٤ أيلول – تذكار القدّيس الشهيد في رؤساء الكهنة بابيلا (منير) أسقف إنطاكية – القدّيس مزهر (انثيموس) الأعمى ناسك كافالونيا الجديد – القدّيس موسى النبي معاين الله

March-2-2019

الشهيد في رؤساء الكهنة منير (بابيلا) أسقف انطاكية
جاء في كتاب “تاريخ الكنيسة” لأفسافيوس القيصري (+304م) ما يلي: “يفيد بعض المصادر أن الأمبراطور الرومانيّ فيليبس، لمّا كان مسيحيّاً، رغب، ليلة الفصح، أن يشترك مع الجموع في صلوات الكنيسة، فمنعه الأسقف، بسبب كثرة الجرائم الّتي ارتكبها، إذا لم يُدلِ، أولاً، باعتراف صريح بخطاياه ويدخل في عداد التائبين، فما كان من الأمبراطور سوى أن أذعن للحال …”
هذا الأسقف الشجاع الذي تحدّث عنه أفسافيوس والذي صار مضرب المثل، على مرّ العصور، هو القدّيس بابيلا. لا نعرف الكثير عن بابيلا، لعلّه تبوأ عرش أسقفيّة انطاكية في العام 237م خلفاً لزابينوس، فأضحى الأسقف الثاني عشر على المدينة بعد القدّيس بطرس الرسول. ويقال أن أسقفيته امتدّت ثلاثة عشر عاماً، أيام الأباطرة الرومان غورديانوس وفيليبس العربيّ وداكيوس.
فأمّا فيليبس فكان من بلاد حوران، من قرية قريبة من مدينة بُصرى. ويبدو أنّه كان وزوجته سفيرة مسيحيين. لكن هذا لم يكن بحال دليلاً على سيرة طيّبة سارها في حياته، لأنّ فيليبس كان عسكريّاً وصوليّاً لا يتورّع عن القتل والتآمر لينال مبتغاه. ويُنقل عنه أنّه دسّ السمّ لعم ّغورديانوس قيصر ليأخذ مكانه في الحكم، ثمّ ضغط على غورديانوس فأعطاه لقب قيصر. وإذ خشي غورديانوس جانبه أعطاه ابنه الصغير عربون وحدة وسلام بينهما، لكنّ فيليبس ما لبث أن فتك بغورديانوس وقتل الصبي وانتزع العرش.ويبدو أن أخبار جرائمه، كانت على كلّ شفة ولسان. وهذا ما حدا بالأسقف بابيلا إلى الوقوف في وجهه ومنعه من دخول الكنيسة ما لم يعترف بخطاياه ويتب عنها. وقد ذكر عدد من الآباء بابيلا بإكبار عظيم، لاسيما القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم الذي قال عنه إنّه كان رجلاً عظيماً وعجيباً.
أمّا استشهاد بابيلا فيظن أنّه كان هكذا: في العام 249 للميلاد فتك داكيوس بفيليبس قيصر، ثمّ في العام 250م باشر بحملة اضطهاد على المسيحيّين، فقبض جنوده على بابيلا وطرحوه في السجن حيث قضى، نتيجة المعاملة السيّئة الّتي لاقاها. ويقال أن بابيلا طلب قبل موته أن تلقى السلاسل معه في القبر لأنّه اعتبرها أداة لانتصاره. وقد بنى المسيحيّون كنيسة فوق ضريحه.
وإلى جانب بابيلا يذكر التقليد استشهاد ثلاثة أولاد أخوة كان لهم بمثابة أب: أوربانوس (12سنة)، وبرلدان(بريليديانوس، 9 سنوات) وهيبولينوس (7 سنوات) وأمّهم أمة الله ثيولا.
يذكر أن رفات القدّيس بابيلا اختلسها الصليبيّون من انطاكية ونقلوها إلى الغرب، وهي موجودة حالياً في كريمونا الإيطاليّة. وقد اتّخذ عدد من كنائس الغرب في فرنسا واسبانيا وايطاليا القدّيس بابيلا شفيعاً لهم.
القدّيس مزهر (انثيموس) الأعمى ناسك كافالونيا الجديد
ولد في جزيرة كافالونيا، واعطاه والداه اسم أثناسيوس في المعمودية. أصيب في السابعة من عمره بالعمى، فأخذت أمّه تصلّي، بحرارة. وبالفعل شفي الولد بصورة عجائبية، وعاد النور إلى عينه اليمنى. وعمل فترة من الزمن بحارا كأبيه. لكنه ما لبث أن ترك العالم وانصرف إلى حياة التوحّد.
عمي من جديد، فصار راهبا في العشرين من عمره، واتخذ اسم انثيموس، والتهبت روحه بمحبة الله واتقد بنوره، وعاش شبه أعمى في الجسد وعاد لا يبالي، بالمقابل مّن عليه الله بعين داخلية نيّرة، وأعطاه الله بصيرة حسنة، فكان بإمكانه بنعمة الله، أن يتنبأ بالمستقبلات وأن يدعو أناسا بأسمائهم دون أن تكون له بهم أية معرفة سابقة.
بدأت رهبنته في الجبل المقدّس آثوس، ثم انتقل، بعد مدة، إلى العمل الرسولي الذي أوحى به الله إليه. فعلم الإنجيل مدّة سنة في جزيرة خيوس. ثم تحول إلى جزيرة باروس فأنقذ، بالصلاة، ركاب باخرة كانت على وشك الغرق، وكان من نتيجة ذلك أن تعلّق به أهل الجزيرة وأجّلوه فبشرّهم بالإنجيل ايضا.
زار انثيموس عدة جزر ثم حج في أورشليم. و عاد إلى جزيرة كاستيلوريزون وبنى ديرا. فأصاب الجزيرة في ذلك الوقت جفاف هدّد حياة السكان والبهائم بالموت. فصلّى القدّيس إلى الرب الإله ان يرفع عنهم بشدة، فأمطرت الدنيا مطرا غزيرا. فقدم سكان الجزيرة تعبيرا عن شكرهم لله، كل ما يحتاج إليه لبناء دير على اسم العظيم في الشهداء جاورجيوس، وهو ما يزال قائما إلى هذا اليوم. ثم انتقل إلى جزيرة أستيباليو حيث أنشىء ديرا اكراما لوالدة الإله. وما كاد الدير يكتمل حتى جاء بعض الراهبات وأقمن فيه، فقام قوم يشيّعون بأن القدّيس على علاقة مشبوهة بالراهبات، فما مرّ وقت قصير حتى حلّ بالمشيّعين غضب الله، وهكذا لاقوا جزاء افترائهم، واختشى الناس.
استمر القدّيس انثيموس في إنشاء الأديرة وترميمها، وانشأ دير القدّيس انطونيوس الكبير في جزيرة كريت، وهناك منّ الله عليه بموهبة صنع العجائب، فردّ البصر، بإشارة الصليب، إلى امرأة عمياء، وبارك امرأة عاقرا فأنجبت.وفي اليوم الرابع من شهر أيلول من العام 1782 ، رقد بسلام في الرب، وقد ناهز الخامسة والخمسين.

