٥ كانون أول – القدّيس البار سابا المتقدّس – القدّيسة الشهيدة كريسبينا

March-3-2019

أبينا البار المتوشح بالله سابا المتقدّس
وُلد القديس سابا في إقليم الكبادوك سنة “439م”، من أبوين مسيحيّين و كانا من أغنياء تلك البلاد وأشرافها، نشأ على حب الفضيلة منذ نعومة أظفاره.
هرب إلي البرية و دخل ديراً هناك ليعبد الله بالهدوء والسكينة فبدأ بالمحافظة على الصلوات و الطاعة والقيام بفرائضه بكل أمانة و نشاط حتى أنّه فاق رهبان الدير بتواضعه و طاعته و تجرده و أصبح مثالاً للجميع.
عاش في الدير عشر سنوات في جهاد متواصل و تاقت نفسه إلى الوحدة و العيشة المنفردة، فاستأذن رؤساءه ليسمحوا له بالذهاب إلى القفار الفلسطينيّة ليعيش عيشة النسك فسمحوا له بالسفر فأتى أورشليم وزار الأماكن المقدسة ثم نزل إلي البراري و أتى إلى دير القديس أفثيميوس الكبير وطلب أن يقبل في عداد النساك ففرح به أفثيميوس و لكنّه نظراً لحداثة سنه أرسله إلي دير القديس ثاوكتستس حيث كان المبتدئون يستعدون للحياة النسكيّة المفردة التي يديرها القديس أفثيميوس نفسه، فعاش هنالك مواظباً على الإماتات الرهبانيّة و سائراً في طريق الكمالات الإنجيليّة.
و في هذه الأثناء رقد القديس ثاوكتستس بالرب فطلب سابا إلى خلفه أن يسمح له بحياة الإنفراد. وكان له ذلك. فذهب وسكن في مغارة يمارس فيها أعمال النسك الشديدة. كان يقضي خمسة أيّام من الأسبوع ي الوحدة التامة مثابراً على التأمل و الصلاة ، يشتغل بعمل السلال ويبيعها لينفق على نفسه و يتصدّق على الفقراء . كان يذهب يومي السبت و الأحد إلى الكنيسة ليسمع الإرشادات الروحيّة وحضور الذبيحة الإلهية وتناول الأسرار المقدّسة و يعود إلى خلوته.
دعاه القديس أفثيميوس بالشاب الشيخ لرصانته في حياته و جميل فضائله و طباعه، وأقبل النساك والرهبان إلى سابا يطلبون إرشاده و أخذ الكثيرون يتتلمذون له. فأنشأ لهم المناسك وقام يرشدهم، و لما تكاثر عددهم شيد لهم ديراً أقاموا فيه . انتشر صيت قداسة سابا و فضائله وعمّت كلّ البلاد، فسامه البطريرك سالستس كاهناً رغم تذلله و ممانعته و أسند إليه الرئاسة العامة على المناسك في فلسطين. و أتته أمّه حاملة إليه أموالاً كثيرة من إرث أسرته و طلبت منه السماح لها بالإقامة تحت كنفه ما بقي لها من العمر، فسمح لها وعنى بوالدته في أيّامها الأخيرة، و لمّا رقدت أنشأ بالأموال التي حملتها إليه مستشفى للمرضى بجوار الدير، و مستشفى آخر في أريحا و مضافة للزوّار بقرب الدير وذهبت الأموال في سبيل خدمة القريب.
استحوذ الحسد على بعض الرهبان فنالوا من كرامته و التظاهر ضدّ سلطته فآثر الإبتعاد عن الدير على أن يقاوم الشرّ بالشرّ وتوغّل في الصحراء حيث وجد مغارة دخلها. وما أن أقام فيها حتى رأى أسداً هائلاً يدخل عليه لأن تلك المغارة كانت عريناً له، فلم يضطرب سابا لرؤيته و قال للأسد “لا تغضب فالمحلّ يتّسع لي ولك” فحدّق فيه الأسد و لوّح بذيله و غادر المغارة و ترك القديس سابا في عرينه و مضى . لكنّ الرهبان أشاعوا بأن الأسد قد إفترسه و طلبوا إلى البطريرك تعيين آخر مكانه.
ولمّا كان عيد تجديد هيكل القيامة جاء سابا كعادته إلي أورشليم ليحضر العيد فرآه البطريرك و تمسّك به وأعاده إلي ديره و عمله بالرغم من إعتذار سابا عن ذلك و إدّعائه بقلّة الدراية في تدبير أمور رهبانه، أمّا هو فلوداعته و تواضعه و حبّه للسلام فسكت عن عصيانهم وبقى يسهر عليهم.
ترأّس القديس سابا وفداً من رؤساء الأديار للسفر إلى القسطنينيّة للمثول أمام الملك و تقديم رسائل له من إيليّا بطريرك أورشليم لكي رفع الشدّة عن فلسطين. فلم يسمح له الحرس بالدخول إلى القصر لأنهم ظنوه أحد الخدم لِما كان عليه من التواضع. ولمّا قرأ الملك الرسائل سأل عن سابا فأخبروه بالأمر فاستدعاه وبالغ في إكرامه و أرسل إلى عمّاله لتخفيف الوطأة عن البلاد ورضي عن البطريرك إيليّا و منح سابا ألف دينار ذهباً مساعدة لأدياره.
إمتاز سابا في حياته بالوداعة و التواضع و الفطنة وكان شفوقاً على القريب، خادماً للضعيف و الغريب، كثير الإماتات و الأصوام و لذلك منحه الله صنع العجائب.
رقد بالرب بين أولاده و قد ناهز الثانية و التسعين من عمره. و بقيت أديرة القديس سابا ورهبانه تسطع في الشرق حتى أواخر القرن العاشر حيث بقي منها إلى يومنا هذا دير واحد قائم على إسمه. وإلى القديس سابا يعود أقدم تيبيكون جمع القواعد التي تضبط الخدم الليتورجيّة في العبادة.

