٩ آذار – القدّيسين الشهداء الأربعين المستشهدين في مدينة سبسطية – القدّيس الشهيد عبد المسيح رئيس طور سيناء

September-4-2018

القدّيس الشهيد عبد المسيح رئيس طور سيناء

كان رجل من نصارى نجران يقال له قيس بن ربيع بن يزيد الغسّاني من خيرة العرب النصارى فيها، حسن العبادة، فهيمًا بما له وبما عليه. هذا خرج، مرّة وهو ابن عشرين سنة برفقة قوم مسلمين من أهل نجران يريد الصلاة ببيت المقدس. وكانوا هم عازمين على الغزو. فلم يكفّوا، في صحبتهم له، عن إغرائه واستهوائه حتّى صيّر طريقه إلى الغزو معهم.

وكان قيس من أرمى الناس سهمًا وأشدّهم بالسيف ضربًا وأصوبهم بالرمح طعنًا. وقد حملته الجهالة والحداثة وخبث الصحابة إلى الدخول معهم إلى أرض الروم فقاتل وانتهب وأحرق ووطىء كلّ محرّم، أسوة بهم، كما صلّى معهم وصار على الروم أشدّ غيظًا منهم وأقسى قلبًا. وقد أقام ثلاث عشرة سنة مدمنًا الغزو كلّ سنة ولا يبرح الثغور.

فلمّا تمّت له السنون خرج إلى بعض مدن الشام ليشتوا فيها، دخل مدينة بعلبك ونزل في كنيسة وجلس يستمع إلى كاهن يقرأ الإنجيل وطلب منه أن يفسّر له ما يسمعه منه، بكى قيس مما سمعه ولمّا سأله الكاهن لماذا يبكي أخبره عن وضعه كيف أنكر إيمانه فطلب منه الكاهن أن يتوب، فقام “قيس” وصلّى في الكنيسة ورمى سلاحه وعاهد الله أن لا يعود إلى شيء مما كان فيه، بعد ذلك عرّفه الكاهن وحلّه من خطاياه وناوله القدسات. فانتقل بعد ذلك إلى القدس ودخل إلى بطريركها وأخبره بقصته ففرح به وشدّده وأرسله إلى دير القدّيس سابا ليترهّب وليتعلّم الحياة الرهبانيّة.

وبعد خمس سنوات ترك الدير وطاف في الديارات ومضى إلى طور سيناء فأقام فيه سنتين في عبادة شديدة وخدمة للرهبان. ثم أحبّ أن يظهر أمره فأتى إلى الرملة ومعه راهبان فاضلان، فكتب كتابًا فيه: “أنا قيس بن ربيع بن يزيد الغسّاني النجراني. وكذا قصتي… وقد تنصرّت وترهّبت زهدًا في الإسلام ورغبة في النصرانية. وأنا في كنيسة الرملة، فإن أردتموني فاطلبوني فيها. وألقى الكتاب في مسجد الجامع بالرملة، ثم مضى هو والراهبان فجلسوا في الكنيسة السفلى للقدّيس جاورجيوس بالرملة. فلما قرأ المسلمون الكتاب في المسجد تصايحوا وخرج منهم قوم يطلبونه. وإذ أتوا إلى الكنيسة بحثوا عنه فيها في الداخل والخارج، بحثوا في كلّ الكنيسة لكنّهم لم يروهم. ترك الكنيسة وعاد إلى طور سيناء فأقامه الرهبان في دير هناك رئيسًا للدير فبقي سبع سنين.

ولمّا قسا صاحب الخراج على طور سيناء خرج الرهبان نحو الرملة، فالتقوا بمجموعة من الحجاج الذي تعرّف واحد منهم عليه ودفع برفاقه لإلحاق الأذى بهم وتوجّه نحو الحاكم في المدينة فوشى به ولمّا رفض قيس العودة عن إيمانه دفعه إلى الجلاد وأمر بضرب عنقه وهكذا استشهد. (سيرته وردت في كتاب القدّيسون المنسيّون، ص 293 – 297م).

