٣٠ كانون الثاني – تذكار جامع لأبائنا القدّيسين ومعلّمي المسكونة باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الذهبيّ الفم – الجديد في الشهداء ثيودوروس ميتيلين – الشهيد في الكهنة هيبوليتوس أسقف العربيّة

September-4-2018

أبائنا القدّيسين ومعلمي المسكونة باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الذهبي الفم

يعود تاريخ هذا العيد إلى زمن الأمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس( 1081 -1118 م). في تلك الأيام برز خلاف حاد في كنيسة المسيح في القسطنطينية بين المعلّمين بشأن آبائنا القدّيسين ومعلّمي المسكونة العظام باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الذهبي الفم، تمحور الخلاف حول من هو الأبرز فيهم.

الفريق الأول اعطى الأسبقية لباسيليوس الكبير لأنه اعتبره أكثر الخطباء رفعة، ورأى فيه منظّم الرهبانية وقائد الكنيسة برمّتها في صراعها ضدّ الهرطقة. والذهبي الفم في نظرهم يأتي دون باسيليوس لأنه رخو مع الخطأة.

الفريق الثاني أعتبر الذهبي الفم أكثر الناس محبة، وأكثرهم فهما لضعف الطبيعة البشريّة. والذهبي الفم شرح الكلمة الإلهية وبيّن كيفية تجسيدها بمهارة لا يدانيه أي من الأبوين الباقيين. وهو متفوق في البلاغة.

أما الفريق الثالث فاعتبر القدّيس غريغوريوس اللاهوتي أرفع من سواه لعظمة لغته وصفائها وعمقها.وهو إذ ملك حكمة اليونان وبلاغتهم بلغ درجة من التأمل في الله لم يعرفها أحد سواه ولا عبر أحد غيره .

انتقل هذا الخلاف إلى عامة الشعب.ونتجت عنه اضطرابات ومشاحنات أقلقت الكنيسة.إثر ذلك ظهر القدّيسون الثلاثة للأسقف يوحنا موروبوس، متروبوليت أوخاييطا. ظهروا له في رؤيا، وقالوا له :” نحن متساوون أمام الله كما ترى. لا انقسام بيننا ولا تعارض. كل منا تعلّم في زمانه، من الروح القدس، ثم كتب وتكلّم بما يوافق خلاص الناس. ما تعلّمناه سرا أفضينا به للناس جهرا. ليس أول ولا ثان بيننا. فلو جئت على ذكر أي منا فإن الآخرين يتفّقان معه. لذلك مرّ المستغرقين في الجدل بشأننا ان يضعوا حدا للخلاف فيما بيننا فإننا كما كنا في الحياة نبقى بعد الرقاد مهتمّين بإحقاق السلام والاتفاق في كل أطراف المسكونة. لهذا السبب اجعل التعييد لنا في يوم واحد … وأعلم الناس ان لنا مكانة واحدة عند الله.”

وصعد الآباء الثلاثة إلى السماء وهم يتلألأون بنور لا يوصف. وللحال عمل يوحنا الأسقف على جمع المتخاصمين وسعى، إلى وضع حدّ للخلاف بينهم. وقد عيّن للقدّيسين الثلاثة عيدا واحدا جامعا، كما طلبوا، في الثلاثين من كانون الثاني.

على هذا النحو فضّ الخلاف ووضعت للمناسبة خدمة جليلة دونك منها هذا البيت :” من ذا الذي هو أهلّ لأن يفتح شفتيه ويحرّك لسانه. نحوالنافثين نارا بقوة الكلمة والروح. لكني أتجاسر مقتصرا على وصفهم هكذا. ان هؤلاء الثلاثة قد فاقوا الطبيعة البشريّة بجملتها. بالنعم الغزيرة العظيمة وبالعمل والنظر. فتساموا بها في كلا الأمرين. فلذلك قد أهّلتهم لمواهب عظيمة بما أنهم خدّام لك أمناء. أيها الممجّد قدّيسيه وحدك”.

القدّيس ثيودوروس

كان القدّيس ربّ عائلة مسالم من جزبرة ميتيلين. تعرّض يومًا لفورة غضب فكفر بالإيمان المسيحي ولقتل الإسلام. عاد إلى نفسه بعد حين فندم وخرج إلى جبل آثوس ناسكًا تائبًا. حظي، بعد مدّة، ببركة أبيه الروحيّ ليكفّر عن جحوده بشهادة الدّم. ادّهن بالميرون المقدّس وتناول القدّسات ثم عاد إلى بلاده. حالما وصل إلى هناك توجه إلى مقر القاضي ورفع عمامته ورماها أرضًا وجعل السكوفا الرهبانيّة على رأسه. قُبِض عليه واستجوب مرّات. حاول الأتراك استمالته بالحسنى وبالتهديد فباءت محاولاتهم بالفشل، فحكموا عليه بالموت. في الطريق إلى المشنقة كان بهيّ الوجه، بهجًا يكلذم جلاديه براحة. لما قدّموا إليه الحبل ليضعه حول عنقه أخذه وقبّله وبعدما نفّذ ما طلبوه منه وطلب المسامحة من كلّ المسيحيّين الحاضرين صعد إلى الصخرة المنصّة وتمّ شنقه. أُلقي جسده في البحر، لكن بعض المسيحيين التقطوه بعد أيام ودفنوه بإكرام.

القدّيس الشهيد في الكهنة هيبوليتوس أسقف العربيّة

كان القدّيس هيبوليتوس أسقفًا على إحدى أبرشيات العربيّة. جيلاسيوس كيزيكوس المؤرّخ أشار إلى ذلك، أفسافيوس القيصريّ ذكر أن بيريلوس كان أسقفًا في بصرى وإن هيبوليتوس كان يرأس كنيسة أخرى. كان تلميذًا للقدّيس إيريناوس الليّوني، هذا بشهادة القدّيس فوتيوس الكبير. كذلك تتلمّذ للقدّيس كليمنضوس الإسكندريّ وكان معلّمًا لأوريجنس. القدّيس إيرونيمس وصفه بـ “الرجل القدّيس البليغ”. جعل البعض شهادته في زمن الكسندروس وسايروس. يظن أنّه استشهد غرقًا. يبدو أنّه وضع شروحات للعديد من الأسفار الكتابيّة.

الطروبارية

+ هلّمّ بنا نلتئم جميعاً ونكرّم بالمدائح الثلاثة الكواكب العظيمة للاّهوت المثلّث الشموس، الذين أناروا المسكونة بأشعّة العقائد الإلهيّة، أنهار الحكمة الجارية عسلاً، الذين روّوا الخليقة كلّها بمجاري المعرفة الإلهيّة. أعني: باسيليوس العظيم وغريغوريوس المتكلم بالإلهيّات مع يوحنّا المجيد الذهبيّ اللّسان، لأنّهم يتشفّعون إلى الثالوث على الدوام من أجلنا نحن المحبيّن أقوالهم.

GoCarch