القدّيسين قاريون وزكريا المصريّين
ترهبّا القدّيسان في إسقيط مصر، كانا أبًا وابنه وأبرزهما كان زكريا. نُقَل عن هذا الأخير أنّه كان جميل الطلعة، حسن الصورة جدًا فعثر به الرهبان. وبعدما غيّر موضع نسكه وأبيه عدّة مرات دون أن ينجح في رفع سجس الرهبان بشأنه، ألقى بنفسه في غدير ماء معدني حتّى تشوّه بدنه وتغيّرت ملامحه. فلمّا عاد إلى أبيه لم يتعرفه إلا بصعوبة. وقد قال عنه إيسيذورس الكاهن لما رأه على هذه الصورة: إن زكريا الصبي جاءنا في الأحد الماضي كإنسان، أمّا الآن فيأتينا كملاك!.
ومرّة، عاين زكريا رؤيا من الله فلمّا أطلع أباه عليها قال له: “هذه الرؤيا من الشياطين!”. ولكن بعدما فكّر أبوه في الأمر طويلاً قال له: “إمض إلى أنبا بيمين وأفعل بما أوصيك به”. فلما جاء إليه بادره الشيخ بالقول: “إن الرؤيا هي من الله، ولكن إمض وأخضع لأبيك!”.
قال أنبا قاريون عن أبنه: “إني بذلت أتعابًا كثيرة بجسدي لكني لم اصل إلى رتبة ابني زكريا في اتزان العقل والسكون.
ولمّا حضرت ساعة وفاة زكريا سأله القديس موسى الأسود: أية فضيلة هي الأعظم يابني؟ فأجاب: على ما أراه يا أبتاه، ليس شيء أفضل من الصمت.

القدّيسة كريسبينا
أخبر عن القدّيسة كريسبينا أوغسطينوس المغبوط.
هي من شمالي أفريقيا. كانت متزوجة، عريقة النسب، غنيّة ولها بضعة أولاد. امتازت بغرية فائقة على الإيمان بالربّ يسوع المسيح وجسارة غير عادية. جاهرت بإيمانها أمام أنولينوس الحاكم ولم تخر أمام دموع أولادها. سعى الحاكم إلى إكراهها على التضحية للأوثان فلم تمتثل له. قالتك “لا امانة ولا تقوى بالإكراه!” عرضوها للهزء أمام الجماهير، ثم عذّبوها وقطعوا رأسها.

الطروبارية
+ للبرية غير المثمرة بمجاري دموعك أمرعت وبالتنهدات التي من الأعماق أثمرت بأتعابك إلى مئة ضعف فصرت كوكباً للمسكونة متلآلئاً بالعجائب يا أبانا البار سابا فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.

GoCarch