تذكار شهداء سبسطية الأربعون

عين على بلاد الكبادوك وأرمينيا الصغرى حاكما اسمه أغريقولاوس، وكان احد أكثر المتحمّسين لتنفيذ الأوامر الملكية، والقاضية في إتباع القبضة الحديدية إزاء أعداء الأمة، وإذا عاند المسيحيون وتصلبوا فلتنزل بحقهم أقسى العقوبات تهويلا وتأديبا. وطلب أغريقولاوس من العسكر تقديم الإكرام لآلهة المملكة تعبيرا عن ولائهم للوطن وقيصر. الكل خضع إلا أربعون امتنعوا لأنهم مسيحيون. ومثلوا أمام الحاكم كرجل واحد . وكلهم كشف عن هوّيتهم بالطريقة عينها :” أنا مسيحي!”. حاول الحاكم ان يستعيدهم بالكلام الملق أجابه القدّيسون “بالنسبة لنا لا حياة إلا الموت لأجل المسيح”. فأودعوا السجن بانتظار الجلسة التالية.

في اليوم التالي عاد فأسمعهم الكلام المعسول فتصدّى له احد الأربعون، المدعو كنديدوس الذي فضح لطفه الكاذب، فخرج الحاكم عن طوره وأعيد الأربعون إلى السجن.

ومثل الأربعون أمام ليسياس، فلما رأى ثباتهم أمر بقية الجنود بكسر أسنانهم بالحجارة، وما ان تحركوا لينفذوا الأمر حتى حلّ عليهم روح اضطراب ودبّ البلبال بينهم فأخذ بعضهم يضرب بعضا. اما ليسياس فأثار المشهد غيظه فأخذ حجرا ورمى به القدّيسين فلم يصب أيّا منهم بل أصاب الحاكم ، وتمت إعادة الشهداء إلى السجن بانتظار اتخاذ قرار.

أمر الحاكم بتجريد القدّيسين من ثيابهم وتركهم في العراء. وجعلوا على البحيرة في حرارة متدنية جدا. وحرارة الإيمان بالله كانت تدفئهم. كلهم تقوّى بالله إلا واحد خارت عزيمته فاستسلم. فلما دخل غرفة المياه الساخنة أصيب بصدمة بسبب الفرق بين حرارة جسمه وحرارة الحمام فسقط ميتاً لتوّه وخسر الدنيا وإكليل الحياة معاً. اما التسعة والثلاثون الباقون فنزلت عليهم من السماء أكاليل الظفر. ونزل أيضا إكليل إضافي لم يكن من يستقر عليه. هذا رآه عسكري اسمه أغلايوس فاستنار ضميره بالإيمان بيسوع. وللحال انضم إلى القدّيسين مجاهراً بكونه هو أيضا مسيحي.فحظي بالإكليل الأخير وبقي عدد الشهداء على ما هو عليه.

وكان أن أُحرق الشهداء ونثر رمادهم وألقيت عظامهم في النهر. وقد ورد ان عظامهم توزّعت في أمكنة عديدة وأن إكرامهم انتشر بصورة خاصة، بفضل عائلة القدّيس باسيليوس الكبير. القدّيسة أماليا، والدة القدّيس باسيليوس، بنت أول كنيسة على اسم الأربعين شهيداً. وحمل الدير الذي رأسته مكرينا أيضا اسمهم. استشهد هؤلاء القدّيسون عام 320م

الطروباريّة

+ يا رب بأوجاع القدّيسين التي تكبدوها من أجلك، تعطف واشف أوجاعنا نحن المتضرعين إليك، أيّها المحب البشر.

+ شهداؤك يا رب بجاهدهم، نالوا منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا لأنهم أحرزوا قوّتك فحطموا المغتصبين وسحقوا بأس الشياطين الّتي لا قوة لها، فبتوسلاتهم أيّها المسيح الإله خلّص نفوسنا.

GoCarch