في الهواء والشمس المحرقة، منتصف النهار. ومع هذه الآلام لبث مرقص هادئاً. كانوا يُلحّون عليه أن يُعيد لهم بناء الهيكل فلم يأبه لهم. فاستحال ازدراء بعضهم إعجاباً به، لصبره وثباته وقوة نفسه، فأطلقوا سراحه ورجاه بعضهم أن يُعلّمه كيف يبلغ مثل هذه الدرجة من الرزانة والهدوء، والصبر. وأمضى بقيّة أيّامه في تدبير شؤون قطيع المسيح في عرطوز إلى أن رقد بسلام في الرب.

أمّا القدّيس كيرللس فقد كان شماس كنيسة بعلبك. انقضّ كيرللس بحماسة شديدة وحرّض الناس على هدّ هيكل فينوس، فحقد عليه الوثنيّون وكظموا غيظهم إلى وقت مؤات. فلمّا انحلّت ساعة الظلمة انتقموا منه وممن أمكنهم الوصول إليهم، راهبات وخدّام الكنيسة. واقتحم الوثنيّون ديراً للراهبات واستاقوا من فيه إلى الموضع حيث كان هيكل فينوس. وعرّضوهن لدناءات وحقارات جمّة. وانقض الضالّون على كيرللس وضربوه ضرباً لا هوادة فيه. وأكلوا كبده نيئاً كالحيوانات.

وفي عسقلان وغزّة، أمسك هناك الوثنّيون خداماً كنسييّن ونسوة مكرّسات وانتزعوا أحشاءهم وجعلوا في أقفاص صدورهم شعيراً وألقوها رعياً للخنازير. رغم كل الفظائع الرهيبة لم ينجح يوليانوس في استعادة عبادة الأوثان، في أكثريته، غير مبال بها.

الطروبارية

+ شهداؤك يارب بجهادهم، نالوا منك الاكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنهم أحرزا قوتك فحطموا المغتصبين، وسحقوا بأس الشياطين التي لا قوة لها، فبتوسلاتهم أيها المسيح الإله خلص نفوسنا.

GoCarch