٣٠ كانون أول – القدّيسة الشهيدة أنيسية – القدّيس فيلاتير – القدّيس البار جدعون الجديد في الشهداء

March-3-2019

القدّيس فيلاتير
عاش القدّيس فيلاتير في نيقوميذية أيام إضطهاد الأمبراطور ذيوكليسيانوس للمسيحيين. ومع أنّه كان ابن تاتيانوس الوالي فقد أُوقف كما أوقف غيره من المسيحيين ومثلوا أمام القضاء الأمبراطوريّ. أُخِذ القيصر بمنظره، بان له كأحد آلهة الأولمبيوس أو كأحد أبطال الميتولوجيا القديمة. اعترف بكونه تلميذًا للمسيح، هدّده ذيوكليسيانوس وعرّضه للضرب ونفاه إلى جزيرة مرمرة ثم إلى نيقية حيث اجتذب حاكم المدينة وعددًا من الوثنيين إلى الإيمان المسيحي. رقد في الربّ بسلام.

القدّيس البار جدعون الجديد في الشهداء
كان القدّيس جدعون أبن عائلة فقيرة من قرية كابورنا القريبة من مدينة فولوس في اليونان، في الثانية عشرة من عمره أرسله والده إلى أحد أعمامه وكان تاجرًا في ناحية فلسطينون. لاحظه أحد المسلمين فأُعجب به لذكائه وحميّته في العمل فاتخذه عنوةوجعله في خدمة حريمه، وبعد سنة قبل الولد ختانًا بشريًّا وصار مسلمًا واتخذ ابراهيم اسمًا،وبعد شهرين من حدوث ذلك أخذ ضميره يعذّبه لأنّه تنكّر للمسيح، فهرب وعاد إلى منزله الوالدي وأطلع أهله على ما جرى له فخافوا من ملاحقة المسلمين له فارسلوه إلى جزيرة كريت، عمل هناك في مهنة البناء، لكن معلّمو البناء عاملوه بقسوة وعنف فهرب من جديد ولجأ إلى كاهن تقي، واعترف له بخيانته فعلّمه الكاهن طريق التوبة واستضافه واتخذه ابنًا له بالتبني.
وبعد ثلاث سنوات توفيّ الكاهن فارتحل جدعون إلى الجبل المقدّس لاستكمال توبته وانضم إلى دير كاراكالو واتخذ اسم جدعون وأبدى خضوعًا وتواضعًا كاملين كراهب، وتقدّم سريعًا في الصوم والسهر والسجود والبكاء وسائر أعمال النسك، وعلى مدى 35 عامًا كان جدعون راهبًا نموذجيًّا. قرأ عن القدّيسين الذين كفروا بالربّ ثم تابوا إليه فتحرّكت أحشاؤه واشتهى أن يحاكي هؤلاء القدّيسين فعرض أمره على رؤسائه وبعد موافقتهم ادعى الجنون على غرار المتبالهين من أجل المسيح وتوجّه إلى فلسطينون وجاء إلى مخدومه الذي لم يعرفه فأعلن له عن نفسه فجرى القيض عليه للحال واستيق إلى القاضي فلمّا وصل إليه قال له المسيح قام وحاول على قدر ما استطاع تقبيح دين القاضي الذي اغتاظ منه وجلدوه وتركوه بين حيًّا وميتًا، عاد إلى آثوس وبقي هناك سنة كاملة، ثم عاد إلى فلسطينون وأعلن أنّه كان مسلمًا ومن ثم ترك الإسلام واستعاد إيمانه بالمسيح فسُلّم للباشا في تيرفانوس القريبة من لاريسا في تساليا، فجرّدوه من ثيابه ووعرضوه للسخرية وأخيرًا قطعوا له أطرافه ومن ثم رموه فاستشهد للمسيح.