القدّيس النبي موسى
النبي موسى من قبيلة لاوي ولد في مصر أيام كان العبرانيون في خدمة فرعون. ألقته أمّه في سلٍّ في نهر النيل بسبب الخوف من قتله على يد المصريين، رأته إبنة فرعون فتبنَّته واسمته موسى أيّ المنقذ من الماء.
نشأ موسى بين المصريين وأتقن حكمتهم. في عمر الأربعين قتل مصريّ كان يتعارك مع عبراني واضطر إلى الفرار فلجأ إلى بلاد مدين حيث تزوّج سيفورا، ابنة يثرو، كاهن مدين وأنجبت له ابنًا سمّاه جرشوم الذي معناه “أنا غريب في أرض غريبة”. هناك عاش راعيًّا للأغنام، وخلال رعايته للأغنام في حوريب عاين الربّ من خلال عليقة ملتهبة غير محترقة، عاش في مدين مدّة أربعين سنة، ثم عاد إلى مصر بناء لأوامر الله ليخلّص الشعب العبرانيّ، ولأنّه كان ألثغ اللسان أعطاه الربّ أخاه هارون معينًا.
دخل الأثنان إلى فرعون أبلغاه بكلام الله أن يدع الشعب الإسرائيليّ يذهب فلم يصغ إليهما، وضرب الله الشعب المصريّ بعشر ضربات بواسطة موسى، حتّى قرّر فرعون أن يترك الشعب يذهب في سبيله. وفي طريقهم إلى الأرض المقدّسة، سار الشعب بقيادة موسى أربعين سنة في الصحراء وبرغم تعديات العبرانيين وجحودهم لم يتخلّ الله عنهم، بل صبر عليهم واعتنى بأمرهم، في تلك البرية أظهر الله رأفته على شعبه من خلال آيات شتى صنعها أمامهم.
ولمّا قرب الشعب من جبل سيناء، كلّم الله موسى وأظهر له أحكام الشريعة وبقي هناك مدّة أربعين يومًاتلقّن خلالها ما كان ضروريًّا لاقتناء الفضيلة ومعرفة الله. وبعد ذلك نزل موسى إلى شعبه ومعه لوحي الوصايا العشر. ورغم كلّ العلامات والآيات التي أعطاها الله لشعبه استمرّ الشعب يخطىء إلى الربّ إلهه ويمرمر عبده موسى.
وخلال حياته شكّ موسى بالله فكان أن حُرِمَ من الدخول إلى أرض الميعاد. ويُقال أنه صعد إلى قمة أباريم ورقد هناك بعد أن عاين أرض فلسطين من بعيد، ولا أحد يعرف إلى اليوم الموضع الذي دفن فيه.

الطروبارية
+ صرت مشابهاً للرسل في أحوالهم وخليفةً في كراسيهم، فوجدت بالعمل المرقاة إلى الثاوريا، أيها اللاهج بالله. لذلك تتبّعت كلمة الحق باستقامة وجاهدت عن الإيمان حتّى الدم أيها الشهيد في الكهنة بابيلا، فتشفّع إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.

GoCarch