الكويت: المشاركة في غبقة الكنيسة الإنجيلية الوطنية

June-14-2016

لبّى صاحب السيادة الميتروبوليت غطاس هزيم الجزيل الاحترام دعوة الكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت للمشاركة في الغبقة السنوية التي تقيمها الكنيسة، وحضر الغبقة عدد من السفراء والشخصيات الكويتية والاجتماعية.

وافتتح الغبقة القسيس عمانوئيل غريب راعي الكنيسة الإنجيلية بكلمة رحب فيها بالحضور شاكراً إياهم تلبية الدعوة والتي تجسّد هذه الروح الأخوية التي تجمع المسلمين والمسيحيين على أرض الكويت، بلد الأمن والأمان والسلم. وكان لصاحب السيادة في هذه الغبقة كلمة جاء فيها:

أبادركم بتحية الرب يسوع لحواريه: السلام عليكم.

بداية أشكر الأخ القس عمانوئيل على هذه اللمّة التي تنشد السلام، السلام المفقود، السلام الذي لايبنى إلا على السلام النازل من فوق من الله، وهذا قلبه المحبة التي يصفها بولس الرسول بقوله:” المحبةُ تصبرُ وتَرْفُقْ، لا تَحسد، ولا تتباهى، ولا تتكبر، لا تسيء إلى أحد، ولا تهرول وراء صالحها، ولا تحقد. المحبة لا تظن السوء في أحد، لا تفرح بالظلم، بل تفرح بالحق والإنصاف، المحبة تصفح عن كل شيء وتصبر على كل شيء، المحبة لا تزول…”. “كل شيء يزول ولكن تبقى ثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة، وأعظم هذه الثلاثة المحبة”(1كور13). والرب يسوع يلخّص الدين بقوله:” أحبب الرب إلهك من كل قلبك وقريبك كنفسك”.أليس الله كما يصفه الحواري يوحنا:” الله محبة”، فمن ليس عنده المحبة ليس عنده الله. والذي يقول إنه عنده محبة وفي الواقع عنده الكراهية فليس مؤمناً بالله ولو ذكر الاسم الإلهي مليون مرة.

وأذكر هنا حديثاً نقلاً عن السيدة عائشة:” إن الرفق لايكون في شيء إلاّ زانه، ولا يُنزع من شيء إلاّ شانَه” (رواه مسلم).

نحن نحتفل بمناسبة تلفّنا ببركة خاصة إنها صوم رمضان، والصوم كما تعلمته في الكنيسة وانطلاقاً من قول أشعياء النبي:” أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ .حينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ، وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا، وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ، وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَكَ. حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هأَنَذَا. إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسَطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالأصْبُعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ. وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْر. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ.” (58: 6- 11).

” فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ” ﴿١٩٦ البقرة﴾. ” والله على كل شيء شهيد”.أي هو الشاهد والديّان على أفعالنا.

المسيح، له المجد، إذ قيل له إن القوم جائعون يكثر الخبز والسمك حتى يأكلوا ويشبعوا وتقر نفوسهم، وأيضاً إذا جيء له بمريض أو مشلول سارع إلى منحه البرء والشفاء ماسحاً آلامه بيدٍ من رحمة ورفق “كونوا رحماء، كما أن أباكم السماوي رحمن رحيم على الناس أجمعين”. ليس لأننا مستحقين دائماً ولكن لأن الأشياء تصلنا من الله تعالى لأنه كريم ورحيم.

نرى الآن أن الثروة تتركز في أيد نسبة قليلة في العالم أو في البلدان، بينما نرى الرب يسوع يضع نفسه في الآخر الضعيف “كل ما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتم” (متى 35:20-40). وما يصرف لتدمير البشرية لو صرف منه نسبة بسيطة للمحتاجين لأطعمت كثيرين، فكل طلقة تطعم إنساناً لمدة يوم تقريباً. “أحسنوا… اقرضوا”.

الفقر والظلم يولد إرهاباً هو بالأولى سلاح الفقراء، سلاح من سلاحهم ضعيف، ويأتي رداً على إرهاب من عندهم حضارة المال.

ولكي نعطي السلام علينا أن نقتني السلام الداخلي الذي هو هدف كل التقشفات وتحول الطاقة الحيوية التي تستعملها الأهواء المدمرة للقتل إلى طاقة الحب التي تكثر الحياة، في العالم المنظور. وليس من يقابل الإرهابي إلاّ القديس الذي يحمل المحبة. علينا أن نتربى على احترام الآخر والطبيعة الصائرة اليوم إلى دمار. هذه هي مدرسة الصوم.

ومرة أخرى شكراً لك أيها الأخ الحبيب الكويتي الأصيل المتجذر محبة والمتخلق بخلق الكويتي الآتي من غابر التاريخ إلى الحاضر ليذكرنا بأن الكويت يبنى على المحبة والتسامح والأخوّة والسلام.

صلاتنا إلى الله تعالى أن يحفظ سمو أمير هذه البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله بركة علينا بخُلُقه الرفيع وإنسانيَته السامية التي يحتذى بها، وكذلك ولي عهده الأمين وجميع معاونيه، وأهل الكويت والمقيمين فيها.

صوم مثمر وشهر مبارك عليكم جميعاً.

GoCarch