القدّيسة الشهيدة أنيسيّة
ولدت أنيسيّة لأبوين غنييّن شريفين في تسالونيكية أهتديا إلى المسيح وربّياها على محبة الحكمة والفضيلة. فلما بلغت عتبة المراهقة رقدا في الرب. تركا لها أموالا طائلة، لكن وقع الصدمة عليها كان شديدا . ولما كانت قد تربّت على محبة المسيح وحفظ وصاياه،أضحت الحياة لها المسيح والموت ربحا (فيليبي 1 :21). فأعتقت عبيدها وزوّدتهم بما يحتاجون إليه من المال لتدبير شؤون حياتهم. كما وزّعت ما بقي لها من ممتلكات وحقول وقطعان وميراث على الفقراء والمحتاجين.لم تحتفظ لنفسها بشيء. حتى ثيابها وحلاها نبذتها ووزّعتها يمينا ويسارا. أحبت ان تكون حرّة من كل ما يمكن ان يقيّدها إلى هذا الدهر.فلبست ثيابا عادية خشنة وأخذت تجوب المدينة تزو المرضى وتعين الأرامل والأيتام وتجمع الطعام واللباس للفقراء. أما معيشتها هي فبدأت تحصّلها من شغل يديها. عمر الشباب في عينيها كان عبئا، لسان حالها كان :” باطلة هي الفتوّة لأنك فيها تعثر الآخرين أو يعثرك الآخرون. الشيخوخة خير من الفتوّة! كم أنا حزينة لطول الوقت الذي يفصلني عن السماء !”.
أخذت أنيسية على عاتقها زيارة المساجين المعترفين من الذين طالتهم يد الأضطهاد. ومن عشرة المعترفين والشهداء اشتهت ان تكون لها شركة في شهادة الدم للمسيح. هذا ما يشتهيه الزاهدون المفتقرون من أجل المسيح؛ يتأجّج فيهم الشوق إليه ويتوقون إلى بذل ما بقي لهم ذبيحة وقربانا : أجسادهم ! ولكن، هذه نعمة من عنده تعالى، يهبها لمن يشاء ويمسكها عمن يشاء، واللع علاّم القلوب !.
أقامت أنيسية على هذا الرجاء تزرع الرحمة من حولها، مجدّة في الأصوام والدموع والأسهار والصلوات. لا شيء عطّل عزمها. وحلّت الساعة التي أتاحت لأنيسيّة أن تمجّد الله وتبذل نفسها لعريسها السماوي. عنفت موجة الأضطهاد على المسيحيين من جديد في ايام الأمبراطور الروماني مكسيميانوس، سنة 305 ميلادية. في تلك الأثناء، حدث أن أنيسيّة خرجت تروم الصلاة في الجماعة. وإذ عبرت بما يعرف بباب كاسندرا، دنا منها أحد الحرّاس الأمبراطوريين بعدما اشتهاها لنفسه، وتحرّش بها فصدّته ورسمت على نفسها غشارة الصليبز فشعر الجندي الوقح بالمهانة وسألها: ” من أنت و‘لى أين أنت ذاهبة؟!” فأجابته بلا ترددّ ومن دون خوف :” أنا خادمة ليسوع المسيح وذاهبة لأصلّي مع الجماعة !” فكان كلامها في اذنيه سلاحا استعمله ضدّها عسى ان ينال بواسطته ما رغبت به نفسه منها. فقال لها :” لن أسمح لك بذلك وسآخذك إلى الهيكل لتضحّي للآلهة. اليوم يوم عبادة الشمس !” وإذ تفوّه الجندي بهذا الكلام مدّ يده وانتزع منها المنديل بحركة خاطفة، فعنّفته وبصقت في وجهه فاغتاظ واستل سيفه وطعنها، زقيل جرّرها إلى الهيكل جرا وحاول إجبارها على التضحية للوثن، فتطلعت إليه وبصقّت في وجهه، فضربها بالسيف فسقطت صريعة لتنضم إلى ركب الأبكار السماويين وتحظى بإكليل الغلبة.
هذا وقد ذكر أن رفات القدّيسة أنيسيّة كانت تفيض طيبا زكي العرف يشفي الآم البشر المتنوعة. والكنيسة تنشد لها الأنشودة المعبّرة التالية :” أيتها الدائمة الذكر أنيسيّة. انك لمل بدّدت الغنى. وكفيت الفقراء. حصلت عروسا عادمة الفساد للخالق. وقدمت له مجاري دمائك كجهاز. وماثلته في الآمه التي كابدها. فأسكنك في الخدر الإلهي . كشهيدة لابسة الجهاد .
تعيّد لها الكنيسة شرقا وغربا في هذا اليوم واسمها وارد في مينولوجيون الأمبراطور باسيليوس، في القرن التاسع الميلادي، أيضا في الثلاثين من شهر كانون الأول.

الطروبارية
+ ميلادك أيّها المسيح إلهنا قد أطلع نور المعرفة في العالم، لأنّ الساجدين للكواكب، به تعلّموا من الكوكب السجود لك يا شمس العدل، وأنّ يعرفوا أنّك من مشارق العلو أتيت، يا ربّ المجد لك
+ نعجتك يا يسوع تصرخ نحوك بصوت عظيم قائلة: يا ختني إني أشتاق إليك وأجاهد طالبةً اياك، وأُصلَبُ وأُدفن معك بمعموديّتك، وأتألّم لأجلك حتّىأملك معك، وأموت عنك لكي أحيا بك. لكن كذبيحةٍ بلا عيبٍ تقبّل أنيسية الّتي بشوقٍ قد ذُبحتلك. فبشفاعاتها أيّها المسيحُ الإلهُ خلّص نفوسنا.

GoCarch